ألم يلاحظ الجميع تهكّم الطبقة السياسية على أغلب قضاة لبنان، وهذا الأمر ليس بجديد، والأدلة كثيرة، ألم يلاحظ الجميع تطاول الطبقة السياسية على حقوق القضاة المحقة والمشروعة وصلاحياتهم، والتدخل بكل صغيرة وكبيرة، حتى أصبح القاضي في معظم الأحيان، هو السياسي النافذ وليس القاضي، والأدلة كثيرة، والكل يعرفها، وهذا الأمر ليس بجديد، حتّى وصلت الوقاحة السياسية المس بصحة القاضي وأولاده وعائلته، وصندوقه، وحقوقه، والأكثر من ذلك، تجاوز السلطة السياسية للقانون، ولا من يحاسب، وعلى مرأى ومسمع القضاة، ونقل هذا من هنا الى هنالك.
لذلك…
نناشد القضاء، القضاة، الصحوة، الصحوة، الصحوة، والتنبه لما يحاكُ لهم، ولِمَ يُحضّر لهم، لتكبيل أيديهم، والتطاول عليهم، هذا كلّه، فقط، لأن هذا القضاء، هو الذي سيحاسب ذلك السياسي الفاسد، عاجلاً أم آجلاً، ومهما طال الوقت، لابّد أن يتغير الزمان، ويستطيع ملاحقة هؤلاء الفاسدين.
وأقول لأؤلئك، الفاسدين، وبعض المغتصبين، أن تطاولكم على بعض القضاة، ما هو إلاّ تطاول على أذنابكم، الذين زرعتموهم أنتم داخل الجسم القضائي، لحماية مصالحكم، وعدم المس بكم، وملاحقتكم، ليس إلاّ، وإن عدد القضاة على ساحة الوطن، ليس بقليل، نسبة عالية منهم، تتمتع بالكفاءة، والنزاهة، والإستقامة، ولن تستطيعوا لويَ ذراع الجسم القضائي، وهو من سيلوي ذراعكم عاجلاً أم آجلاً، وإن ثلّة قليلة من القضاة الفاسدين أمثالكم، لا يتجاوز عددهم العشرات، لن يستطيعوا المس بهيبة القضاء والقاضي، وإستقلاله وإستقلال قراره، لن تستطيعوا إخضاعه، حتّى ولو سلبتموهم حقوقهم، وان فضيحة مالية لأحد القضاة، هو نفسه هذا القاضي المرتشي، الذين زرعتموه بينهم، والذي أصبح يملك الملايين، والمواكب،والذي يتبجّح أمام الناس، ويمنع الناس من مقابلته، كأنه نبي، أو آله، هو نفسه هذا القاضي الذي وضعتموه داخل الجسم القضائي النظيف، وأقول لكم، حبّة فاسدة من التفاح، لن تستطيع أن تفسد سحّارة تفاح نظيفة ونضرة.
وهو نفسه هذا القاضي التابع لكم، الذي إذ تدخل عليه بعد طول إنتظار أمام بابه، هو نفسه الذي يهدر المال العام، بالإتصال بخليليته، ويمضي ساعات وساعات، متجاهلاً حقوق الناس والعباد، وإذلال القاضي، وهو نفسه الذي يقف حاجبه أمام بابه، كالمفترس يمنعك من مقابلته، حتّى تظن نفسك، بأنك تدخل البيت الأبيض، وهو نفسه، هذا القاضي، الذي تُغدَق عليه الهدايا والحُلي، له ولزوجته والرشاوي، وأن وظيفته هي فقط تنفيذ أوامركم، ورغباتكم، ليس أكثر، وأن ذلك المفترس الحاجب، يتصرف بأنه القاضي، ونراه يبعد المواطنين أخوانه دفشاً لمرور حضرة القاضي، وأكثر من ذلك، إن فضيحة جنسية لأحد القضاة، لن نستطيع المس بهيبة القضاء والجسم القضائي، مهما حاولت تشويهها، والمس من سمعتها، حتى تفقد هيبتها، مع العلم أن ذلك التسجيل الفيديو، لأحد القضاة، هو قديم وليس وليد الساعة، بل أستعمل الآن للمس بهيبة القضاة، والحد من عزيمتهم وإسكاتهم والمس بحقوقهم، ونقول لهذا القاضي الفاسد، المرتشي، إحذر، هؤلاء الفاسدين الذين لا رحمة لهم، ولا وفاء عندهم، ولا مبدأ لهم، سيتخلون عنك، عندما تسقط، أو عندما لا تُطيع الأوامر، ولن يستطيعوا حمايتك.
وأُذكرك بذلك القاضي، الذي أطاع الآوامر، وكُشف أمره، وإحيل الى هيئة التفتيش، سُرِّح الى البيت مذلولاً، مهاناً، وتخلوا عنه وكأن شيئاً لم يكن، وغيره، وغيره، لن يسكت القاضي بعد اليوم، سيثور، سيغضب، وسنقف الى جانبه حتى يستعيد حقوقه، والمس بكرامة وحريته وإستقلاليّته، لأنه الملاذ الوحيد المتبقي لهذا الوطن، وهو العامود الوحيد الباقي من أعمدة هذا الوطن، الذي هدمتموه علنا حتّى تبقوا أنتم على كراسيكم، وأن هذا القضاء، هو ما تبقى من أجل قيام دولة قوية حرة يسودها الحق والقانون، وسنتماسك يداً بيد، مع القضاة الشرفاء، لنبقى مستقلين، حرّين سيادين، لإنتشال ما تبقى من وطن، لمقاضاتكم على سرقاتكم، ونهبكم للمال العام، حتى وصلت بكم الوقاحة، لقوننة السرقة بطريقة محترفة وقانونية، حتى أصصبحت رائحة صفقاتكم أعبق من رائحة النفايات التي ملئتم بها شوارعنا، وإختلفتم حتى في موضوع النفايات، في كيفية إقتسام قالب الحلوى، وليس على كيفية إزالة النفايات من الشارع، لم يعد في وسعنا أن نتحملكم، أصبحنا نتمنى العيش في جهنم وليس في لبنان، كفاكم إذلالنا، كفاكم سرقة أموالنا، كفاكم إفقارنا،
سنقف يدّاً واحدة متراصّين بوجهكم، حتّى ولو دخلنا السجون، ولن نسكت، حتى ترونا تحت التراب.
وأقول للمواطن العاتب على القضاء، بلجوئه الى الإضراب والإعتكاف، صبراً أيها المواطن، عندما يستعيد القاضي هيبته وإستقلاله، أنت ستكون بخير، وحقك سيكون بأمان، لأنك ستدرك أنك أمام قاضي شجاع لا يخاف الحق لومة لائم، ولا يهاب الحق، وان ما لجأ إليه هذا القاضي، من إعتكاف، هو ان آخذ العلاج الكي، لم يعد يرى أمامه من وسيلة لإسترجاع حقوقه سوى بهذه الطريقة.
وكلمة الحق تعلو فوق كلمة النفاق والدجل، ولا يمكننا أن نتجاهل ذلك القاضي الشريف، المتواضع، الذي لم نراه يوماً يغلق أبوابه أمام إخوانه من المواطنين والمظلومين، والذي هو واحد منهم، وبابه مشرّع على مصرعيه، مفتوح للفقير قبل الغني، والصغير قبل الكبير، والعجوز قبل الشاب، وينحني أمام شكاوى المواطنين، فتارةً يخالف القانون المزيف وقانون الظلم ويقف الى جانب قانون الإنسانية والرحمو والعدل، ويُخفف عن كاهل المواطنين الظلم الذي لحق بهم، كونه على يقين بأن القانون في لبنان يطبق فقط على المواطن الفقير الذي لا سند له سوى الله، فأبى إلاّ أن يكون صوت الحق، وهذا النموذج من القاضي تملؤه قصور العدول.
وأخيراً.. على أمل أن نحلم بوطن حر سيد مستقل، نقنع أبنائنا بالثقة بهذا الوطن الجميل، لكل أبنائه، ونعزز مبدأ فصل السلطات، ليعم الإطمئنان، بين المواطنين، ونعزز معنى المواطنة والعمل من أجل لبنان
المحامي أحمد بشير العمري