“فَرَفَعُوا أَعْيُنَهُمْ وَلَمْ يَرَوْا أَحَدًا إِلاَّ يَسُوعَ وَحْدَهُ” (متى 17: 8)
للمسيح في المسيحيّة مقام فريد.
هو رئيس إيمانها ومؤسّسه.
هو محور لاهوتها ومكمّله.
هو ربّها وإلهها ومعلّمها وفاديها ومعبودها الوحيد.
لا يُساوى المسيح مع أحدٍ من ملائكة وأنبياء ورسل وقديسين ومُعلّمين. لا يُساوى المسيح سوى مع الآب ومع الروح القدس.
إنه الكلمة الأزليّ وهو معهما في الذّات الإلهيّة منذ البدء.
والمسيح في المسيحيّة ليس الأخ الأوّل، ولا المتقدّم بين المتساوين، ولا الرئيس الفخريّ بين أهل السماء.
إنه الله الذي ظهر في الجسد وله العبادة والتكريس الكلّي.
إنّه الله الذي ليس له مثيل ولا مساوٍ ولا شريك.
لسنا نحن من ألّهه.
بل هو الله الذي أعلن ذاته لنا في أعماله وفي أقواله وفي كمال صفاته.
إنّه الألف والياء، البداية والنهاية، أيّ إنّه الإله الأزليّ الأبديّ.
لا يكفُر من يعترف به إلهًا، ولا يُشرِك، بل يعترف الإعتراف الحسن.
عدم الإقرار بألوهة المسيح لا يُغيّر شيئًا من الواقع.
من يرفضها ليعرف أنّ الألوهة لا تحتاج لبشر يُقرّر فيها أو يُصدّق عليها. والمسيح في تجسّده صدّق على ألوهته بعجائب متنوعة أكّدت سيادته على الطبيعة التي هي من صنع يديه.
هو سيّد الأجساد والأرواح وطبيبها. هو رئيس الحياة يُقيم الموتى ويقوم من الأموات.
لم يتردّد الإنجيل عن القول: “وكان الكلمة الله”. فالمسيح هو الخالق، وهو كان هناك في بدء الخليقة، وهو ضامنها وسيّدها، أمسًا واليوم وإلى الأبد، وهو “الكائن على الكُلِّ إلهًا مُباركًا إلى الأبد”.
ولأنّه الإله المتجسّد فهو قادر أن يُكفّر عن خطايا البشر ويشفع بهم لدى الآب.
قدّم جسده على الصليب وقام وصعِد وجلس في العرش لخلاص خليقته.
ولفهم أحكام العدل الإلهي وتدبيرات الرحمة السماوية، يحتاج المرء أن يفهم التجسّد وعمل الفداء والقيامة المجيدة أولاً.
ولأنّنا نعجز أن نفهم كنه أسراره الشخصيّة بقدراتنا البشريّة المشوّشة، نحتاج لعمل نعمته ليُنير أذهاننا وليفتح عيوننا.
وهو لا يبخل بذلك إذ يفيض بنعمته فيفتح عيون العمي ويبعث النور في أذهان أظلمتها الخطيّة فيُعاين الإنسان المسيح وحده الإله الحقيقيّ.
ومن استنار وعرف المسيح نور العالم وامتلأ من روحه لا يعود يلتفت إلى غيره.
من عرف المسيح لا يعود بحاجة لغيره.
المسيح وحده قادر أن يُخلّص إلى التمام، وقادر أن يسمع ويستجيب لأنه موجود في كلّ مكان وكلّي القدرة لا يعجز عليه أمر.
من عرف المسيح لا يعود ينظر إلى غيره إذ يشغل القلب ويُقنع الذهن ويملأ الحياة.
هناك شبع مع المسيح.
هناك اكتفاء في المسيح.
من اختبر المسيح يُشدّ إليه ويؤسَر به فلا يعود يقبل غيره.
إنّه المسيح ربّ المجد لا سواه.
من اهتدى للمسيح لا يعود يبحث عن آخر.
من انتمى للمسيح لا يعود يهوى سواه.
للمسيح وحده الحبّ والولاء والتسبيح.
القسيس د. ادكار طرابلسي