أوضحت مصادر مقربة من تيار “المستقبل” لصحيفة “الحياة” رداً على سؤال عما أشيع حول استعداده للبحث في قانون حكومة رئيس الحكومة الاسبق نجيب ميقاتي (تقسيم لبنان إلى 13 دائرة على النظام النسبي) أن “هذا المشروع يقول بالنسبية الكاملة التي نرفضها ونتمسك بصيغة المختلط بين النظامين النسبي والأكثري”، مشيرة الى أن “المستقبل” أبدى استعداده لمناقشة المشروع مثل الأفكار الأخرى التي طرحت عليه من أجل تفنيدها وعرض سيئاتها، لإقناع من نتحاور معهم بأن المختلط أفضل من مشروع ميقاتي، مع ضرورة الأخذ بهواجس “اللقاء النيابي الديمقراطي” والنائب وليد جنبلاط”.
وأكدت المصادر أننا “نأخذ بهواجس جنبلاط ونتمسك بأن نراعيها لأننا حين وافقنا على استبعاد قانون الستين فعلنا ذلك لأننا نأخذ بهواجس الفرقاء المسيحيين الذين يرفضونه بحجة أنه لا يؤمن صحة التمثيل المسيحي. ونحن بهذا المعنى نأخذ بهواجس الجميع فليس جنبلاط وحده لديه هواجس من قانون الانتخاب بل إن المسيحيين ونحن أيضاً وغيرنا لدينا هواجس ونحن لن نخسر حلفاءنا”.
هذا وتوقعت مصادر وزارية بعضها مقرب من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون “إنجاز قانون الانتخاب قريباً”، معتبرة أن “إنجاز الموازنة قد يأخذ وقتاً أكثر لأسباب تقنية ولإشباعها درساً وتمحيصاً أكثر من أجل التدقيق في أرقامها وخصوصاً الواردات فيها”.
لكن مصادر وزارية أخرى معنية بقانون الانتخاب لفتت لـ”الحياة” الى أنها تشك “في إمكان الاتفاق على قانون الانتخاب، نظراً إلى أن المواقف متباعدة بين من يطالب باعتماد النظام النسبي كاملاً، ومن يدعو إلى اعتمادها جزئياً في قانون مختلط يوزع المقاعد النيابية على النظامين الأكثري والنسبي ومن يطالب بالإبقاء على النظام الأكثري كما هو قانون الستين”.
وتشترك أوساط عدة في رسم 3 سيناريوات حول النتائج المنتظرة من مرحلة شد الحبال واللعب على حافة الهاوية في شأن قانون الانتخاب بالقول إن السيناريو الأول الذي يقضي بأن تذهب البلاد إلى تأزم نتيجة رفض رئيس الجمهورية التوقيع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة في 21 الحالي وفق قانون الستين الساري المفعول، وتشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات وتخصيص الاعتمادات المالية اللازمة لتنظيم الاقتراع، استبعد على الأرجح. فهذا السيناريو يؤدي إلى تعذر إجراء الانتخابات ويقود إلى الفراغ النيابي الذي كان عون لوح به إذا كان الخيار بين “الستين” وبين التمديد للبرلمان الحالي.
لكن مصادر متعددة أوضحت لـ”الحياة” أن هذا السيناريو تراجع بعد أن تفاهم رئيس الحكومة سعد الحريري مع عون على أن بلوغ الأزمة هذا الحد لن يكون في مصلحة العهد والمحاولات التي يبذلها كلاهما بالاستناد إلى الاستقرار الموعود الذي أطلقه انتخابه للرئاسة وإنهاء الفراغ الرئاسي من أجل جذب المساعدات والاستثمارات للبلد”.
ولفتت مصادر سياسية متعددة لـ”الحياة” الى أن سبباً آخر لاستبعاد سيناريو التأزيم هذا، هو أن سفراء الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي وبعض السفراء والمسؤولين العرب بمن فيهم وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان حذروا، كل على طريقته، من أن الوقوع في الفراغ مرة أخرى سينعكس سلباً على النظرة الإيجابية التي أعقبت انتخاب الرئيس عون وأنه لا تجوز العودة إلى لعبة الفراغ التي اعتمدت سابقاً من أجل تبوؤ عون الرئاسة، فيقع البلد فيه مجدداً بعد انتخابه، في شكل يوحي بأن تبوأه المسؤولية لم يحل المشكلة”.
وأشارت الى إن بعض السفراء لمّح إلى أن المساعي المبذولة لمساعدة لبنان على تخطي أزمته الاقتصادية ستتأثر سلباً في حال الفراغ النيابي، خصوصاً أنه سيسبب عودة إلى التشنجات في البلد. وهذا ما دفع هؤلاء السفراء جميعاً إلى إصدار بيانات تباعاً تشدد على إجراء الانتخابات في موعدها”. هذا فضلاً عن أن مصادر وزارية عدة أكدت لـ”الحياة” أن “حزب الله” أبلغ رئيس الجمهورية أن الفراغ في السلطة التشريعية مغامرة كبرى لا سيما أنها تقضي على فرصة إنتاج قانون انتخاب جديد ولو متأخراً، طالما أنه يستحيل أن يرى النور من دون إقراره من قبل النواب الحاليين”.
أما السيناريو الثاني، فهو أن يمتنع الرئيس عون عن التوقيع على المراسيم المطلوب صدورها ضمن المهلة القانونية، لكن أن يتم التوصل إلى صيغة وسطية لقانون الانتخاب قبل نهاية ولاية البرلمان، بحيث يلتئم لإقراره ثم أن يلجأ إما إلى تقصير مهل إجراء الانتخابات إذا كانت المدة المتبقية قبل انتهاء ولايته كافية، لاستكمال الإجراءات القانونية لعملية الاقتراع، أو أن يلجأ إلى ما يسمى “التمديد التقني” للبرلمان بفعل الحاجة إلى التأقلم مع القانون الجديد.
أما السيناريو الثالث فهو، وفق معنيين بالتفاوض على القانون، التوصل إلى تسوية على القانون قبل آخر الشهر، حيث يتم استدراك مسألة المهل التي تفرض على وزير الداخلية دعوة الهيئات الناخبة استناداً إلى القانون الحالي. ويراهن أصحاب هذا السيناريو على أن يكون كل الفرقاء استنفدوا لعبة إيصال الأمور إلى حافة الهاوية، ورفع السقوف قبل التفاوض الجدي. وثمة من يعتقد أنه حتى تلويح عون بالفراغ كان في هذا الإطار.