أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن “وحدة الفلسطينيين تبقى الأساس”، ودعا الى “تحقيق الاجماع حول فلسطين، إذ إن على القاصي والداني ان يعرف ان اطفاء النيران المشتعلة في الشرق يبدأ من فلسطين وينتهي بها”.
وتوجه الى الادارة الاميركية بالقول “ان مجرد التلاعب بالالفاظ والاشارة الى نقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس أمر يشجع اسرائيل على اتخاذ المزيد من القرارات الاستباقية لنسف السلام واشعال الشرق الاوسط”، داعيا الى “استعداد عربي وإسلامي لمثل تلك الخطوة”.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها بري في افتتاح اعمال المؤتمر السادس لدعم الشعب الفلسطيني صباح اليوم في قصر المؤتمرات في طهران، في حضور عدد من رؤساء المجالس والبرلمانات وقادة الفصائل الفلسطينية وممثليها ووفود حزبية مشاركة.
وافتتح المؤتمر مرشد الثورة الاسلامية السيد علي خامنئي في حضور الرئيس الايراني حسن روحاني ورئيس مجلس الشورى الدكتور علي لاريجاني.
وأكد خامنئي في كلمته “ان منطقتنا التي طالما كانت دعامة لشعب فلسطين في كفاحه ضد مؤامرة عالمية تعيش هذه الايام اضطرابات وازمات متعددة.
لقد أدت الازمات التي تعيشها بلدان اسلامية عدة في المنطقة الى تهميش موضوع القضية الفلسطينية”.
وقال: “إن المقاومة وفلسطين أسمى وأهم من أن تنشغل هذه المقاومة بالخلافات التي تحدث بين البلدان الاسلامية والعربية او بالخلافات الداخلية للبلدان.
ان موقفنا تجاه المقاومة مبدئي ولا علاقة له بجماعة معينة. أي جماعة تصمد في هذا الدرب نحن نواكبها، وأي جماعة تخرج عن هذا المسار ستبعد عنا، وان عمق علاقتنا بجماعات المقاومة الاسلامية لا يرتبط إلا بدرجة التزامهم مبدأ المقاومة”.
بري
وقال بري في كلمته: “بداية أتوجه بالتحية الى القيادة والشعب الايراني لمناسبة الذكرى الثامنة والثلاثين لانتصار الثورة الاسلامية المباركة في بلدكم العزيز بقيادة الامام الخميني العظيم، وهي الثورة المنتصرة لحقوق الشعوب وللعدالة الانسانية.
كما أتوجه بالشكر الى سماحة الامام القائد السيد علي خامنئي مرشد الثورة الاسلامية الايرانية على رعايته أعمال هذا المؤتمر وافتتاحه، وأشكر أخي وصديقي الدكتور علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى والمجلس على الدعوة (معا لدعم فلسطين).
إن انعقاد هذا المؤتمر يشكل إعلان قيامة من أجل فلسطين في مواجهة حرب التطهير العرقي الاسرائيلية الثانية لفلسطين من شعبها وجعلها أرضا بلا شعب لمستوطنين بلا أرض.
إن تنفيذ هذا المخطط يقع في مئوية سايكس بيكو ومئوية ووعد بلفور بإنشاء وطن قومي يهودي على ارض فلسطين ومرور سبعين عاما على تقسيم فلسطين والذكرى الخمسين لاستكمال اسرائيل احتلال كامل ارض فلسطين التاريخية عام 1967 وعاصمتها القدس وتدنيس المقدسات الاسلامية والمسيحية، خصوصا كنيسة القيامة والمسجد الاقصى الذي يتعرض لمخطط التقسيم المكاني والزماني.
إن هذا المؤتمر مناسبة لتجديد الشكر للجمهورية الاسلامية على دعم لبنان ومقاومته لتحرير أجزاء غالية من أرضه من الاحتلال الاسرائيلي واستمرار تعاضد المثلث الذهبي المتمثل بالجيش والشعب والمقاومة حتى استكمال تحرير أرضنا وإجبار اسرائيل على تنفيذ كامل القرار 1701 وجعل مقاومتنا انموذجا لكسر حالة الخوف والهلع من اسرائيل وهزيمة جيشها وشكر الجمهورية باسم الاتحاد البرلماني العربي على انحيازها المتواصل للشعب الفلسطيني من أجل تحقيق أمانيه الوطنية”.
أضاف: “إن حالة الضعف والتفكك الراهن تهدد بانتقال اقطارنا من (تحت الدلفة الى تحت المزراب كما يقولون، اي من الوقائع التي ترسمت عبر اتفاقية سايكس-بيكو ووعد بلفور كنتيجة للحرب الكونية الثانية الى ما هو أدهى وامر واخطر عبر المخطط الذي يضغط على شعوبنا بعنوان “الشرق الاوسط الكبير او الجديد” واستراتيجيته للفوضى البناءة.
وبالعودة الى صلب أعمال هذا المؤتمر أوجه عنايتكم الى أن القرارات الاستيطانية الرسمية الاسرائيلية المتصاعدة والتي اقرت خلالها حكومة العدو بناء ثمانية الآف وثمانمئة وست وحدات استيطانية خلال الشهر الاول من العام الجديد هي تعبير عن أعلى درجات أرهاب الدولة والاستخفاف بالرأي العام الدولي ومنظمات الامم المتحدة، خصوصا مجلس الامن الدولي والقرار رقم 2334.
إن نشر الاستيطان على هذا المدى المفتوح ليس قرارات توسعية احتلالية فحسب بل هو إعلان حرب ومحاولة متجددة لترسيخ يهودية كيان العدو.
وآخر ما تفتقت عنه عبقريات المحتل الاسرائيلي وصلفه إقرار قانون يعطي الحق بمصادرة الملكية واستخدام الاراضي الفلسطينية، والمضحك المبكي كذلك امتحان سياسات الادارة الاميركية الجديدة عبر سن تشريع لتنظيم الوضع القانوني لبعض المستوطنات.
في هذا المجال ليس هناك خلاف اسرائيلي – اسرائيلي على اقرار مثل تلك التشريعات بالقراءة الاخيرة، وانما على توقيت اقرارها، ومن الضفة الى القطاع فإن اسرائيل تسعى اليوم تحت ضغط كرة النار الجوية على قطاع غزة الى كسب الوقت لتطوير اتفاق الهدنة وليس رفع الحصار عن القطاع وتحسين الوضع الاقتصادي”.
ورأى أن “ما يجري هو حرب بالجملة وبجميع الوسائل من أجل إحراج الفلسطينيين واخراجهم او قتلهم تحت شعار شريعة قتل الاغيار، عبر وضعهم امام خيارات اشعيا الثلاثة: الانتحار أو الفرار او الاستسلام، وبالتالي ترسيخ يهودية الكيان وعاصمته القدس.
إننا من أجل حسم خياراتنا يجب ان نقتنع بأن احدا في اسرائيل لا يريد حلا سياسيا يفضي الى الامن على أساس الدولتين، والممارسات الاحتلالية الاسرائيلية اليومية تؤشر الى ذلك.
لذلك نقول للادارة الاميركية إن مجرد التلاعب بالالفاظ والاشارة الى نقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس أمر يشجع اسرائيل على اتخاذ المزيد من القرارات الاستباقية لنسف السلام وإشعال الشرق الاوسط”.
ودعا الى “استعداد عربي-إسلامي لمواجهة مثل تلك الخطوة إذا وقعت رسمياً، برد يتمثل بإغلاق السفارات في واشنطن، إذ إن سفاراتنا اساسا لا تفعل شيئا سوى تلقي الاملاءات التي تناسب السياسات والمصالح الاميركية.
كما أنه يجب ملاحظة استجابة الاتحاد الاوروبي في هذه اللحظة السياسية لضغوط اسرائيلية بعدم دفع رواتب الموظفين في قطاع غزة للعام المالي الحالي، بما يعني ان الاتحاد بدأ يسلك سياسة مالية جديدة في محاولة لتوسيع الشرخ في العلاقة بين المكونات الفلسطينية في غزة والضفة”.
وتابع: “ليس الاستيطان وحده ما يضغط على الشعب الفلسطيني المهدد بحقه في الحياة، بل كذلك:
اولا: عمليات التصفية والقتل الممنهج التي تستهدف شاباته وشبانه بالاعدام تحت حجة نيتهم القيام بعمليات دهس او طعن.
ثانيا: أوامر هدم اربعة الاف منزل في الارض المحتلة واصدار سلطات الاحتلال اوامر بهدم ثلاثة الاف وسبعماية منزل في القدس المحتلة نفسها مما اسفر ويسفر عن تشريد الاف العائلات خارج منازلها.
ثالثا: عمليات الاعتقال التي تطاول اليوم عشرة الاف اسير فلسطيني بينهم اربعمئة طفل.
ان من بين الاسرى والمعتقلين اكثر من 39 وزيرا ونائبا، وهو الامر الذي ندعو الاتحاد البرلماني الدولي الى تحريك لجانه المختصة من أجل متابعة اوضاعهم.
رابعا: احتجاز جثامين أكثر من مئتي شهيد وشهيدة في مقابر الارقام.
خامسا: عمليات اقتلاع المزروعات وتجريف الاراضي.
سادسا: وضع اليد على مصادر مياه الشفة والري.
هذه بعض صور المشهد الفلسطيني، واقول: لقد آن الاوان ان لا نبقى نجتمع من اجل الاجتماع ولرفع العتب واعتبار اننا ادينا قسطنا للعلى.
آن الاوان لنبعث الروح في قراراتنا وتوصياتنا لنوقف المجاملات وعمليات حرق الوقت دون طائل. لقد آن لنا ان نجتمع وان نحقق الاجماع حول فلسطين اذ ان على القاصي والداني ان يعرف ان اطفاء النيران المشتعلة في الشرق الاوسط يبدأ من فلسطين وينتهي بها.
اقول لكم قول الخبير العارف ومن موقع فلسطين والاحساس بفلسطين، إن أولى التوصيات والقرارات التي ندعو الى تحقيقها فلسطينيا هي الوحدة الوطنية الفلسطينية، وكل ما عدا ذلك لن يكون ذا قيمة دون الوحدة التي تتطلب تنازلات من جميع الفصائل.
انني اوجه التحية الى تعبيرات الوحدة التي تجلت في اجتماع بيروت الذي عقدته اللجنة التحضيرية لاجتماع المجلس الوطني الفلسطيني والذي كان نقطة بارزة اسست لالتزام الدعوة لعقد المجلس الوطني الفلسطيني الذي يضم القوى الفلسطينية، وفقا لإعلان القاهرة في آذار 2005 واتفاق المصالحة في أيار 2011، وكذلك تنفيذ اتفاقات وتفاهمات المصالحة كافة بدءا بتشكيل حكومة وحدة وطنية نتطلع الى أن تمارس صلاحياتها في جميع أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية بما فيها القدس وفقا للقانون الاساسي والقيام بسائر المهام الموكلة اليها بوجب اتفاقيات المصالحة بما في ذلك توحيد المؤسسات واستكمال اعمار قطاع غزة الذي دمرته حروب اسرائيل والعمل الحثيث من اجل اجراء الانتخابات للرئاسة والمجلسين التشريعي والوطني”.
وتوجه بالتحية الى “الجهود الروسية التي جمعت الفصائل الفلسطينية للمرة الثانية والتي جددت تأكيد تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية. كما اني اتوجه بالتحية والتقدير الى الجهود المصرية المبذولة والملاحظة لتوحيد الصف الفلسطيني، واتوجه بالتحية الى الجزائر التي لم توقف مساعيها لإعادة تشكيل الموقف الفلسطيني الموحد.
كما انني اتمنى النجاح لهذا المؤتمر، ومجرد انعقاده بوجود الجميع هو نجاح، وأتمنى ان تكون لحظة تأسيسية لتجديد مقاومة وممانعة الشعب الفلسطيني مسلحا بالوحدة.
اننا اسلاميا، اقليميا وعربيا، ندعو الى إعادة بناء الثقة في علاقات الجوار الاسلامية – العربية وتأكيد افشال مخططات الفتنة العرقية والمذهبية ودعم التوجهات لتوقيع حلول سياسية لمشكلات المنطقة ووقف عملية انتحار النظامين العربي والاسلامي وتوحيد الطاقات والامكانات خلف الشعب الفلسطيني”.
وختم: “إنني من على منصة مؤتمر “معا من أجل فلسطين”، ومن طهران عاصمة الجمهورية الاسلامية الايرانية اتوجه بتحية التقدير والاحترام للدور الذي تقوم به الجمهورية الاسلامية من اجل فلسطين وشعبها وهو الامر الذي كلفها ويكلفها الاثمان العالية في سبيل نصرة شعب فلسطين المظلوم ورد الظلم.
اتعلمون لماذا استهداف ايران؟ لدعمها فلسطين ونقطة على السطر.
يبقى في النتيجة الاتكال على ضمير الفلسطينيين وصدقهم في السعي لانجاز وحدتهم وفي تأكيد انتمائهم الى مشروع فلسطين اولا وثانيا وأحد عشر كوكبا”.
اقول ان فلسطين توحد والابتعاد عنها يفرق.
عاشت فلسطين.
عاشت جمهورية ايران الاسلامية”.