إسمع يا دولة الرئيس (١٠) : في خضم الرسائل المفتوحة

توطئة :

كنتُ مصمماً منذ بداية نشر هذه المكاشفات مع الأستاذ نبيه بري (حفظه الله) أن لا تتجاوز البضع رسائل، وأن لا تتعدى القضايا العامة والكبرى على مستوى الطائفة الشيعية في لبنان، دون التعرض للتفاصيل، لكن كثرت الرسائل والتعليقات التي تردني مطالبةً بإثارة حقوق أشخاص ومناطق ومجموعات ..

تجعلني أشعر بالمسؤولية الأخلاقية والدينية تجاه أبنائنا وشعبنا !!

علماً أنني أنزّه الأستاذ نبيه عن معرفته ببعض الأمور التي تجري ولا يمكنه معرفتها أو ضبط خلفيتها ..

نتيجة تعقيدات موقعه وتعقيدات المحيطين به، مع تأثير بعض أصحاب المصالح الشخصية على بلورة رؤيته وانطباعاته عن واقع الحال في الطائفة، وإخفاء معاناة الكثير من المضحين والشرفاء من أبناء جلدتنا !

و إننا إذ نتوجّه لكم بهذه الرسائل فلكونكم من الكرام، وفي قول أمير المؤمنين علي عليه السلام : “ليس بحكيم من قصد بحاجته غير كريم”.

دولة النبيه الحبيب :

لا أحسد نفسي على نشر هذه الرسائل الموجّهة لجنابكم الكريم، كونها حمّلتني مسؤوليات إضافية، وجعلتني أشعر أن تكليف إثارة هذه المسائل هو “واجب عيني” عليَّ – كما يعبّر فقهاؤنا، في هذا الزمن الذي يعلو فيه منسوب الأنانية، والمصالح الشخصية، دون الإكتراث لمصالح الطائفة العليا، فلم يعد هناك مَن يهتم بالمنافع العامة للشيعة، ولا يتم الإكتراث إلا لما يحقق فوائد مباشرة ضيقة خاصة !!

فالطمع والجشع مستحكمان في ذهنية العاملين بالشأن العام، وطبعاً كان هذا النفَس موجوداً قديماً، لكن ليس بالحدّة الحالية !

ولا أقول إن ارتفاع منسوب الجشع زاد في زمن الثنائي الشيعي، وتالياً فهما مسؤولان عنه..

بل كل ما أقوله أن الخوف من تفويت المصالح الشخصية يجعل المحيطين لا يصدقونكم الرأي والقول، ولا ينقلون لكم نبض الشارع الحقيقي، بل لا ينقلون إلا ما فيه مصالحهم الضيقة فحسب ..

أستاذ نبيه :

قررتُ أن أُخصص هذا المقال كمحطة واستراحة في سياقه للإضاءة الموجزة على خلفيات بعض الإثارات، وعليه فالمأمول أن يتسع صدركم لمطالب وهواجس شرائح من المجتمع الشيعي، وأن لا يقتصر اهتمامكم على محازبيكم فحسب، رغم أهمية رعايتهم، لكنكم في موقع عام، وينبغي العمل بالمناقبية الرفيعة لتولي المواقع العامة، حيث يتم وضع الولاءات الحزبية جانباً والتفاعل مع كل المواطنين بشكل متساوٍ، لاسيما لمن يتبوء موقعاً بحجم موقع رئاسة السلطة التشريعية، نظيركم.

ولا يجوز أن يبقى الوضع : إذا كانت شريحة شيعية محدودة بخير؛ فإن الطائفة بكاملها بخير !! فهذا غير صحيح، وعلي بن أبي طالب يقول : “من وثق بالزمان صرع” والنبيه من الإشارة يفهم.

كما أتمنى أن لا تعتبر أن كل مَن يطالبني بإثارة قضية معينة هو من الذين يخافون المجاهرة بها، أو أنه من أصحاب المصالح الذين يخافون عليها، ولا تعنيهم قضايا الناس العامة، بل هناك يا دولة الرئيس مَن يصعب عليه إيصال صوته لدولتكم، وتالياً فالمسؤولية في هذا الإطار تتضاعف عليّ، وأشعر أنني مسؤول بعرض تلك القضايا لجانبكم الكريم، وفي قول علي عليه السلام: “أفضل الناس رأياً مَن لا يستغني عن رأي مشير” وإن كنتُ أعرف بشكل قاطع أن تلك الإثارات لا تعنيني شخصياً، ولن أُحصّل منها على أي منفغة خاصة، لكنني بذلك أرضي ضميري، وهذا كاف لي على المستوى الشخصي، فلا أقارب القضايا العامة من زاوية انعكاسها عليّ، وقد تمكنتُ ولله الحمد من المحافظة على هذا المسلك في مسيرتي، في كل المرحلة السابقة، والتي أسأل الله أن ألقاه وأنا بنفس النهج المترفع عن المصالح الشخصية..

الشيخ محمد علي الحاج العاملي

اخترنا لك