أعلن الرئيس نجيب ميقاتي انه في صدد إعداد لائحته الخاصة “لخوض الانتخابات النيابية في طرابلس من اشخاص اراهم متوافقين مع ذهنية أهل طرابلس ومطالبهم، ومن نهجي واتوافق معهم”.
وقال “أنا واثق تماماً أن اهلي في طرابلس يمنحونني الثقة للقيام بما اراه مناسبا، والمناسب اليوم هو تشكيل لائحة لخوض الانتخابات على أساسها”.
وكان الرئيس ميقاتي عقد قبل ظهر اليوم مؤتمراً صحافياً في مكتبه تناول فيه موضوع الانتخابات النيابية ومشروع قانون الانتخاب الذي اقرته حكومته السابقة على اساس النسبية .
وقال: “لكم تحدث اللبنانيون عن ارادة التغيير، ولكم اشتكى الشعب اللبناني من اعادة انتاج الطبقة السياسية نفسها، وكانت العناوين الكبرى من دولية واقليمية سببا في ضرب هذا التغيير او التعديل من جهة وفي التغطية على ابقاء الوضع على ما هو عليه.
اما اليوم فلبنان ليس على جدول الاهتمامات الكبرى، لأن الكبار في المنطقة والعالم لديهم إهتمامات أكبر من لبنان في هذه اللحظة المفصلية. بهذا المعنى، بلدنا محظوظ، فلا مشروع خاصا بلبنان الا المحافظة على إستقراره.
ومن حسن حظنا أن لا أحد مكلف بضبط صراعاتنا وخلافاتنا وأمورنا، وهذا كله يعني أن هوامشنا الداخلية تتسع كما لم يحصل ذلك منذ وقت بعيد.
أضاف: هنا كلمة حق تقال: كان دولة الرئيس نبيه بري محقا عندما دعا إلى إنجاز سلة تفاهمات متكاملة، تشمل رئاسة الجمهورية والحكومة وقانون الانتخاب وسائر الأمور الاصلاحية التي نص عليها إتفاق الطائف وأبرزها إنشاء مجلس الشيوخ وإنجاز اللامركزية الادارية.
عندما إنتخبنا رئيس الجمهورية، واجهنا تحدي تشكيل الحكومة، وها نحن نواجه اليوم تحدي إنجاز قانون الانتخاب، وسنواجه غدا تحدي التعيينات الأمنية والادارية، كما الكثير من الملفات الحيوية المتصلة.بناء الدولة لم يعد يقبل التاجيل. منذ الاستقلال حتى اليوم ولبنان رهينة تسويات طائفية ودولية مؤقتة تتغير بتغير موازين القوى، دفع ويدفع معها اللبنانيون ما أصبح يهدد كيانهم.
وقال: اقول تسويات مؤقتة لانني اريد هنا استعادة بعض ما ورد في بيان العزوف عن الترشيح لانتخابات رئاسة الجمهورية الذي أصدره الرئيس الراحل فؤاد شهاب الذي يقول فيه ان احد اسباب عدم ترشحه أن قانون الانتخاب الذي وضعه في العام 1960 فات عليه الزمن وكان نتيجة تسوية مؤقتة ويجب العمل على تغييره.
أضاف: من هنا حان الوقت لنعيد بناء الدولة القوية التي نريدها. فلو كانت هناك دولة قوية، هل كان لملف النفايات أن يتسبب بما تسبب به قبل أكثر من سنة من تداعيات ما زلنا نعاني منها حتى يومنا هذا؟ لو كانت هناك دولة قوية، هل كان يمكن لملف الكهرباء أن يستنزف اللبنانيين طوال ربع قرن من الزمن، ويرتب على البلد أكثر من خمسة وعشرين مليار دولار، فيما تتراجع الكهرباء يوما بعد يوم بذرائع وأعذار واهية.
لو كانت هناك دولة قوية، هل كان علينا أن ننتظر سنوات حتى نتحمل مسؤوليتنا في إطلاق إدارة وطنية شفافة لملف النفط والغاز، فنوفر بذلك الكثيرَ من الايرادات على بلدنا الغارق في المديونية العامة وتراجع القطاعات الاقتصادية، ونضع أنفسنا على خارطة الدول النفطية ونمنع إسرائيل وغيرها من المس بثرواتنا الطبيعية.لو كانت هناك دولة قوية، هل كنا وصلنا إلى ما وصلنا إليه على صعيد إدارة قطاع المياه، خصوصا وأن لبنان لطالما سمي بخزان الشرق الأوسط المائي، وكان مرشحًا في مرحلة ما لتصدير المياه إلى الخليج واوروبا؟لو كانت هناك دولة قوية، هل كنا وصلنا إلى حد عدم إيجاد مطمر لنفاياتنا إلا في محيط المطار .
ولو كانت هناك دولة قوية ، هل يجوز أن لا نطلق ورشة تطوير مطارنا ومرافئنا البحرية، خصوصا وأن عدة فرص تلوح في الأفق، وأبرزها مشروع إعادة إعمار سوريا، وقد يخسرها لبنان إذا لم يقم بالمطلوب منه؟
أضاف : إن المشكلة الحالية في موضوع قانون الانتخاب أن غالبية من يقاربونه، يقيسون الامور بميزان مصالحهم، في الوقت الذي نعتبر فيه ان قانون الانتخاب هو المدخل لاعادة تكوين السلطة وتحفيز المواطنين مجددا خصوصا جيل الشباب على الانطلاق في ورشة التغيير والتطوير.
فانخراط الشباب في العمل العام بالنسبة الينا واجب وطني وهو اسمى وارقى من مصالح الفئات والاحزاب والتجمعات السياسية.
ولا سبيل لاشراكهم الا بقانون يتيح لهم خوض التجربة ضمن معايير وطنية واصلاحية تنسجم مع اولوية اعادة بناء المؤسسات.
فاذا نظرنا بنظرة وطنية صافية نستنتج ان بناء دولتنا يبدا من قانون الانتخاب ، وان المدخل الى كل تغيير في لبنان هو قانون الانتخاب.
من هنا وخلال تولينا رئاسة الحكومة عام 2011 كان من صلب اهتمامنا اعداد قانون جديدًا للانتخابات قبل موعد انتخابات العام 2013، وكلفنا فخامة الرئيس ميشال سليمان وانا كرئيس للحكومة، وزير الداخلية يومها مروان شربل اعداد مشروع قانون على أساس النسبية ووفق روحية اتفاق الطائف الذي تحدث عن المحافظات كدوائر انتخابية ، اي عن الدوائر الكبرى، لانه كلما اتسعت الدوائر خفت حدة الخطاب السياسي وابتعد عن الطائفية ، وكلما خضعنا للنسبية في الانتخاب إرتقى التمثيل الى مراتب افضل.
ويومها عقد الوزير شربل اجتماعات متتالية لمدة اربعة اشهر مع قانونيين واختصاصيين لوضع مشروع القانون ، وكنا على تواصل مستمر معه لمناقشة تفاصيل المشروع وادخال التعديلات الضرورية حتى اقرار في مجلس الوزراء.
مشروع قانون الانتخابات النيابية
وقال: في العودة الى محور لقائنا اليوم أقول إن تكوين السلطة في أي بلد يتعزز بأمرين: عدالة التمثيل وآلية الحكم، وفي الواقع اللبناني فان النسبية هي الافضل للمجتمع اللبناني، ولا خلاص له الا باعتمادها لعدة اسباب ابرزها ان النظام النسبي يحرر ما اصطلح على تسميتهم الاقليات من تأثير الاكثريات السياسية والمذهبية والمناطقية والمالية من جهة ويحد من نسبة الاصوات الضائعة او المهدورة، وهذا الامر يشجع مشاركة أكبر من الناخبين من جهة أخرى.
النظام النسبي يعبر عن الديموقراطية الصحيحة لاي مجتمع كان عبر تحفيز قيام قوى واحزاب وتكتلات سياسية من مرشحين من تطلعات واحدة بما يسهم في ايضاح التوجهات والبرامج السياسية في المجتمع الواحد.
المشروع المقترح من قبلنا يعتمد “النظام النسبي مع اللوائح المفتوحة المكتملة” بما يمكن الاقليات، سياسية كانت أو طائفية ، من أن تتمثل في المجلس النيابي وتأمين الشراكة في الحكم بين مختلف القوى .
وقد اعتمد “الصوت التفضيلي” (وهو في الواقع صوت “ترتيبي”) بحيث يكون للمقترع الحق بصوتين تفضيليين لمرشحين في اللائحة المختارة يكون له الاثر الاول في الترتيب النهائي للمرشحين مما يعزز من حرية الناخب في اختيار ممثليه الحقيقيين للندوة البرلمانية.
يعتمد مشروعنا كوتا الجنس الآخر على مستوى الترشيح على اللوائح، وهو ينص على اعتماد التصويت بواسطة أوراق اقتراع رسمية تضعها وزارة الداخلية والبلديات مسبقاً، وتتضمن أسماء اللوائح وأعضائها، مع صورة شمسية لكل مرشح، بما يمنع أي تلاعب بأوراق الاقتراع ويحد من الاوراق الملغاة.
ينص المشروع على إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية بما يضمن المساواة في التصويت، أي بممارسة الناخبين لحقوقهم الانتخابية بصورة متساوية امام القانون، وعلى اعتماد آلية الفرز بواسطة آلات الكومبيوتر لدى لجان القيد.
يؤمن تعزيز الشفافية والمنافسة العادلة من خلال آليات ضبط الانفاق والاعلام الانتخابيين، ويراعي أوضاع ذوي الحاجات الخاصة لتمكينهم من المشاركة في الانتخابات.
اما هيئة الاشراف على الانتخابات النيابية فتمارس مهماتها بصورة مستقلة وبالتنسيق مع وزير الداخلية والبلديات، وهي هيئة ادارية ذات صفة قضائية باعتبار ان قراراتها تقبل الطعن عن طريق الاستئناف امام مجلس شورى الدولة.
ينص على آلية تفصيلية لاقتراع اللبنانيين غير المقيمين على الاراضي اللبنانية.
تقسيم الدوائر الانتخابية
وقال: يعتمد مشروعنا تقسيم لبنان الى دوائر انتخابية متوسطة ، وكانت اللجنة التي رأسها وزير الداخلية يومها وزير مروان اعدت ست صيغ لتقسيم الدوائر الانتخابية تراوحت بين 10 و14 دائرة ، الا ان مجلس الوزراء اعد صيغة سابعة نصت على تقسيم الدوائر الى 13 دائرة .ندائي اليوم الى دولة الرئيس نبيه بري ان يعيد في مجلس النواب دراسة موضوع الدوائر
الانتخابية بما يتناسب مع روحية نص القانون المنطلقة من اتفاق الطائف ومبدأ النسبية .
واذكر هنا انه بعدما اقرينا مشروع القانون في مجلس الوزراء، تلقيت عدة اتصالات من نخب سياسية ومن احزاب سياسية ممثلة في مجلس النواب وغير ممثلة في مجلس الوزراء اثنت على مشروع القانون ، وابدت ملاحظات على تقسيم بعض الدوائر.
واعتقد انه ربما هناك ملاحظات على تقسيم معين في دائرتين او ثلاثة دوائر، والرئيس بري قادر بحكمته ان يعدل بعض ما يلزم لارضاء كل الاطراف.
ختاما أدعو كل القوى السياسية أن تضع نصب أعينها مستقبل لبنان وليس حضورنا الآني، فكلنا زائلون ويبقى لبنان عصيا عن الزوال بارادة خالقه وارادة شعبه الذي واجه كل شرذمة وكل محاولات التفتيت والتقسيم وبقي متشبثا بتعدديته ووحدته وعيشه الواحد.
أسئلة وأجوبة
وردا على اسئلة الصحافيين قال: أدعو اللجان المعنية بدراسة قانون الانتخاب الجديد الى أن تأخذ هذا المشروع بعين الاعتبار وتدرسه. وفي هذا الصدد أقول إن الكثير من السياسات التي اعتمدت في خلال حكومتنا اقتبستها الحكومات اللاحقة. وهذه خطوة حسنة ،واذا كان البعض محرجا في القول ان حكومتنا اعدت هذا المشروع فليعدلوا ما يشاؤون وليقروه، لأنه بنظرنا الافضل والأنسب للبلد وينطلق من روحية اتفاق الطائف.
هذا المشروع بات في مجلس النواب ويمكن للرئيس بري أن يطلب عقد جلسة لمناقشته، او ان يصار الى سحبه من قبل الحكومة لتعديل ما يلزم، وهذا الأمر يمكن ان يتم في اسرع وقت.
وردا على سؤال عن تحفظات اللقاء الديموقراطي والحزب التقدمي الاشتراكي على المشروع عند اقراره في الحكومة التي رأسها قال: في المشروع النهائي الذي اعدته حكومتنا اتفقنا على دمج الشوف وعاليه في دائرة واحدة ، فخفت تحفظات “اللقاء الديموقراطي” الذي كان ممثلا في الحكومة لكنه سجل تحفظا على مبدأ النسبية.
من هنا اقول لكل معترض وخاصة وليد بك جنبلاط، الحزب التقدمي الاشتراكي هو على مدى الوطن، ولا يجوز النظر في الموضوع من زاوية منطقة معينة واذا كنا سنربح فيها او نخسر. الكل يربح عندما يتحدث بلغة وطنية ، وقد ظهر الحزب التقدمي الاشتراكي في مؤتمره الاخير أنه يضم ممثلين من كل لبنان،وبالتالي يمكنه المشاركة في الانتخابات على مدى لبنان ، وليس في دائرة واحدة ،ويمكنه ايضا ان يكون له مؤيدون ونواب في كل مكان .
وردا على سؤال عن الحاجة الى تأجيل الانتخابات في حال اعتمد هذا المشروع او مشروع آخر من روحيته أجاب :لا ضرورة في هذه الحالة لتأجيل الانتخابات أكثر من ثلاثة اشهر، لأن الشق المتعلق بالناخبين ليس معقدا، فالمسألة اساسها وجود لوائح مكتملة تتنافس في ما بينها ، وعلى الناخب ان يختار واحدة من اللوائح ويحدد ضمن اللائحة اسمين تفضيليين او اكثر او اقل ، وفق ما يحدده نص القانون المعتمد. وطالما وزارة الداخلية هي التي ستعد اللوائح الانتخابية وفق برمجة الكترونية محددة ، تصبح عملية الفرز مهمة تقنية واضحة تناط بلجان القيد عبر الكومبيوتر، وبالتالي لا مجال فيها لأي غش.
سئل عن شكل تحالفاته الانتخابية في طرابلس فاجاب : انا شخصيا في صدد اعداد لائحتي الخاصة، من اشخاص أراهم متوافقين مع ذهنية أهل طرابلس ومطالبهم ، ومن نهجي واتوافق معهم.
وعن خطوته اللاحقة لدعم اقرار مشروعه قال :لقد قمت باتصالات غير معلنة للتحفيز على هذا المشروع خصوصا اذا كانت هناك نية للحل وليس لادخال البلد في ازمة جديدة. وفي آخر لقاء صحافي عقدته قبل اسبوعين قلت انني اخشى من ان يكون البلد قادما على مواجهة، واشرت الى انه في حال الرغبة في تفادي المواجهة، فمشروع القانون هو افضل الموجود والأنسب، تمهيدا للعمل على استكمال تنفيذ اتفاق الطائف لا سيما في ما يتعلق بانشاء مجلس الشيوخ. وان شاء الله في المرات المقبلة ، ننتخب مجلس النواب على أساس غير طائفي.
وردا على سؤال قال: لسوء الحظ فان النقاش الدائر حاليا في اللجنة التي تناقش موضوع قانون الانتخاب ينطلق من حسابات الربح والخسارة الشخصية، فيما المطلوب هو البحث في ما هو مطلوب للبنان ولتأمين اكبر مشاركة في هذه الانتخابات.
سئل: يُحكى حاليا عن نية لاعادة جمع الرئيس سعد الحريري واللواء اشرف ريفي. فاذا تدخلت المملكة العربية السعودية ، كما المرة الماضية ، ودعت الى لائحة ائتلافية في طرابلس، ماذا سيكون عليه موقفكم ؟
أجاب: في الوقت الحاضر انا واثق تماما أن اهلي في طرابلس يمنحونني الثقة للقيام بما اراه مناسبا. والمناسب اليوم هو تشكيل لائحة لخوض الانتخابات على أساسها.