التكريم من المملكة للحريري رسالة للداخل اللبناني وللخارج العربي

ضاقت المهل، على كلِّ المستويات، وفي كلِّ الملفات، وبات الجميع يعالج الملفات في الربع الساعة الأخير قبل الوصول إلى الفراغ أو إلى المجهول.

كلُّ النقاشات في البلد تدور حول كيفية الخروج من المأزق، لا بل من المآزق:

فالموازنة العامة للعام 2017، توضع عليها اللمسات الأخيرة، لكن أمامها مشوار طويل في مجلس النواب، خصوصاً أنَّ قطارها سيتوقَّف عند أكثر من محطة ليصعد إليه قطع الحساب وكذلك سلسلة الرتب والرواتب، علماً أنَّ الوقت تأخَّر كثيراً عن إقرار الموازنة، وما زال الصرف يتمُّ وفق القاعدة الإثنتي عشرية.

وقانون الإنتخابات في المأزق، في ظلِّ سقوط كل المهل، والمعنيون يحاولون مدَّه بالجرعات لئلا يُسجَّل على العهد وعلى الحكومة أنهما عجزا عن إنجاز ما ورد في خطاب القَسَم وفي البيان الوزاري.

وبين حدَّي هذين المأزقين، الموازنة وقانون الإنتخابات، تدور النقاشات في البلد، سواء في الغرف المقفلة أو العلنية أو عبر الشاشات.

أحدث النقاشات والإرتدادات، ما شهدته قمة عمَّان على مستوى الوفد اللبناني:
لا شيء كان مرتجلاً، وكلُّ تفصيلٍ كان مُعدًّا بإتقان:

من الرحلة من بيروت إلى مطار عمَّان في طائرة واحدة، إلى مغادرة الرئيس سعد الحريري من عمَّان إلى الرياض مع الملك سلمان في الطائرة الملكية، إلى الإجتماع مع ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إلى العودة إلى بيروت من الرياض بواسطة طائرة ملكية.

الرحلة من بيروت تميَّزت بالخلوة الثنائية بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وكان الإرتياح بادياً على وجهَي الرئيسين.

والرحلة من البحر الميت إلى مطار عمَّان كانت أكثر من مميزة، فالرئيس سعد الحريري رافق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بالمروحية من مكان انعقاد القمة في البحر الميت إلى مطار عمَّان، ومن هناك رافقه بالطائرة الملكية إلى الرياض.

هذا التكريم من قيادة المملكة إلى الرئيس سعد الحريري، هو رسالة عابرة للطوائف وللقيادات في لبنان فحواها:

أن يجعل الداخل اللبناني، سواء على مستوى القيادات أو على مستوى الأحزاب، يعيد حساباته في كيفية التعاطي مع الرئيس الحريري، فأيُّ خطوة سلبية حياله من شأنها أن تُحتَسَب خطوةً سلبية تجاه المملكة.

وهو رسالة إلى الخارج ولا سيَّما إلى الدول المعنية بالتطورات اللبنانية، مفادها أنَّ الرئيس سعد الحريري هو حجر الأساس في المعادلة اللبنانية، وأيُّ محاولة ضربٍ لموقعه هو ضربٌ لأسس هذه المعادلة.

هذه النقاشات إن دلَّت على شيء، فعلى أنَّ الحيوية تعود تدريجاً إلى البلد على كلِّ المستويات، والزخم سيتجدد بعد عودة الرئيس سعد الحريري من جولته المثلثة إلى المانيا وبلجيكا وفرنسا، وسيكون النقاش في مجلس النواب من خلال جلسة نيابية عامة سيدعو إليها الرئيس نبيه بري، وسيتمُّ توجيه أسئلة إلى الحكومة، لعلَّ أبرزها ما هو متعلّق بقانون الإنتخابات والحدِّ من الهدر والفساد في إدارات الدولة.

الهام سعيد فريحه

اخترنا لك