الحريري يحدد مسار الإستقرار: ليس بالسياسة وحدها…

لم يُغيِّر الرئيس سعد الحريري عادته في شهر رمضان المبارك، وهي عادة استمرَّ فيها منذ أيام والده الشهيد رفيق الحريري… مخاطبة الناس وجهاً لوجه ومكاشفتهم بالعقل والوقائع، وطرح الأمور كما هي وإطلاق المبادرات.

في إفطار السراي الحكومية أول من أمس، أراد الرئيس سعد الحريري أن تكون كلمته من القلب إلى القلب:

مكاشفةٌ وخطٌّ مستقيم لا مواربة فيه.

ينطلق الرئيس سعد الحريري من أنَّ “كرامة الإنسان في عيشه الكريم”، أياً يكن النظام السياسي وأياً تكن القوانين المرعية الإجراء، لأنَّ العيش الكريم غير محصور بالسياسة، لذا فهو يقول:
“اللبنانيُّ يخسر من كرامته كل يوم، عندما لا تُضاء أنوار بيته، وعندما تُرمى النفايات في شوارعه، وعندما يرى نفسه عاجزاً عن مجاراة تطور العالم، إقتصادياً وتكنولوجياً… هذه هي الحرب الحقيقية، التي علينا خوض تحدياتها، الحرب الإقتصادية والإنمائية والمعيشية، وهذه هي الحرب التي اخترت أن أخوضها في حكومتي”.

هكذا وضع الأصبع على الجرح وحدد ما هي أولويات اللبناني:

الكهرباء، جمع النفايات، الإنترنت، معالجة أزمة السير، ضبط الأسعار، الشعور بالإكتفاء والإستقرار.

عندما تتوافر هذه القضايا وهذه المستلزمات، فإنَّ اللبناني لا يعود يهمُّه أيَّ قانون انتخابات نيابية يجري التفاهم عليه، فالقوانين في خدمة الإنسان وليس الإنسان في خدمة القوانين.

في أعرق الدول ترفاً ورفاهية، كفنلندا واللوكسمبورغ والسويد والنروج، يعرف العالم عن هذه الشعوب كيف تعيش ولا يعرفون ما هي أنظمتهم الإنتخابية:

يقولون إنَّ اللوكسمبورغ فيها أعلى دخل سنوي للفرد، والسويد البلد الأكثر هدوءاً في العالم، وفي فنلندا أسرع إنترنت، وفي اللوكسمبورغ أحسن الطرق لمعالجة النفايات، لكن لا أحد يتحدث عن الأنظمة الإنتخابية.

إعلانات الترويج للسياحة لا يُكتَب فيها أنَّ قبرص نظامها كذا، وأنَّ اليونان نظامها كذا وأنَّ تركيا نظامها كذا… الإعلانات تتحدث عن الخدمة الجيدة والبنى التحتية الحديثة والمواصلات غير المزدحمة والأسعار المدروسة، هكذا ينتعش اقتصاد الدول وتُحترَم شعوبها، بصرف النظر عن الأنظمة.

أدرك الرئيس الحريري هذه الحقائق فركَّز عليها وعلى تحدياتها، واعداً بالمزيد، لذا فهو يقول:

“هذه الحكومة أنجزت في وقتٍ قياسي دراسة مشاريع مهمة، وعلى رأسها النفايات والكهرباء والإنترنت والنفط، وأزمة النزوح السوري، والحلول أصبحت جاهزة… تنتظر فقط صدور قرارات سياسية جريئة، بعيداً عن المحاصصة والطائفية، وبعيداً بالتأكيد عن الفساد وشبهاته”.

بهذا الكلام يؤكِّد الرئيس الحريري أنَّ “العيون مفتَّحة” على كلِّ خطوة تخطوها الحكومة، وهو بهذا المعنى لن يتهاون في أيِّة خطوة، ويبدو أنَّه سيعتمد طريقةً جديدة تقوم على سياسة “الأبواب المفتوحة”، ويقول في هذا المجال:

“فمن تهمّه فعلاً مصلحة البلد، ولديه اقتراح أو اعتراض ما، فإنَّ باب السراي مفتوحٌ أمامه في أيِّ وقت، وأنا شخصياً سآخذ كل نقدٍ بعين الإعتبار. أما إقحام الرأي العام بتفاصيل، بعضها مزيف، وبعضها الآخر يُثار لأغراض سياسية، من دون الإستناد إلى الأدلة المطلوبة، فهذا أمر لا يُعزِّز ثقة المواطن بالدولة، ولا ثقة المستثمر بلبنان”.

يرفع الرئيس الحريري التحدي في وجه الجميع ويشهر سلاح ملاحقة مطالب الناس، ويطرح معادلة جوهرية وهي:

“وأراهن على فتح أبواب الداخل، وغلق أبواب الهجرة، التي تستنزف ثروتنا البشرية. إننا نريد لشباب وشابات لبنان، أن يجدوا مستقبلهم، هنا في هذا البلد، وفي هذه الدولة، المسؤولة عن إيجاد فرص العمل، والمسؤولة عن توفير الطبابة والدراسة والكهرباء والمياه والحياة الكريمة”.

وكأننا نتكلَّم لغةً واحدة:

في هذه الزاوية ناشدنا الجميع “إفتحوا المجال للشباب لتُغلقوا أبواب الهجرة”… ما يُفرِح القلب أنَّ هذا الكلام لم يعد شعاراً بل أصبح نهجاً ومطلباً، وهذا دليل أنَّ المسؤول يسمع ويأخذ بما هو مفيد للبلد، ونقول:

“يا رب أعطنا قادة سياسيين يتمتعون بالجرأة والشفافية ويضعون مصالح الناس في أولوياتهم” تماماً مثل دولة الرئيس الحريري.

الهام سعيد فريحه

اخترنا لك