بعدما أضأنا على واقع أئمة القرى و المساجد لدى الشيعة في لبنان أضحى لزاماً علينا الحديث عن أوقاف الطائفة الإسلامية الشيعية، و ما يعتريها من تفلت و تسيب، لارتباط الأمرين ببعضهما البعض، و لعدم انفكاكهما.
حيث إن هيمنة قوى الأمر الواقع على الممتلكات العامة، و أوقاف الطائفة، ظاهرة فاقعة لم يعد من المقبول استمرارها نهائيا.
نصت المادة ٤٠ من النظام الداخلي للمجلس الشيعي على جملة مهام تناط ب(اللجنة العامة للأوقاف)، بغية إدارتها، و حفظها، و تنميتها، و هذا الأمر غير متوفر إطلاقًا.
و إيجازاً لواقع الحال نقف عند نقاط ثلاث :
أولاً : ما يتصل بعدم ضبط إدارة الأوقاف، حيث سيطرت قوى أمر واقع متعددة على إدارة هذه الأوقاف، في حين المفترض خضوع الأوقاف لإدارة المجلس الشيعي بشكل يحافظ على حقوق أبناء الطائفة كافة.
ثانياً : عدم تسجيل الأوقاف كافة على اسم أوقاف الطائفة، كما هو اللازم، حيث هيمنة قوى سياسية على الكثير من ممتلكات الأوقاف، و هناك العديد من النماذج لعقارات سجلت بأسماء جمعيات و أحزاب و أشخاص!! في الوقت الذي كان يفترض أن تسجل على اسم الأوقاف الإسلامية الجعفرية، و يمكن لأي متتبع ملاحظة ظاهرة اختلاس الأوقاف في قرى و بلدات عديدة !
ثالثاً : عدم استثمار أوقاف الطائفة، و تاليا ضياع منافع كثيرة جدا، و تفويت هذه المنافع يضر بالطائفة ضررا بالغا، على اعتبار أن العائدات التي كان يمكن الإستحصال عليها تشكل مبالغ باهظة!!
و ممتلكات الأوقاف ذات أهمية عالية، مع العلم انه لا توجد خطة لتطوير واقع الأوقاف، و مع ذلك يمتلك المجلس الشيعي في وقتنا الراهن : مستشفى الزهراء الجامعي في الجناح، و الجامعة الإسلامية في خلدة، و فروعها في المناطق، و أرض نادي الغولف- الأوزاعي، إلى الألوف من المباني و الشقق و المحلات و العقارات، على امتداد انتشار الشيعة في لبنان، من جنوبه إلى شماله و ما بينهما..
هذا، و لا نريد فتح ملف البيوعات التي حصلت بالأوقاف، و ما نتج عنها من خسائر هائلة، كما لا نريد التوسع في التنفيعات التي تحصل في هذا الإطار، حيث يتم تأجير الأوقاف بأثمان زهيدة جيدا للمقربين، مع وجود أوقاف مستأجرة لكن دون استيفاء مستحقاتها، ناهيك عن هيمنة الكثير من مراكز القوى المناطقية على الأوقاف العامة!
و لو أن المجلس الشيعي قام بدوره في ضبط عائدات أوقاف الطائفة لكان بالإمكان إنشاء مشاريع للطائفة، و تخصيص جزء للمعوزين و الأيتام و الفقراء، و لكنا أنهينا أزمة علماء الدين الشيعة، عبر تأمين رواتب شهرية لكل العلماء الدين الشيعة دون استثناء، بصورة تنهي حاجتهم للإستجداء من قوى و تنظيمات سياسية!!! بدل أن يبقى المجلس الشيعي لا يهتم ماليا إلا بالقلة القليلة من علماء الطائفة فقط!!
معيب بالطائفة الإستمرار بهذا الواقع، و ينبغي الإتجاه بخطوة تمثل نقلة نوعية في جسم علماء الدين اللبنانيين الشيعة.
أخيراً، يجب أن تعمد إدارة المجلس، أو ما تبقى منها، لتشكيل هيئة لإدارة الأوقاف، من العلماء الفضلاء المعروفين بالتقوى و الورع، لضبط أموال الطائفة و ممتلكاتها و أوقافها، و إنهاء الإشكالية الحالية حول ما يسمى ب (الأمانة العامة للأوقاف) التي لم تلد بشكل قانوني، و ما زالت متهمة بفقدان شرعيتها، علما أنه من ناحية مبدئية ينبغي أن يتولى هذا الموقع شخص مستقل، و هذا ما لا يتوفر حالياً، حيث يتولى الملف شخص منظم حزبياً بإحدى الحركات السياسية.
الشيخ محمد علي الحاج العاملي