يُنبئ ما تبقّى من شهر تموز، ومطلع شهر آب، بأن الأسبوع الآتي سيكون لهّابًا وان آب ستكون لهّابًا أيضًا على كل المستويات، عسكريًا ونقديًا واجتماعيًا، وسيمتد اللهيب من لبنان إلى سوريا وصولاً إلى الخليج.
لقد دخلَت المنطقة مرحلة تقاسم النفوذ ويبدو ان هذه المرحلة سيكون “على الحامي” وليس “على البارِد”، بدليل ان التطورات السورية تشهد في آنٍ واحد
تصعيدًا على الحدود مع لبنان ومع فلسطين المحتلة في الجولان ومع الاردن وتركيا.
والمتابع لتطورات عرسال يفترض أن ينظر الى الخارطة كلها أي الى حدود سوريا مع جيرانها الخمسة.
من هذه الزاوية فإن المحادثات التي سيجريها الرئيس سعد الحريري غدًا في واشنطن مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تبدو في غاية الأهمية لأنها تنطلق من أرضية هذه
التطورات، والزاوية الأهم في هذه المحادثات بندان كبيران يقضّان المضاجع اللبنانية:
بند النازحين السوريين وأعدادهم الهائلة التي لا طاقة للبنانيين على تحمل أعبائهم، وبند مشروع القرار في الكونغرس الأميركي بفرض العقوبات، وإذا كان البند الأول يتعلّق برفع نسبة المساعدات الى لبنان، فإنّ البند الثاني دونه عقبات خصوصًا ان الموقف الأميركي في موضوع العقوبات هو موقف تصاعدي وتصعيدي وليس من السهولة تخطيه.
أما اللهيب الثالث فهو الآتي من الخليج، ففي ظل التعنّت القطري فإن دول السعودية والإمارات والبحرين ومصر على موقفها، وما حصل السبت في قاعدة “محمد نجيب العسكرية” غرب الاسكندرية، أكبر برهان على الحزم المتواصل:
قاعدة محمد نجيب العسكرية أضخم قاعدة عسكرية برية في الشرق الأوسط وافريقيا.
الحضور البارز فيها تمثل بالشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في الإمارات، والأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، والأمير سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة ولي العهد نائب ملك البحرين.
حين ألقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كلمته، عاد المراقبون بالذاكرة الى الثورة المصرية التي كان على رأسها محمد نجيب، ثم كان العصر الذهبي مع الرئيس جمال عبد الناصر الذي على أيامه انتشرت الناصرية في العالم العربي فكان تقدم “القومية العربية” على “طائفية التعصب”، والرسالة التي أراد القادة اطلاقها من قاعدة “محمد نجيب العسكرية” هي ان لا خلاص للتعصب الطائفي الذي تغذيه قطر سوى بالقومية العربية من المحيط الى الخليج.
أين لبنان الرسمي من هذه التطورات؟
الموقف الحكيم يستدعي اتخاذ أعلى درجات الحذر، فأي خطوة ناقصة متسرعة قد تؤدي الى هاوية لا أحد يعرف قعرها، لكن ما يدعو الى الارتياح هو ان التوافق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بحيث يمكن الاطمئنان الى ان لا تسرع ولا ارتجالية بل تريث وترقب ودرس أي خطوة قبل الإقدام عليها.
الهام سعيد فريحه