عن رسول الله : [إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا]
دولة الرئيس الحبيب :
لم أكن أتصور نفسي أن أقف في يوم من الأيام لأدافع عن مرتكبي بعض المخالفات القانونية؛ لكن المستوى الذي وصلنا إليه أصبح يحتم علينا أن نكون منصفين و عادلين..
ففي أدبياتنا الدينية نتحدث عن ذنوب كبيرة، وأخرى صغيرة، وهذا ما أود استعارته في مقامنا؛ ففي المخالفات أيضاً هناك الصغيرة، كما هنا الكبيرة..
وبظل كل هذه المخالفات التي لا نعرف أين تبدأ، ولا أين تنتهي، لا يحق لنا أن نترك الكبائر ونركز على “صغار المخالفين”!
فلا يخفى على مواطن يا دولة الرئيس حجم المخالفات المخيف، الذي ينتشر في كل بنية دولتنا ونظامنا وأدائنا السياسي، وعلى كافة الأصعدة التربوية والصحية .. وكأن السلطة في لبنان لا ينقصها حتى يستقيم أمرها وتبسط سلطتها إلا إزالة مخالفات في بعض زوايا الضاحية الجنوبية لبيروت !!
دولة الرئيس :
إن التمديد للمجلس النيابي اللبناني يمثل مخالفة أسوأ بكثير من تلك التعديات المحدودة في “حي السلم” ..
كما أن الفراغ الرئاسي الذي شهده لبنان لأكثر من عامين هو مخالفة أبعد بكثير من بضع مواطنين يتعدون على الأملاك العامة !!
دولة النبيه :
أليس من المعيب بهذه السلطة إغراق لبنان بالنفايات والأوبئة .. ثم تأتي – هذه السلطة – بوقاحة لتطبق الأنظمة على بعض المعسورين ؟!
هل من العدالة أن تسرق هذه السلطة المال العام، لدرجة بتنا نرى الثروات الطائلة لدى كل من تبوأ منصباً فيها؛ ثم يأتي زمرة من الوقحين ليطبقوا الأنظمة على بعض المواطنين العُزل !!
وأليست ملفات التجنيس وفسادها المعروف للقاصي والداني أكثر مخالفةً من بعض تعديات محدودة !!
وحتى على مستوى البناء؛ فهل يعقل أن نتوقف عند بعض المخالفات القانونية الصغيرة وترك المخالفات على الأملاك البحرية وعلى أملاك سكة الحديد.. التي تشترك فيها كل القوى السياسية !!
هل يُعقل أن يغيب عن علم دولة الرئيس المخالفات الجسيمة التي يقوم بها الوزراء والنواب والمسؤولون .. في مشاريعهم وأعمالهم !!
وبمعزل عن هيمنة الميليشيات على مواقع السلطة، لكن هل تبوء المسؤولين لمناصبهم بفعل “العفو العام” هو أقل خطورةً من هذه التعديات !؟
كما أن ارتهان الطبقة الحاكمة للخارج، كل طرف لمحوره الخاص خيانة وطنية لا يمكن مقارنتها ببناء “كوخ” أو سواه بشكل غير قانوني !!
ولا أدري إذا كان بالإمكان مقارنة مخالفات حي السلم، بما أوصلنا إليه ساستنا اليوم،حينما حولوا اللبنانيين لأقل من نصف سكان الوطن، بهجرة شبابنا، ومع الوجود السوري والفلسطيني.. الذي يهدد التركيبة اللبنانية بالصميم، وهذا ما سندفع ثمنه قريياً جداً ..
أستاذ نبيه :
وفي شأننا الشيعي الخاص : أليس انتخاب الشيخ عبد الأمير قبلان “الثمانيني” و”غير المجتهد” لرئاسة المجلس الشيعي هو مخالفة قانونية جسيمة ؟!
وهل تعلم أن مركز رئيس المحاكم الشرعية الجعفرية شاغر من قرابة السنتين، وهذا ما يخالف القوانين ؟!
هل تعلم يا دولة الحبيب أن إلغاء دور المجلس الشيعي من الساحة الخاصة والعامة، وانتفاء دوره الإسلامي والعربي، أقل ما يقال فيه أنه يمثل مخالفة للقوانين أيضاً ؟!
والأسوأ من كل ذلك هناك مراكز دينية وحزبية بنيت بطريقة غير شرعية، وبعضها بنيت على أراض غير ممكلوكة، في بيروت، وفي ضاحيتها الجنوبية أيضاً!!
كما أن الإستنسابية في الإستيلاء على الأوقاف بشكل غير متساو هو مخالفة لمبدأ العدالة وللقوانين ؟!
أخيراً يا دولة الرئيس الحبيب : ليت السلطة تبحث عن حلول لأزمات الكهرباء، والنفايات، والأملاك البحرية .. وغيرها من قضايا عامة تمس الشرائح الشعبية كافة؛ وبعد ذاك نأتي لمنع المخالفات، التي لا يجوز أن تستمر، على نبدأ بكبائر المخالفات، دون صغائرها، فإن التمييز بين القوي والضعيف هو العامل الأهم في سقوط الأمم وانهيارها، كما جاء عن رسول الله في حديثه الشريف أعلاه.
الشيخ محمد علي الحاج العاملي