ورشةُ الإصلاح بين التخطيط … والتخبّط (1)

كم هي كبيرةٌ “ورشةُ البلد” التي بوشِر فيها، والتي ستأتي تباعاً، والتي قد لا تنتهي بأسابيع ولا حتى بشهور بل بسنوات، لأن البلدَ يحتاج إلى كل شيء.

عناوينُ الورشة أكثر من أنْ تُحصى، وهي ستبقى على طاولاتِ المسؤولين لأنها تطاول يومياتَ اللبنانيين في همومهم وهواجسهم ومشاكلهم.

والورشة كالبناء، تبدأُ من الأساسات لتتدرَّج صعوداً، واليوم ما زالت الورشةُ تحت الأرض وفي مرحلة الأساسات، كما في مرحلة التشاور، لأن المهندسين كُثر وهُم يحاولون ألا يكونوا كالطبَّاخين الذين يفسدون الطبخة من كثرة تدخُّلهم فيها، أو على الأقل عدم التنسيق في ما بينهم.

وصعوبةُ الورشة أنَّ البلدَ يحتاج إلى كل شيء:

من الماءِ، إلى الكهرباء، إلى تحسينِ خدمة الهاتف الخليوي، إلى سد النقص في الحاجةِ إلى الهاتف الثابت، إلى إيجاد معالجة جذرية لمعضلةِ النفايات، إلى التفاهم مع المنظمات الدولية من أجل متابعة ملف النازحين السوريين، إلى قضية تلزيمات استخراج الغاز من البحر، إلى مسألة ملء الشغور في المواقعِ العسكرية والأمنية والدبلوماسية والإدارية والمالية.

أسئلةٌ كثيرة تُطرَح على أبواب البدء بالورشة:

من أينَ ستتم البداية؟

مَن سيتولى المباشرة بها؟

هل هي الحكومة أم “فريق العمل” لهذا المسؤول أو ذاك؟

هل هي المؤسساتُ المتمثلة في السلطة التنفيذية لمجلس الوزراء؟

أم مكوِّنات رديفة تطبخ القرارات وتضعها جاهزة على طاولة السلطة التنفيذية؟

البداية من الملفات الأكثر إيلاماً:

كيف سيتم التعاطي مع هذه الورشة في ظلِّ التراجع المخيف في توفير التيار، وهذا ليس تجنياً بل هو حقيقةٌ، فكهرباء لبنان ترزح تحت عجزٍ يقدر بـ 2100 مليار ليرة، وهي نسبةٌ تشكل نحو 27 في المئة من عجز الموازنة العامة لهذه السنة، أي أنَّ ربع عجز الموازنة سببه الكهرباء.
أكثر من ذلك فإنَّ الدولةَ هي الجهة الخاسرة دوماً:

تبيع انتاجها بأقل من الكلفةِ، وكلما انتجت أكثر كلما خسرت أكثر، وحتى البيع بأقل من الكلفة غير مثالي، فنسبة الهدرِ في التيار عالية جداً بين “التعليق على الشبكة” وضياع

الكثير مما يتم توليده، بين محطاتِ التوليد ومحطاتِ التحويل بسبب قِدَم الشبكة.

كيف ستتمُ مواجهة معضلة الكهرباء؟

هذا بندٌ أول في الورشة الإصلاحية والتحدي الأول، وقد يكون الوزير جبران باسيل هو الرافعة الإصلاحية لهذا البندِ، لأنَّه سبق أنْ تولى وزارة الطاقة، وحضوره في هذا الملف يبدو ضرورياً وحيوياً.

البند الثاني في الورشةِ الإصلاحية قد يكونُ الهاتف بنوعَيْه:

الخليوي والثابت.

خدماتُ الخليوي متراجعة كثيراً، وخدمات الخطوط الثابتة لا تلبي حاجة السوق، فكيفَ سيتم تطويرُ هذا القطاع المزدوِج؟

هل من خلال ما هو موجودٌ، أم من خلالِ خلقِ شركات جديدة؟

هنا أيضاً قد يكون الوزير جبران باسيل ملماً بالملف أكثر من غيره، خصوصاً انّه تولى لفترةٍ وزارة الإتصالات، كما أنَّ وزيرين من التيار وفريق العماد عون توليا حقيبة الإتصالات وهما شربل نحاس ونقولا الصحناوي، ويعرفان قضية الخليوي والثابت، وما هي المشاريع المطروحة (وللبحث صلة في شأنها).

لكنَّ المؤكدَ انَّ هذه الورشة يجب أنْ تبدأ، لأنَّ خدمات الخليوي والإنترنت تراجعت بشكلٍ مخيف.

الورشةُ بدأت وملفاتها تُفتَحُ تباعاً، والمهم في هذه الورشة أنْ يكونَ التخطيط هو العنوان، لا التخبُّط.

الهام سعيد فريحه

اخترنا لك