الالحاد وربيع العرب !

الإلحاد حالة شاذّة في تاريخ البشرية، كون الانسان مفطوراً على الإيمان بالخالق، ففطرة البشر السليمة تؤمن بوجود إله موجد للكون.

بمعزل عن كون الملحدين لم يتمكّنوا من تقديم أدلّة مقنعة على أقوالهم : فإننا لاحظنا أن الكثير من الذين نظّروا للإلحاد وجدناهم بعدما تقدّم بهم العمر فقد غيّروا آرائهم …

فأغلب الملحدين هم ضحايا أفكار مسمومة وفاسدة، وتالياً فيُستحسن بنا ” انطلاقاً من تعاليم سيدنا يسوع المسيح” اعتبارهم مرضى يجب علينا السعي لمعالجتهم، عملاً بنصيحة البابا الراحل القديس شنودة الثالث حين كان ينصح الكهنة ويقول لهم : ” كونوا محامين ولا تكونوا قضاة على رعاياكم “.

فليست من أخلاقنا المسيحية ولا من قيمنا الإنجيلية ان نتهجّم على الملحدين، فهم أشخاص ضالّين يفترض بنا هدايتهم كوننا اذا تهجّمنا عليهم نبعّدهم عن الدين وننفّرهم منه، لذلك يجب ان تكون اخلاقنا وآداءنا أبلغ تعبير عن تعاليم ديننا المستقاة من سيرة سيدنا يسوع المسيح.

فقد أعطانا الله الحرية التامّة لكي ننكر وجوده ونصبح مُلحدين، وهذا ان دلّ على شيء فانّما يدل على الرحابة الالهية، وكون الله عزّ وجل أراد ان يُمكّن الانسان بالحرية التامّة للتعبير عن ايمانه ومعتقداته.

وهذا ما نلحظه في تطوّر موقف الكنيسة المسيحية في رؤيتها للمُلحدين، وتحديداً بعد المجمع الفاتيكاني الثاني الذي فيه عُصارة تطوّر الفكر المسيحي لمرحلة سابقة “نصف قرن تقريباً”.

الإلحاد في خضم الربيع العربي

شهدت المنطقة العربية انعطافاً كبيراً في رؤيتها للدين نتيجة الأحداث التي جرت عقب الربيع العربي، حيث التجربة السيّئة “للاسلام السياسي”، فبمعزل عن ما أنتجته الحركات الاسلامية من قتل ودمار وتشريد …، فأقل ما يقال في تجربة الحركات الدينية السياسية انها أصبحت تُعيق قيام أنظمة سياسية حديثة.

وأعتماداً على احصاءات غير رسمية، فان نسبة الإلحاد الأعلى هي في دولتي : السعودية وايران وتليهما مصر وسوريا.

من ذلك يتّضح ان البلاد الأكثر تشدّداً على المستوى الديني، والبلاد التي دمجت بين الدين والدولة هي التي تشهد حالات الإلحاد بشكل أكبر من سواها.

فان السبب الرئيسي الذي يجعل من مزج السياسة بالدين عاملاً مؤدّياً للالحاد هو ادخال الدين في قضايا ليست من شانه.

وهو الشيء الذي يسيء للدين، ويلوّثه، والأسوأ من ذلك أن شعوب منطقتنا ما زالت تخلط بين الأمرين، ولطالما اعتبرت مصالح القادة السياسيين وكأنها مصالح الدين !!!

جوي حداد قصر بعبدا الجمهوري

جوي حداد
مدير التحرير 

اخترنا لك