بكلِ أمانة وصدق وإخلاص ومحبة، نريد لعهد عون – الحريري أن ينجحَ، ونريدُ لهذا الشعب أن يشعر بهيبةِ العهد وحزم الحكومة، وهذا لا يتحقَّق إلا بسلطة فوق الجميع، وبقانون على الجميع، وبموازنة تأخذ من الجميع لتعطي الجميع.
ولنبدأ من الآخرِ، كيف تكون الموازنة إنقاذية؟
لتسهيل الأمر، يشبه البلد شخصاً مريضاً أو تعرَّض لحادث خطير، فكيف يتمُّ التعاطي معه لإنقاذ حياته؟
بدايةً، يتم إيصاله إلى الطوارئ لإنعاشه وإبقائه على قيد الحياة، ثم يحوَّلُ إلى غرفة العناية الفائقة لإعداده لإجراء الجراحة له، ثم يتم إدخاله إلى غرفة العمليات، وبعد إجراء العملية يخضع للمراقبة لئلا يتعرَّض لانتكاسة، ثم يُمضي فترة نقاهة في مرحلة التعافي.
إذا سارت الأمور بغير هذا الترتيب، فهناك خطرٌ على حياة المريض.
الأمر ذاتُه ينطبق على الأوطان والدول وبينها لبنان.
لبنان اليوم في حالٍ من النزف الدائم، لكنه ليس في الطوارئ وليس هناك تحضير لغرفة العناية الفائقة، والأطباء غير جاهزين للجراحة، وبالتالي فإنَّ الخطر ما زال قائماً على حياة البلد.
والسؤال:
كيف نُبعدُ شبح الخطر عن البلد؟
بدايةً، لا بدَّ من التشخيص الصحيح. التشخيص يقول إنَّ البلد ليس على ما يُرام، والمطلوب إنعاشه بالأوكسيجين، والأوكسيجين هنا هو المال الذي يجب ضخُّه في الموازنة، فمن أين نأتي به؟
إذا لم يكن متوافراً، فعلى الأقل لماذا لا نوفِّر ما هو متوافر؟
بمعنى آخر، هناك أمورٌ في الإدارات والوزارات والمؤسسات، تنطبق عليها صفة الإلحاح، ولا إمكانية لتأجيل الصرف عليها، لكن هناك أموراً تستطيع الإنتظارَ، فالموجود في غرفة العناية الفائقة لا يحتاج إلى عملية تجميل بل إلى عملية إنعاش، فما هي الملفات التي تحتاج إلى إنعاش؟
وما هي الملفات التي تنتظر لأنَّه تنطبق عليها صفة “التجميل”؟
هنا يبدأ وضع الأصبع على الجرح لوقف النزف:
بدايةً، ما حاجتكم إلى ستة سجون؟
رمموا واستصلحوا ما هو موجود، فتوفّرون على خزينة الدولة ما يقارب النصف مليار دولار.
إنَّ وجود نصف مليار دولار اليوم في الخزينة هو أجدى من صرفها على بناء ستة سجون.
هذا وفرٌ أول، أما الوفر الثاني فيتمثَّل في خفض المقرات والمباني التي يتم استئجارها لمصلحة الدولة بمئات آلاف الدولارات:
أَنهوا عقود الإيجارات للمباني التي لا حاجة لكم بها، وضعوا الأموال المخصصة لها في مشاريع مجدية، معظم هذه الإيجارات هي “تنفيعة” لمالِكي الأبنية، فلماذا لا يتم وضعها في أمكنة وأبنية تملكها الدولة؟
إذا أُنجز هذا الأمر فإنَّ بالإمكان تحقيق وفرٍ يقارب المليار دولار كبدل إيجارات تُدفَع من خزينة الدولة، وبهذا الوفر يمكن الإستعاضة عن فرض سلة الضرائب التي تصل إلى قرابة الثلاثين ضريبة، ومن أبرزها:
رفع الضريبة على استيراد مادة المازوت 4 في المئة عما هي عليه اليوم (والمِستَوْرِدُ سيستوفي زيادة الأربعة في المئة من المستهلك). ضريبة 15% على أرباح التفرغ على العقارات.
رفع معدل الضريبة على القيمة المضافة إلى 11% (وهذه الإضافة سيستوفيها التاجر من المستهلِكِ مباشرة).
إذاً، معظم الضرائب الجديدة ستُستوفى مباشرة من المواطن وتحديداً من الطبقتين الفقيرة والمتوسطة، فماذا عن هاتين الطبقتين؟
وماذا عن طبقة الأغنياء، أصحاب الثروات بين مئات الملايين والمليارات؟
وللبحث صلة…
الهام سعيد فريحه