من أسوأ ما يجري في ساحة النجمة بالنسبة إلى موضوع سلسلة الرتب والرواتب والزيادات، أنَّ بعض الحريصين على البلد من أصحاب الضمائر الحيَّة، قلوبهم على “الصناديق الفارغة” في خزينة الدولة، فيما “نواب المزايدات” يتطلعون إلى “الصناديق الملآنة” في أقلام الإقتراع.
أصحاب الضمائر تتركز همومهم على كيفية توفير الإيرادات للنفقات سواء للسلسلة أو للموازنة، فيما “أصحاب السعادة” عيونهم على صناديق الإنتخابات وكيف يمكن ملؤها بالأصوات.
هذه هي “معادلات المزايدات”:
يحاولون كسب رضى الشارع، فيما الناس يعرفون أنَّ ما سيحصلون عليه من زيادات سيُعيدون دفعه ضرائب، أما “أصحاب السعادة” فيكونون قد ضمنوا “صندوق النيابة” وهُم لا يتأثرون بالضرائب، لأنَّ زياداتهم وصلت إليهم سلفاً.
لكن ما لم يتنبَّه له “عباقرة التشريع”، أنَّ الضرائب التي وُضعت هي لتأمين نفقات الزيادات للقطاع العام.
ماذا عن القطاع الخاص في هذه الحالة؟
هذا القطاع سيدفع الزيادات التالية على الضرائب، ومن أبرزها:
زيادة الواحد في المئة على الـ TVA.
زيادة رسم استهلاك على استيراد المازوت بمعدل 4 في المئة، هذه الزيادة التي ستُفرض على المستورِد، سيعمد إلى زيادتها على المستهلك لاستيفائها.
فرض ضريبة بمعدل 15 في المئة على أرباح التفرغ عن العقارات التي تعود لأشخاص طبيعيين ومعنويين.
فرض رسم خروج على المسافرين عن طريق البر والبحر والجو.
فرض رسوم جديدة على عقود البيع العقاري بنسبة 2 في المئة.
القطاع الخاص المنتج، تلقى ضربة مضاعفة، فعلى عاتقه يقع توفير الإيرادات للنفقات، وهو يتحمل الزيادات الضريبية.
هذا هو التخبط بعينه، أما التخبط الثاني فيتمثَّل في إعطاء الزيادة فيما الفساد والهدر مستشريان:
ها هو وزير المال علي حسن خليل يتحدث في اليوم الأول من الجلسة العامة عن “سارقين محميين”، وعن توظيف ناهز الـ 22 ألفاً في الإدارات العامة وتوظيف عشرة آلاف متعاقد.
فحين يتحدث وزير المال عن “سارقين محميين” فهذا يعني أنه يعرف:
مَن هم السارقون؟
مَن يحميهم؟
ما هي طبيعة سرقاتهم؟
ما هو حجمها؟
ألا تُشكِّل هذه الفضيحة إخباراً للنيابة العامة المالية؟
ألا يحقُّ للرأي العام، من باب قانون “حق الوصول إلى المعلومات” أن يعرف ماذا لدى وزير المال من معلومات حول هذا الأمر؟
ما يجب أن يعرفه الجميع، أنَّ الفساد في لبنان هو القطاع الأكثر تنظيماً والأكثر ذكاء، ومواجهته لا تكون بضربات عشوائية غير هادفة، ألا يلاحظ المعنيون أنَّ كلَّ القطاعات في البلد كادت أن تنهار، منذ بدء الحرب وحتى اليوم، باستثناء نهب جيب المواطن.
الهام سعيد فريحه