[ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ].
بعد مرور أكثر من ربع قرن على خروج العائلات السياسية الشيعية من الحكم في لبنان، وبعدما خبر المجتمع الشيعي عمل الثنائي الشيعي لفترة معتدّ بها؛ آن لنا الوقوف عند التجربتين.
دولة الرئيس النبيه :
كما تعلمون فقد حكمت لبنان أسر سياسية وإقطاعية عديدة، و كان حكم العائلات هو النمط السائد في المقاطعات التي شكّلت الجمهورية اللبنانية فيما بعد، فحكم العائلات أسبق زمناً من مرحلة إعلان دولة لبنان الكبير، و تالياً فقد مرّت هذه الأُسر بخبرات تمتدّ لعدّة قرون من الزمن.
و مع انطلاق العمل البرلماني في لبنان خلال العشرينات من القرن المنصرم أخذت تظهر قوى سياسية جديدة في كل الطوائف اللبنانية، رغم محافظة الكثير من الأُسر على حضورها الوازن، لكن استجد ولادة قوى استطاعت أن تدخل نادي العمل السياسي، لتتحوّل لعائلات سياسية مع مرور الزمن.. مع ذلك تبقى أُسراً حديثة في نادي العائلات السياسية.
أستاذ نبيه :
من يدقق في الأسر التي خرجت من الحلبة السياسية يلحظ أن الأُسر الشيعية هي الوحيدة الخارج السلطة راهناً ! و ما زلنا نرى أسراً سنيةً بالسلطة، مثل : آل سلام، وآل كرامي، وآل الجسر..
و لدى الدروز فإن أسرة جنبلاط وإرسلان ما زالتا أيضاً.
و لدى المسيحيين نجد أسرة آل فرنجية، وآل الجميل، وآل شمعون، وآل السعد..
علماً أن الأُسر الشيعية السياسية أكثر عراقةً من معظم الأسر السياسية اللبنانية الأخرى، لا سيما أسرة آل حمادة، و آل الأسعد الذين ينحدرون من آل النصار حكّام جبل عامل لقرون..
دولة الرئيس :
لا شكّ بأنّ الأحزاب السياسية طريقة أكثر تطوراً في العمل السياسي، في حين يرى آخرون أن العائلات السياسية هي أكثر حرصاً على الناس من غيرها كون الأحزاب تكون نتيجة حاجات خارجية، [ هذا ما يذهب إليه راشد صبري بك حمادة الذي يرى أن الأسر السياسية تنشأ لدواعٍ محلّية، حيث يفرزها المجتمع الأهلي الداخلي، بخلاف الأحزاب التي تنشأ في غالب الأحيان نتيجة عوامل خارجية، و بدعم من هذه القوى غير المحلية..].
بمعزل عن هذا النقاش، و عن النتيجة التي يمكن أن نخلص إليها، و بغض النظر عن الرأي التفصيلي في تجربة العائلات السياسية والأحزاب، سواء كانت لدى المسلمين الشيعة، أو لدى سواهم من طوائف لبنانية؛ لكننا نرى أن التجربة الطويلة التي اضطلعت بها العائلات السياسية الشيعية، هي أميز بكثير من تجربة الأحزاب الشيعية التي قامت على انقاض هذه الأسر!!
[ الإقطاع؛ بوجهيه! ]
عادةً يسعبد الإقطاع الناس، و يتحكّم بهم انطلاقاً من لقمة عيشهم، حيث استغلالهم في معادلة ملخصها هدر حياة الناس في سبيل تحقيق مصالح الإقطاعي، و لتنمية ثرواته ومقدراته… بهذا المعنى يتجسّد الإقطاع في وقتنا الراهن بأبشع صوره في القوى الحزبية المستأثرة بالقرار السياسي اللبناني عموماً، ومن ضمنه الشيعة، ولذا يصح أن نقول أن مفهوم الإقطاع السابق قد تجسّد فعلياً مع الثنائي الشيعي، الذي يمارس الإقطاع بشكل جلي، من ناحية ربط الناس بمصالحهم المالية، حتى أن الكفاءات الشيعية المستقلة أضحت تعاني كثيراً من وضعها المزري، كونها مهمشة، و لا تجد لها أدنى دور إلا عبر الإنصياع الكامل للأحزاب…
دولة الرئيس الحبيب :
قد يكون من حقكم التنافس السياسي مع العائلات الشيعية، ولكن لا أعرف كيف تجيبون عن تفاعلكم – في حزب الله وحركة أمل – مع كل العائلات السياسية غير الشيعية، من آل فرنجية، وآل إرسلان وآل جنبلاط وآل سلام وآل كرامي …
بل النموذج الأبرز هو مباركتكم للتوريث السياسي الذي قام به وليد جنبلاط لنجله تيمور، حيث ظهر بشكل فاقع إلتفاف الحزب وأمل حول جنبلاط بهذه الخطوة ..!!!
وهنا لا أدري كيف توفقون بين كلامكم في مقارعة.
محاربة الإقطاع، وبين حضور النائب علي بزي (ممثلاً الرئيس نبيه بري) و النائب حسن فضل الله (ممثلاً السيد حسن نصر الله) على يمين وشمال وليد جنبلاط في توريث ابنه الزعامة العائلية!!!
دولة الرئيس :
لا أملك براعتكم في شرح الأمور التي لا أفقهها، ولا أعرف كيف أوفق بين هذا التناقض، لكن إذا كان من حق وليد جنبلاط أن يورّث ابنه، وكذلك طلال إرسلان وسليمان فرنجية وعمر كرامي .. فلماذا لا يحق ذلك لنظرائهم من الشيعة !!
على أن نستكمل الكلام حول طبيعة العلاقة مع الأسر السياسية الشيعية في مقالنا التالي.
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۖ فإذاجَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ]
محمد علي الحاج العاملي