غداةَ مناظرةٍ تلفزيونية اتّسَمت بحدّةٍ غير مألوفة، انتهت حملة الانتخابات الفرنسية بأجواء مشحونة، مع تعزيز المرشّح الوسط في انتخابات الرئاسية الفرنسية إيمانويل ماكرون صدارتَه لاستطلاعات الرأي متقدّماً على منافسته مرشّحة اليمين المتطرّف مارين لوبن.
وفي وقتٍ بَحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره الأميركي ريكس تيلرسون في اتّصال هاتفي مهامَّ تخفيفِ التصعيد في سوريا، أعلنَت موسكو أنّ اتفاق أستانة 4 سيدخل حيّز التنفيذ منتصف الليل.
شاركت مرشّحة اليمين المتطرّف مارين لوبن بتجمّعِها الانتخابي الأخير، في قرية شمالية صغيرة، حيث عبّأت مؤيّديها بالقول إنّ «فرنسا لا يمكنها الانتظار أكثر.
فرنسا لا يمكنها أن تسمح بالانتظار خمسة أعوام أخرى لترفعَ رأسها».
وفي حال فوزِها، أكّدت لوبن في مقابلة مع «لا بروفانس» أنّها ستَبحث «عن أشخاص في كلّ مكان توجد فيه المهارات».
ومع مواصلته تصدّرَ استطلاعات الرأي عشية انتهاء الحملة الانتخابية، تعهَّد ماكرون، الذي حاز دعماً سياسياً كبيراً، بـ»الحفاظ على وعد التجديد حتى النهاية»، خلال تجمّعٍ أخير له في ألبي (جنوب غرب) أمام نحو أربعة آلاف مؤيّد أكّد لهم أنّه سمعَ «الغضبَ الموجود لدى الشعب».
ويرى المراقبون هذه الانتخابات أنّها الأهمّ في فرنسا منذ عقود، إذ تُجرى بين معسكرَين يختلفان تماماً في النظرة إلى أوروبا ودور فرنسا في العالم.
وأعلنَت لوبن في برنامجها الانتخابي أنّها ستغلِق الحدود وتتخلّى عن العملة الأوروبية الموحّدة، في حين يَرغب ماكرون، المرشّح المستقل الذي لم يُنتخَب لمنصبٍ عام حتى الآن، في تعاونٍ أوثَق مع أوروبا، واقتصادٍ مفتوح.
وأظهرَ استطلاع أجرَته مؤسّسة (إيلاب) لصالح تلفزيون (بي.إف.إم) وصحيفة (لوكسبرس) أنّ ماكرون سيَحصل على 62 في المئة من الأصوات في الجولة الثانية مقابل 38 بالمئة للوبن، بزيادة ثلاث نقاط لصالحه مقارنةً بنسبة الأصوات التي تَوقّعها الاستطلاع السابق الذي أجرته إيلاب.
وهذه النتائج هي الأفضل التي يحقّقها ماكرون في استطلاع تُجريه مؤسسة كبرى منذ خروج المرشّحين التسعة الآخرين في الجولة الأولى.
ورجَّح أداء ماكرون القوي في المناظرة واستطلاع رأي ثانٍ هذا الأسبوع أن تحصد حركته السياسية (إلى الأمام) العددَ الأكبر من مقاعد البرلمان في الانتخابات التشريعية في حزيران، كما رَفع معنويات المستثمرين الذين ساورَهم القلق حيال توتّرات قد يُحدِثها فوز لوبن.
غير أنّ لوبن المناهضة للهجرة والاتّحاد الأوروبي لم تَستسلم، وقالت لإذاعة (أر.تي.إل) «هدفي هو الفوز بهذه الانتخابات الرئاسية».
وأضافت: «خيارات السيّد ماكرون قد تؤدّي إلى نهاية بلادنا كما نعرفها، النهاية التي سيَجلبها تدفّقُ الهجرة الذي لن يعارضَه نظراً لإذعانه لسياسات السيّدة (المستشارة الألمانية أنجيلا) ميركل.. خيار الدمار الاجتماعي المترتّب على إزالة القيود التنظيمية والمرونة القصوى التي تعني أنّ الجميع سيشنّ حرباً على الجميع».
وكان استطلاع للرأي أجرته مؤسسة أودوكسا قد أظهرَ أنّ ربع الناخبين الفرنسيين سيمتنعون عن التصويت في جولة الإعادة المقرَّرة غداً وبينهم يَساريون كثُر يَشعرون بالإحباط لفشلِ مرشّحيهم في الوصول للجولة الثانية.
والنسبة المتوقّعة للامتناع عن التصويت ستكون ثاني أسوأ نسبة من نوعها منذ عام 1965، ممّا يُسلّط الضوء على خيبة أملِ كثيرٍ من الناخبين لانحسار الاختيار بين ماكرون ولوبن.
وأظهر الاستطلاع، الذي أجري لصالح تلفزيون فرانس إنفو، أنّ 69 بالمئة من الناخبين الذين يعتزمون الامتناع عن التصويت سيفعلون ذلك على مضض لرفضهم الاختيار بين ماكرون ولوبان.
سوريا
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية أنّ موضوع التسوية السورية كان في صدارة المباحثات بين لافروف وتيرلسون، بخاصة في ظلّ نتائج اجتماع أستانة – 4 حول سوريا. وجاء في البيان: «تمَّ بحث مهام تخفيف التصعيد في هذا البلد وتحقيق استدامة نظام وقفِ النار وتعزيز جهود مكافحة الإرهاب، إضافةً إلى تنشيط المساعدة الخارجية في عملية التفاوض السورية». واتّفَق الطرفان على جدول الاتصالات الروسية الأميركية المستقبلية.
وكان نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف قد أعلن أنّ الدور المحتمل للولايات المتحدة في الرقابة على وقفِ النار يجب أن يكون موضعاً للمشاورات على مستوى الخبراء والعسكريين.
وأضاف أنّه يجب الأخذ بعين الاعتبار مواقف الأطراف السورية، وبالدرجة الأولى الحكومة الشرعية.
وكان رئيس الوفد الروسي إلى مفاوضات أستانة – 4، ألكسندر لافرينتيف قد صرَّح أنه يحظر على طيران التحالف الدولي بقيادة واشنطن العملَ في أجواء مناطق وقفِ التصعيد بسوريا منذ توقيع الدول الضامنة على الاتّفاق.
ما استدعا ردّاً من البنتاغون، حيث أكّد أنّ الطيران الحربي التابع للولايات المتحدة والتحالف الدولي ضد «داعش» بقيادة واشنطن سيواصلان توجيه ضرباتٍ جوّية على مواقع «داعش» و»القاعدة» في كلّ مكان.
في المقابل، انتقَدت الهيئة العليا للمفاوضات التي تُمثّل المعارضة الرئيسية في سوريا أمس الجمعة اتّفاقَ إنشاء مناطق «خفض التصعيد» في سوريا ووصَفته بأنه غامضٌ وغير مشروع، وحذّرت من «تقسيم» البلاد.
وأضافت الهيئة: «الاتفاق يَفتقر إلى أدنى مقوّمات الشرعية، وإنّ مجلس الأمن هو الجهة المفوّضة برعاية أية مفاوضات معتبرة في القضية السورية». وقالت إنّها ترفض أيّ دور لإيران كضامن لأيّ اتفاق.
كذلك، رَفض حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا أمس الجمعة الاقتراح الروسي بإقامة هذه المناطق وقال إنه يعتبره «تقسيماً طائفياً» للبلاد. وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنَت أنّ الاتفاق سيَدخل حيّز التنفيذ اعتباراً من منتصف ليل أمس.
زيارة ترامب للسعودية
إلى ذلك، قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إنّ زيارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب، إلى المملكة ستكون تاريخية بكلّ المقاييس، وستُعزّز التعاون بين الولايات المتحدة والدول الإسلامية.
وقال في لقاء مع الصحافيين في مقرّ سفارة السعودية في واشنطن، أمس الأوّل: «إنّ الزيارة تعكس احترام الولايات المتحدة الأميركية للقيادة الحكيمة في المملكة».
واعتبَر وزير الخارجية السعودي زيارة ترامب «رسالة واضحة وقوية بأنّ الولايات المتحدة لا تحمل أيّ نوايا سيّئة» تجاه العالم العربي والإسلامي».
وأكّد أنّ السعودية «دولة أساسية في محاربة الإرهاب والتطرّف، وهي مَن قدَّم مبادرة السلام العربية التي تُعتبَر الآن مرجعاً أساسياً لحلّ سِلمي للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني الذي يسعى فخامة الرئيس ترامب إلى إنهائه»، مشيراً إلى أنّ «الإدارة الأميركية تدرك أهمّية المملكة، ولا سيّما في إيجاد حلّ للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني والقضاء على داعش والإرهاب والتطرّف والتصدّي لإيران وتعزيز الاستثمارات والتجارة بين البلدين وإيجاد فرَص عمل في البلدين».
وأوضَح الجبير أنّ زيارة الرئيس الأميركي للمملكة ستشمل قمّةً ثنائية، وقمّة مع قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وقمّة مع قادة الدول العربية والإسلامية.
(وكالات)