ما من عهدٍ يعقد عليه اللبنانيّون آمالاً بقدر ما يفعلون مع عهد الرئيس ميشال عون.
وقد تكون المحاسبة، أيضاً، بحجم الآمال.
لم ينتهِ عهد ميشال سليمان، مثلاً، بخيبة لأنّه لم يبدأ بأمل.
الأمر يختلف مع عون.
دائماً يختلف الأمر معه.
باتت رئاسة ميشال عون واقعاً ولم تعد حلماً، ما يمكن أن يعرّضه للانتقاد، من نوعَي الحرص وسوء النيّة.
ويأتي عون الى الرئاسة بعد فراغٍ أضاف مصائب على ما سبقه من خيبات عاشها لبنان، سياسةً وأمناً واقتصاداً، فالهجرة زادت ويأس المقيمين أيضاً.
هو رئيسٌ حظي بتأييدٍ سياسيٍّ كبير، والأهمّ أنّه ينطلق من قاعدة شعبيّة ذات غالبيّة مسيحيّة ما يُسقط عنه أيّ تشكيكٍ بشرعيّة أو تمثيل.
بسبب ما سبق كلّه، لا يجب أن يكون عهد ميشال عون كسائر العهود.
يحتاج لبنان الى ما هو استثنائي.
يحتاج الى معجزات.
الى صدماتٍ إيجابيّة.
الى قراراتٍ سريعة، بلا تسرّع، والى تنفيذٍ سريعٍ ومدروس.
سيء، صراحةً، أن يسمع اللبنانيّون أنّ هذه الحكومة ليست حكومة العهد الأولى.
هم ينتظرون من العهد، أي من الرئيس، أكثر ممّا ينتظرون من حكومة جُرِّب معظم من فيها.
يريدون أن يسمعوا بخطّة لتحسين وضع الطرقات تنفّذ فوراً.
وأن يلمسوا نقلة نوعيّة في سرعة الانترنت، وتحسّناً تدريجيّاً لساعات التغذية بالكهرباء.
يريدون أن يخرج وزير البيئة، وهو من حصّة الرئيس، ليقول إنّ الأشهر الماضية من عمر الحكومة كانت كافية للتوصّل الى خطة لملف النفايات.
وأن يخرج وزير الداخليّة ليضع استقالته بتصرّف رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة لأنّ هناك من قرّر وتمكّن من الحلول مكان أجهزة الدولة في تعقّب تجار المخدرات.
تعقّب مصوّر بلا موقوفٍ ولا تجار ولا مخدرات ولا من يحزنون على الواقع المخدّر، بكسر الدال وفتحها.
يريد اللبنانيّون أن يسمعوا بـ “كبسة” على المرفأ، وأخرى على المطار. وأن يمتلك وزير مكافحة الفساد ما هو أكثر من اللقب.
وأن نسمع باسم موقوفٍ واحد بتهمة فسادٍ ما، على الرغم من أنّ اللبنانيّين يعرفون معظم الفاسدين بالأسماء.
يريد اللبنانيّون، أيضاً وأيضاً، أملاً بألا تنقطع المياه في العام المقبل، عبر إعداد خطّة لذلك. وأن يتحسّن واقع طريق المطار التي يفترض أن نستقبل السيّاح عليها. وأن تمنع الأحزاب، كلّ الأحزاب، من استخدام الأملاك العامّة لرفع الصور والشعارات واللافتات.
ينقص اللبنانيّين الكثير، لكنّ معظم ما يحتاجونه لا يحتاج الى ميزانيّاتٍ ضخمة بل الى قراراتٍ قابلة للتنفيذ.
نريد أن نسمع بإقفال مزرب هدرٍ واحد.
أن يقول، مثلاً، وزير الشؤون الاجتماعيّة إنّه قرّر حلّ الجمعيات التي تتقاضى مساعدات من الدولة ولا تنتج غير صبحيّات مصوّرة. وأن يكون وزير المهجرّين آخر وزيرٍ للمهجّرين.
وأن يجد وزير الزراعة أسواقاً جديدة لتصريف الإنتاج.
وأن يعلن وزير شؤون النازحين بأنّ عددهم سيتراجع بعد شهر أو ستّة أو سنة…
قد يقول قائلٌ محقّ إنّ تراكمات عقود من الأخطاء والخطايا لا تمحى بأشهرٍ قليلة.
نعم، ولكن هذا عهد ميشال عون، وهو رئيس استثنائي.
صحيح أنّ رجل الإصلاح والتغيير محاط، في موقعه الجديد في السلطة، بالكثير من الثعالب، وبعضها مكلّف بحراسة كروم هذه الدولة، ولكنّه قادر على تخطّي ذلك كلّه، وقد سبق أن واجه وتخطّى، في مسيرتَيه العسكريّة والسياسيّة، ما هو أصعب.
لو كنت مستشاراً للرئيس عون، ولو بليرة لبنانيّة شهريّة مثل معظم مستشاريه، لوضعت على برنامج مواعيده عائلة معدمة من عكار التي أنجبت شهداء بقدر ما أنجبت عسكراً، وزيارة الى الحدت جارة بعبدا، حيث يُصلب صيفاً وشتاءً اللبنانيّون من أجل معاينة سيّاراتهم، وأخرى الى نهر الليطاني مصدر رزق عائلات كثيرة تعيش على ضفاف الفقر…
ولا بأس بزيارة تكريم الى السيّدة فيروز فيغنّي معها هذه المرّة “بمجدك احتميت”.
كلّنا أمل يا صاحب الفخامة، وكلّنا قلق أيضاً، عليك، على الحلم وعلى الوطن…
داني حدّاد – رئيس تحرير موقع MTV
http://bit.ly/2n40tFT نقلاً عن موقع MTV