بدأ البابا فرنسيس كلمته في الجلسة الختامية لمؤتمر الأزهر العالمي للسلام في مصر، اليوم الجمعة، بقول عبارة “السلام عليكم” باللغة العربية، وأكّد أنّ “ما من عنف يمكن أن يرتكب باسم الله”.
وأضاف: “لنكرر معاً من هذه الأرض، أرض اللقاء بين السماء والأرض وأرض العهود بين البشر وبين المؤمنين، لنكرر كلمة لا قوية وواضحة لأيّ شكل من أشكال العنف والثأر والكراهية، يرتكب باسم الدين أو باسم الله”.
وحث البابا فرنسيس كل القيادات الدينية إلى نبذ العنف الذي يرتكب في كافة أنحاء العالم تحت دعاوي دينية.
وأسف البابا فرنسيس في المؤتمر الذي حضره العديد من المسؤولين المصريين، لبروز “شعوبيات غوغائية لا تساعد بالطبع في تعزيز السلام والإستقرار”، مضيفاً: “ما من تحريض على العنف يضمن السلام، وأيّ عمل أحادي لا يولّد عمليات بناء مشتركة، إنّما هو في الواقع هدية لدعاة التطرف والعنف”.
ودعا الحبر الأعظم إلى وقف “تدفق الأموال والأسلحة نحو الذين يثيرون العنف”، مشدداً على أنّه “من الضروري وقف انتشار الأسلحة التي، إنْ تمّ تصنيعها وتسويقها، سوف سيتمّ استخدامها عاجلاً أو أجلاً”.
ودعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى “الإحترام غير المشروط لحقوق الإنسان”.
وقال إنّه “يشجع العديد من المساعي في مصر لتحقيق التنمية والازدهار والسلام”، مشدّداً على أنّها غايات “تتطلب (…) قبل كلّ شئ الإحترام غير المشروط لحقوق الإنسان غير القابلة للمساومة كالحق في المساواة بين كافة المواطنين وحق حرية الدين والتعبير دون ادنى تمييز”.
من جانبه، أعرب شيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب عن شكره للبابا فرنسيس لتلبيته دعوة الأزهر لحضور فعاليات المؤتمر، داعياً في مستهل كلمته إلى الوقوف دقيقة حداد على ضحايا الإرهاب في مصر والعالم.
وقال الطيب إنّ “تجارة السلاح وتسويقه وضمان تشغيل مصانع الموت سبب غياب السلام في العالم”، مضيفاً إنّ “السلام العالمي أصبح الفردوس المفقود رغم كل المتاجرات العالمية”. وقال: “لا حل للمشكلات التي يعاني منها العالم إلّا من خلال إعادة الوعي برسالات السماوات”، لافتاً إلى أنّ “الحضارة الأوروبية ليست حضارة إرهاب ولا يجب الإساءة للأديان”. وشدّد شيخ الأزهر على “ضرورة العمل على تنقية صورة الأديان ممّا علق بها من فهم مغلوط وتدين كاذب”، مضيفاً: “يجب العمل لإظهار قيمة السلام والتراحم بين الشعوب كافة”.
وخلال لقاء مع السيسي، شدّد البابا على إن “مصر مدعوة لأن تثبت أن الدين لله والوطن للجميع”. وقال إنّ “مصر التي بيد تبني وبيد تحارب الإرهاب، مدعوة لاثبات ان الدين لله والوطن للجميع”. وحرص الحبر الأعظم على ان ينطق باللغة العربية عبارة “الدين لله والوطن للجميع”، وهو شعار وطني مصري موروث من القرن الماضي.
من جهته، اعتبر السيسي أنّ “مصر تقف في الصفوف الأولى في مواجهة الإرهاب”، مطالباً ببذل جهود من الأزهر والفاتيكان للتصدي للعنف والتطرف. وقال الرئيس المصري إنّ “مكافحة الإرهاب تتطلب إستراتيجية فكرية وثقافية بجانب الجهود العسكرية”، مضيفاً إنّ “قوى الشر تزعم ارتباطها بالإسلام وهو منها ومنهم براء وهم منه نكراء. الإسلام الحق لم يأمر أبدا بقتل الأبرياء ولم يأمر أبدا بترويع الآمنين”.
وكان البابا فرنسيس وصل بعد ظهر اليوم الجمعة إلى القاهرة، في زيارة وضعها تحت عنوان “الوحدة والأخوة”، ولتأكيد تضامنه مع الأقباط، أكبر طائفة مسيحية في الشرق الأوسط بعد تعرّضها لاعتداءات تبناها تنظيم “داعش”. وقال الحبر الأعظم للصحافيين الذين رافقوه في طائرته، إنّ زيارته لمصر هي “رحلة وحدة وأخوة”.
وأحيطت زيارة البابا فرنسيس بإجراءات أمنية مكثفة، إذ تأتي بعد 3 أسابيع من اعتداءين انتحاريين داميين ضدّ كنيستين قبطيتين أوقعا 45 قتيلاً في التاسع من نيسان.