الدراما العربية لرمضان 20017 : مخاض عوارض الحمل الكاذب 1….5

·87 عملاً عربياً وزعت على 16 خليجياً، و33 مصرياً، و27 سورياً عرض منها 15، و11 لبنانياً.

تدخل إلى واقعها بحياء دون معرفة لمسبباته وتبقى على سطحه.

تزوير لأحداث حية وموجعة ومعروفة وعشق لغربة الحقيقة.

الشللية الفنية ومصالح النجوم الخاصة شكلت عصابات وصراعات محسوبة على المموّل!

المال السياسي حاصر السورية وشتت المصرية وفتت اللبنانية وغيب الهوية.

تقنين الأعمال السورية وعدم السماح بعرضها عربياً وسحب الأقوى منها من المنافسة.

لا تزال الدراما العربية تعيش قوقعة الموسم الرمضاني، ورغم بعض التجارب الخجولة، وتحديداً في الدراما اللبنانية إلا أن السوق الأساسي في كل الإنتاج العربي سجن حضوره في شهر رمضان فقط، لذلك فاق إنتاج دراما 2017 لشهر رمضان عربياً 87 عملاً درامياً، وزعت ما بين تراجيديا، وكوميديا، وفانتازيا على 16 عملاً خليجياً، و 33 عملاً مصرياً، و 27 عملاً سوريًا منها 15 عملاً تم عرضه في قنوات سورية، وتحديداً في قناة الدراما السورية، و6 أعمال عرضت خليجياً لكونها أنتجت بأموال خليجية، وبمشاركة فنية لبنانية، و 11 عملاً لبنانياً يضاف إليها المشترك، وبالتحديد مع نجوم سوريا!

تدخل الدراما العربية لهذا العام إلى الواقع بحياء دون العمق الحقيقي لأسباب الواقع ومسبباته وتبقى على سطحه، وتشبه بذلك كتبنا التاريخية والدينية والاجتماعية والوطنية بحيث زورت بما يناسب الاستعمار، وطوائف لاهثة وراء مكاسب زعاماتها على حساب الأوطان، وبقايا إقطاعية تنقل البندقية من كتف إلى كتف كلما تغير جلد التمساح الحاكم اقتصادياً وعسكرياً، وقد سلمها المستعمر الغربي الحكم كي تبقى تابعة، وفي دائرته السياسية والثقافية!

الدراما العربية أخذة بتزوير الحقائق الحية الموجعة بعيداً عن مصلحة تاريخها وقضاياها بل لمصحة مشغليها، ومنها “الجماعة2″، و”غرابيب سود” و”سلفي 3″!

وقد يكون هذا العام، عام الفضيحة في غربة الدراما العربية عن مجتمعها ومشاكلها وهمومها، وقضاياها، لذلك لا، ولم تستطع الدراما العربية الخوض بالحقيقة وهي مسخ الحقيقة، وتابعة لجيب الممول والمنتج السياسي، وهذا الأخير تنبه لتأثير الدراما على المجتمع، وتحديداً الدراما السورية بعد أن فتت الدراما اللبنانية، وشتت الدراما المصرية التي أصبحت من غير هوية سوى اللهجة والصورة، وبذلك تصبح شبيهة لزميلتها اللبنانية.

المنتج الحاكم

لم تعد الدرامة تدار من قبل المنتج المنتمي إلى فكرة الإنتاج من أجل الفن والتجارة بقدر إغراقها في عالمه وسياسته حتى أصبحت الصراعات السياسية في الصناعة الفنية واضحة بشكل مخيف هذا العام، ومن تداعياتها لجم الإنتاج السوري الذي نفذ في سوريا، وبأموال سورية، وعدم شرائه أو عرضه في الفضاء العربي، وتحديداً في التلفزيونات الخليجية، وهذا قنن العرض السوري، وأصابه بخسارة مادية، وسحب الأعمال القوية والكبيرة، وعرض ما يمكن عرضه، والسبب تدخل المال السياسي، والمال الطائفي العنصري، والتبعية لكل ما لا ينسجم مع خط المشاريع السياسية المفضوحة في عصر زيارات الرئيس الأميركي “ترامب” إلى بلاد العرب فشاهدنا الأسلوب المباشر الفج “غرابيب سوداء”، واللغة الطائفية العنصرية الدينية المشوشة والمتعمدة في وضوحها في بعض الأعمال، وتحديدا في الإنتاج السعودي ومنها “سيلفي 3” للفنان ناصر القصبي، وتجاهل كلي للأعمال الجادة رغم تواضعها الفني مثل “بلاد العز”!

إذا المنتج العربي يدور في فلك سوق العرض والطلب واللعبة السياسية، وملاحظات الحاكم بالعرض، وسوق العرض والطلب محكوم بمزاجية العقلية الطائفية، وبسياسة أعراب لديها السيطرة الإعلامية ومال الإنتاج، ولا تؤمن بالمجتمع العربي، وبما يعانيه فجاءت غالبية الأعمال قاصرة، خرجت من مخاض عوارض الحمل الكاذب!

وهذا الواقع الموجع ثبت شللية فنية تعتقد أنها سيدة النجوم العربية، وفي الحقيقة تقتل الدراما من خلال مصالح خاصة مؤقتة، وتشكل عصابات توصل إلى صراعات لمجموعات محسوبة على التمويل السياسي، فنجد هذه الشللية لا تعمل إلا مع جماعاتها المحسوبة عليها، وبذلك تخسر الدراما المغامر، والتوافق الجمالي الأدائي الممتع، وأصبحنا بمجرد ذكر اسم المنتج أو الفنان نعرف باقي المشاركين وربما القصة!

وسنحاول خلال دراستنا النقدية أن لا نكتب عن كل ما شاهدناه من أعمال، وسنكتفي بالإشارة النقدية، والتوسع حول أعمال كانت أفضل من غيرها رغم تواضعها، وأعمال فرضت علينا لجديتها، وتميزها على ما هو معروض…

القواسم المشتركة

القواسم المشتركة لهذا العام كثيرة منها ما هو فني ومنها أخلاقي، وهي عيوب أكثر مما هي غباء فني، وهذا يدل على تثبيت الإفلاس الفني في الإبداع العربي، ونذكر:

  • تصالح غالبية الأعمال في عرض قصص الدعارة، الخيانة، القتل، عدم احترام الآسرة وتفككها.
  • مشاهد الشرب، والجنس من ثوابت الدراما العربية منذ 5 سنوات حتى الآن!
  • غالبية ما عرض لا ينتمي إلى مفهوم الشهر الفضيل، بقدر ما هو استغلال الشهر الفضيل!
  • الدراما التركية تشكل عقدة الدراما العربية، وهذا ظهر جليا في عشرات الأعمال التي عرضت، وتحديدا في اللبنانية والمصرية، والقليل منها في السورية!
  • سياسة صور واهرب توحد الدراما العربية، لذلك هنالك العديد من المشاهد تحتاج إلى إعادة تصوير وتنفيذ وكتابة، وظهرت بشكل مخجل لا يؤديها طلاب سنة أولى ابتدائي في التصوير والتمثيل!
  • إنتاج ضخم لمجموعة فنية متواضعة، وشح في الإنتاج لأفكار كادت تصنع حالة لو أتيحت لها الفرصة!
  • إفلاس الأفكار والكتاب لذلك عشرات المسلسلات اجتمع على كتابة القصة الواحدة أكثر من مؤلف، وهذا ظهر في الدراما المصرية!
  • عدم الاهتمام بالأزياء، وتحديداً في الدراما التاريخية المحددة، ومنها “بلاد العز”، و”أدهم بيك”، و”قناديل العشاق”.
  • الاستخفاف بعقلية المشاهد، والتعامل معه كأنه جاهل ولا يعيش العصر!
  • الانفصام في الانتماء هو القاسم المشترك عند جميع العاملين في الدراما العربية!
  • ماكياج غالبية النجمات العربيات أصبح فاضحاً مخيفاً عجوزاً…ربما في السنوات المقبلة ستكون الدراما العربية من غير وجوه نجماته، وربما يمثلن من خلف حجاب!!
  • عدم تقديم الأعمال التاريخية الدينية لكون العرب والمسلمين غير متفقين على تاريخهم وتواريخهم البعيدة والقريبة!
  • الاعتماد على وجوه شابة، وإسناد البطولة المطلقة لها، وهذا يعود لأعمار نجوم الصف الأول، وتمسكهم بالنجومية المطلقة شكلاً وصورة على حساب العمر والزمن، وتحديداً في الدراما المصرية!

قنوات العرض

لم توفق قناة MBC في خطف المتابعة الرمضانية لهذا العام على عكس ما كان يحدث معها سابقا رغم أنها استطاعت أن تجمع أكبر عدد ممكن من أعمال نجوم الصف الأول في الوطن العربي، لكن جودة غالبية الأعمال لم تكن ذات مستوى، ومن راهنت على نجاحهم جاءت نتائجهم أقل من متواضعة، ومنها “رامز تحت الأرض”، و” كان في كل زمان”، و” عفاريت عدلي علام”، و”الحصان الأسود”، “لمعي القط”، وعليها أن لا تكتفي بصداقة النجوم، بل متابعة العمل لتعرف مستواه، والأخطر تعمدها في تقديم خطاب المملكة السعودية السياسي بطريقة مباشرة وصادمة كما جاء في “سيلفي 3” !

وقد احتلت قناة أبو ظبي و الإمارات ودبي مرتبة مهمة في استقطاب الجمهور، وعرضت الأعمال الملفتة، ومنها “رمانة”، و”أوركيديا”، و”شوق”، “والعقاب والعفرا”، “الزيبق”، و”رمضان كريم”، و”خاتون2″، و”قلبي معي”.

أما القنوات اللبنانية فاحتلت مرتبة لا بأس بها من خلال تقديم وجبات منوعة ارتكزت على الإنتاج اللبناني بصورة رئيسية ومن ثم طعمت بثها بالسوري والمصري، لكنها حتى الآن لم تسعى إلى تقديم الأعمال الخليجية وهذا خطأ منها!

القنوات المصرية مصرة أن تغرق في أعمال مصرية وما تيسر لها من الأعمال الحصرية، ولكنها لم تكن بالأعمال المنافسة والمهمة!

أما القنوات السورية فنظراً للحرب التي شنت على دراما بلدها اكتفت بتقديم 15 عملاً سورياً، و”بلاد العز” إنتاج لبناني، وبعض الأعمال اللبنانية التي تنسجم مع خطها!

جهاد أيوب

اخترنا لك