الارتباك السياسي الناجم عن التباعد المتفاقم بين رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب في لبنان، مرشح للاستمرار، على الرغم من المساعي والوساطات، في ضوء المستجدات المتمثلة بدخول رجال الدين على الخط، عبر تصريحات للبطريرك الماروني بشارة الراعي من بعبدا، متبنيا رأي الرئيس ميشال عون بأن مرسوم الأقدمية لضباط دورة 1994 لا يتطلب توقيع وزير المال، فيما كان سبقه الشيخ عبدالأمير قبلان رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الى اعتماد موقف رئيس المجلس نبيه بري، الحكيم والمسؤول، بوجوب توقيع وزير المال على جميع المراسيم.
ويوما بعد آخر تتصاعد حرارة التحدي، بتدرج متسارع، فقبل تصريح البطريرك من بعبدا، كان هناك كلام لمصادر التيار الوطني الحر، تتوعد بري بانتزاع مطرقة رئاسة المجلس منه في الدورة المقبلة، وقد سئل رئيس التيار وزير الخارجية جبران باسيل عما اذا كان نواب التيار ينوون عدم الاقتراع لبري في حال جرت الانتخابات في الموعد المحدد، اكتفى بالقول: في الديموقراطية الناخب والمنتخب هما من يقرران ما اذا كان يمدد لبري في رئاسة المجلس أم لا.
المصادر المتابعة تتوقع ارتفاع وتيرة الكلام عن الاوضاع الاقتصادية اللبنانية المتدهورة، وتحديدا عن سعر صرف الليرة المهددة بالاهتزاز بمواجهة الدولار الاميركي وغيره من العملات الأجنبية، على الرغم من الاجراءات المعتمدة من جانب مصرف لبنان المركزي لحماية سعرها الثابت منذ تولي رياض سلامة حاكمية المركزي، وفي رأي المصادر لصحيفة “الأنباء” الكويتية أن كل هذه التوترات، الحقيقي منها او المفتعل، تصب في خانة تطيير الانتخابات النيابية المحدد موعدها في مايو، لأن ثمة قوى داخلية تخشى فقدان وزنها النيابي، في حال جرت الانتخابات في الظروف السياسية الراهنة، تقابلها إقليمية رافضة لتجديد المؤسسات التشريعية وبالتالي التنفيذية في لبنان قبل وضوح صورة الحلول الإقليمية.
وتلاحظ المصادر انه فيما يشكل مصير الانتخابات محور تصريحات كبار القوم، يتصرف المتطلعون الى مجد النيابية وكأن الانتخابات حاصلة غدا، من حيث الحديث عن اللوائح الانتخابية والمشاريع، وقوانين العفو والولائم وغيرها من الإغراءات المدرجة في خانة الرشاوى الانتخابية المقنعة.
من جهته، الرئيس بري قال امس “على رأس السطح” لن اقبل بتعديل قانون الانتخاب الذي بقينا سنوات طويلة حتى وصلنا اليه، ولذلك لا مجال للخوض فيه مجددا في مجلس النواب، لافتا الى ان موضوع البطاقة الممغنطة محلول في متن القانون، وبالتالي لا حاجة لتعديله مع وجود اشارة الى امكانية الانتخاب ببطاقة الهوية او جواز السفر.
اما باسيل، فقال ان لبنان دخل في سنة الاستحقاق الاكبر وهي الانتخابات النيابية، وهو على موعد مع اصلاح نظامه السياسي. وخلال تدشينه محطة التحويل الرئيسية للكهرباء في الاشرفية، اشار الى اننا امام منهجين في البلد، واحد للانجاز وآخر للعرقلة وتسكير الطرقات والمؤسسات.
والرهان الآن على توافق الرؤساء وتعاونهم والتنسيق فيما بينهم، لحماية الاستحقاق الانتخابي من الاخطار المحدقة به، حسب بيان المجلس الاسلامي الشرعي الأعلي الذي انعقد في دار الفتوى امس.
وتقول المصادر لصحيفة “الأنباء” الكويتية ان المهل الانتخابية بدأت تتآكل بسرعة، فدعوة الهيئات الناخبة يجب ان توجه من وزارة الداخلية قبل 22 يناير، وتحديدا يوم الجمعة في 19 منه، لأن السبت والاحد في 20 و21، عطلة رسمية، وفي 5 فبراير يفتتح باب الترشيحات، حتى الخامس من مارس، ومن 5 مارس حتى 27 منه، يجب تقديم لوائح الترشيحات الى الداخلية، ولن يقبل اي مرشح منفرد، حتى ولو قدم ترشيحه ضمن المهلة، وثمة معلومات ترجح تقديم الرئيس الحريري ترشيحات تياره في 14 فبراير، في احتفال ذكرى اغتيال والده الشهيد رفيق الحريري، وهذا ما يفسر القلق على اصطدام الاستحقاق الانتخابي بجدار المهل القانونية بقصد او عن غير قصد.