منذ حوالي السنتين، وكلما زرت خيمة أهالي العسكريين المخطوفين، أو كلما التقيت حسن يوسف أو أحد الأهالي في نشاط ما، كنت أفكر بيني وبين نفسي، أن العسكريين قد أصبحوا في عداد الشهداء.
لماذا؟
بكل بساطة لأن الحديث عنهم أو التفاوض بشأنهم أصبح في عالم النسيان. كنت أعبر عن إحساسي للأصدقاء، لا سيما بعد ارتقاء شباب معلولا عرش المجد، مفكرا بمصير المطرانين وكثير من المخطوفين الذين لم يعد شأنهم يشكل تفاوضا مع أحد.
أما أمام المحزونين كنت أردد: علينا بالثبات والصلاة!
لا بل كنت أحس أن ذوي العسكريين أيضا أصبحت أفكارهم تميل نحو الشهادة.
لكنه صراع الحياة ولا بد من الاستمرار بالمطالبة.
أحياء أو أموات، إنهم أبناء الوطن المغدور والحرية المفقودة.
واليوم ترتفع من جديد صور الجنود، ليس بحلة المخطوفين إنما بحلة المستشهدين. ويرتفع صراخ الألم، وأصوات التنهد.
من المسؤول؟
سؤال أصبح بلا فائدة.
والجواب لا يرد إلى الحياة حبيبا، ولا يشفي ألم قلوبنا المثقلة بالفاجعة.
لن نزور بعد اليوم خيمة أهالي الأسرى لأنهم عرفوا مصير أبنائهم، لكننا سنزورهم كل يوم بصلاة الرجاء والإيمان.
لن نصلي بعد اليوم من أجل عودة المخطوفين، إنما من أجل دخولهم ملكوت السماء.
أراق هؤلاء، مع من سبقهم إلى الشهادة، دمهم الأحمر الزكي أمام عرش الوطن.
إنه لون الدم الواحد حيث لا طائفة ولا منطقة ولا لون بشرة.
إنه الدم الذي ينزف منا جميعا كل يوم، لعله يروي الوطن ويعيد إليه الحق والعدل والسلام.
لن يفتح هذا الملف بعد اليوم، فقد ختم بالدم الأحمر.
أملنا أن تختم كل الملفات بالخير فننتقل من الأحمر إلى الأبيض والأخضر لنرفع علم السلام والعيش باطمئنان.
الأب عبدو رعد المخلّصي