السياسة في لبنان أصبحت “كل ساعة بساعتها”، فقد تتبدَّل لحظة الإنتهاء من كتابة هذه السطور، وقد تعود إلى قواعدها سالمةً بعد يوم طويل من التبدلات.
هذا ما يحصل على مستوى القانون الجديد للإنتخابات النيابية:
من التفاؤل، إلى التشاؤم فالتفاؤل، ومن قانون الستين، إلى القانون التأهيلي، إلى القانون الأرثوذكسي، إلى القانون النسبي، وحين يتم الإقتراب من التفاهم على قانون جديد، تتدخَّل بسحر ساحر “شياطين التفاصيل” فتتقدَّم إلى الواجهة إشكاليات تشكِّل كلُّ واحدة منها لغماً، ومن هذه الإشكاليات:
خفض العدد من 128 إلى 108 نواب.
الصوت التفضيلي.
كيفية احتساب الفائزين.
تعديل المهل لجهة مواعيد الإنتخابات.
هذه الإشكاليات حلُّها أو عدم حلها مرتبط بالأجواء السياسية السائدة في البلد، فإذا بقي التشنج هو السائد، فإنَّ القانون يكون في مراحل عدم النضوج، على رغم أنَّ المدة المتبقية لانتهاء ولاية المجلس هي سبعة عشر يوماً.
ولعلَّ أبرز التشنُّج الحاصل هو هذا السجال بين الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط، وقد ارتفع سقف السجال للمرة الأولى بهذه الحدة، ما دفع الرئيس سعد الحريري إلى أن يقول في الإفطار:
“غيري يكسب وكَسَبَ في السابق قروشاً من هذا البلد وسأحاربهم لآخر دقيقة، ومن يريد أن يتعاطى معي على هذا النحو، “فليبلط البحر”، أنا إسمي سعد رفيق الحريري.
أنا لم آتِ لأستفيد من هذا البلد، بل جئت لأُعطي هذا البلد كما أعطاه رفيق الحريري”.
السؤال هنا:
هل السجال المتصاعد هو مجرد ردات فعل أم أنَّه يُخفي جزءاً من الخلاف على قانون الإنتخابات؟
فالمعروف أنَّ أكثر من كباش جرى بين المختارة وبيت الوسط حول قانون الإنتخابات، على رغم أنَّ الرئيس سعد الحريري كان منذ شهرين قد بادر إلى مدِّ اليد إلى جنبلاط من خلال مشاركته الشخصية في ذكرى اغتيال كمال جنبلاط، في المختارة.
لكنَّ المراقبين يتوقعون أن يكون ميزان الحماوة والبرودة، تفاصيل القانون بعد أن يصدر.
لكن حتى مع صدور القانون، فإنَّ هناك ما يشبه استراحة المحارب، ثم الإنطلاق نحو يوم الإستحقاق الكبير الذي يُتوقَّع أن لا يكون قبل ستة أشهر، لأنَّ دوائر الداخلية غير قادرة على إنجاز الإستعدادات اللوجستية في ثلاثة أشهر، وتأسيساً على ذلك فإنَّ ربيع العام 2018 سيكون “ربيع النسبية في لبنان”.
هذا التفاؤل من شأنه أن يطوِّق ما يتبقى من شياطين التفاصيل:
فنقل المقاعد يبدو أنَّه تمَّ صرف النظر عنه، كما أنَّ خفض المقاعد من 128 إلى 108 أصبح خارج النقاش والشروط والشروط المضادة، لأنَّ أيَّ تخفيض سيكون من شأنه خلط الأوراق العددية مجدداً لجهة عدد أعضاء كل طائفة وعدد النواب.
أكثر من ذلك فإنَّ القاعدة السياسية في لبنان تقول دائماً:
عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء، كلُّ ما يمكن القيام به هو تحسين بعض الشروط، لا أكثر ولا أقل.
مساء أمس قطع رئيس الجمهورية العماد عون الشك باليقين، فوقع مرسوم الدورة الاستثنائية، وعلى جدول أعمالها بند واحد هو بند قانون الانتخابات، وهكذا فإن المئة متر الأخيرة قد تحددت وهي ستنطلق في السابع من هذا الشهر بالتزامن مع جلسة لمجلس الوزراء تحيل القانون الى مجلس النواب لدرسه والمصادقة عليه.
الهام سعيد فريحه