وثائق الاتصال ووسائل الاخضاع لم تلغَ بعد والسبب ” السياسيون “

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن عفو عام يشمل الموقوفين الذين لم تتلطخ ايديهم بالدماء، وكذلك المطلوبين من مزارعي الحشيشة خصوصاً في منطقة البقاع والهدف من ذلك تسوية أوضاعهم والبحث عن بديل لزراعتهم الممنوعة قانوناً حتى الساعة، ولا يُخفى على أحد أن هذه المطالبات مرتبطة باقتراب الاستحقاق الانتخابي. ولكن مهلاً، قبل أن تصدر الدولة قرارات جديدة تتعلق بالتوقيفات أليس من المفترض على أجهزتها الأمنية أن تطبق قرارات سابقة تتعلق بالتدابير الإدارية التي تتخذها بعض الأجهزة الأمنية ذريعة لتوقيفات مخالفة للدستور والقانون؟

أثار مؤخراً توقيف إمام مسجد النور في منطقة المنكوبين – طرابلس الشيخ محمد إبراهيم لوجود “وثيقة اتصال” بحقه عاصفة من الردود الشاجبة لهذا العمل حيث أثارت قضيته الرأي العام وأظهرت عن عدد لا بأس به من التوقيفات التي ما زالت تحصل استناداً على وسائل الاخضاع الصادرة عن الأمن العام ووثائق الاتصال الصادرة عن مديرية المخابرات في الجيش في مخالفة واضحة لقرار حكومة الرئيس تمام سلام في العام 2014.

“شو طالع بإيدنا، سألوا السياسيين”

ففي 24 تموز 2014 أصدر مجلس الوزراء قراراً بإبطال وسائل الإخضاع ووثائق الاتصال الصادرة عن الأجهزة الأمنية بناءً على اقتراح وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، الذي أعلن آنذاك أن “القرار هو انتصار للحريات في لبنان”، ولكن بعد مرور أكثر من 3 سنوات على هذا القرار يبدو انه ليس إلا حبراً على ورق، وتقول مصادر قضائية في هذا السياق إن “التدابير الادارية هي إجراء مخالف للدستور و90% من الموقوفين بناء على وثائق الاتصال تظهر براءتهم ويتم اطلاق سراحهم خلال أيام وهذا دليل على أن هذه التدابير الادارية لا تعتمد على أي سند فعلي”، ورداً على سؤال عن استمرار العمل بها من قبل الأجهزة الامنية تقول المصادر: “شو طالع بإيدنا، سألوا السياسيين”.

قضية توقيف الشيخ إبراهيم، بسبب وثيقة اتصال على خلفيات سياسية، بحسب ما قال، وطريقة التعاطي معه تعيد إلى الأذهان طريقة التعاطي مع الأسير المحرر أحمد اسماعيل الذي كان أوقف في آب 2017 وعقد مؤتمراً صحافياً عقب خروجه تحدث عن طريقة استدعاءه من قبل مكتب شؤون المعلومات في الأمن العام، وما جرى معه من ترهيب معنوي له على خلفيات مواقفه السياسية، بحسب ما أكد خلال مؤتمره الصحافي.

كما ان هاتين القضيتين يشبهان قضية الشاب “ح.ح” (مواليد صور 1986) حيث تم استدعائه الى ثكنة محمد زغيب في صيدا بتاريخ الأول من آب 2017 بناءً على وثيقة اتصال، وما رافق ذلك من تعذيب جسدي واهانة معنوية له، وثقها في دعوى قضائية موثقة ومقدمة إلى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية وهي تأخذ مجراها القانوني.

الحالات المذكورة تجمع في رواياتها على طريقة التعاطي “غير المقبولة” أثناء التوقيف، حيث تحدث الشيخ إبراهيم عن عدم علمه بوثيق الاتصال واضعاً مع حصل معه في إطار “تصفية حسابات سياسية”، فيما تحدث اسماعيل عن “تهديد وتلفيق وعمليات ترهيب سياسي وتهديد بالقتل”، من جهته وثق “ح.ح” في دعواه القضائية “حالات الضرب والشتم التي تعرض لها”، وكل ذلك يحصل من دون محضر رسمي يوثق الأفعال “غير اللائقة” بمن يرتدي الزي العسكري.

هذه الحالات وغيرها المئات تحصل من دون حسيب ولا رقيب في أروقة أجهزة أمنية تبذل الغالي والرخيص في سبيل مكافحة الجريمة والارهاب، وجميع اللبنانيين على مختلف انتماءاتهم يشهدون على كفاءة عالية أظهرتها الأجهزة الامنية اللبنانية في شتى المجالات فلم يعد من المقبول أن تكون المؤسسة التي تقدم دماء شهدئها دفاعاً على الوطن تعتمد على تدابير إدارية لتوقيف بعض المواطنين اللبنانيين بطريقة مخالفة للقانون والدستور وهي القادرة على التحقيق ومعرفة حيثياتها وإبلاغ القضاء للتحرك بناء على إشارته.

أين المخالفة في التدابير الإدارية؟

لماذا تعتبر التدابير الإدارية مخالفة للقانون؟ يشرح المحامي والناشط في الحراك المدني عن تحالف “متحدون” الاستاذ محمد رحيمي أن “وسائل الاخضاع ووثائق الاتصال كانت تحصل خلال أيام الوصاية السورية وهي تصدر من دون إذن قضائي وغير صادرة عن جهةٍ قضائيّة، وهذا مخالف تماماً للقانون والدستور، وهي (التدابير الادارية) تصدر بناء على معلومة من مخبر على الأرض ثمّ تُعمّم على المراكز الامنية والحواجز”، مؤكداً أن “الاجهزة الأمنية يقتصر عملها في هذا الموضوع على تنفيذ القرارات القضائية بناءً على إشارة المرجع القضائي المختص، ولا يسمح لهم التعامل بهذه الطريقة الانتقائية الاعتباطية التي تمس بجوهر عمل مؤسسات الدولة”.

ويؤكد رحيمي أنه “بعد قرار حكومة الرئيس سلام عام 2014 بإلغاء هذه التدابير الادارية يعتبر العمل بها مخالفة صريحة وواضحة لقرار مجلس الوزراء وهذا أمر لم نعتده من قبل أجهزة مهمتها الأساسية تطبيق القوانين”.

ويشدد على أن “تحالف متحدون لا يهدف إلى “قتل الناطور” بل إلى “أكل العنب” فلذلك أجرى فريقه القانوني سلسلة لقاءات مع القاضي سمير حمود ونقابة المحامين لاطلاعهم على المخالفات التي تحصل وهم أبدوا تجاوباً مع الموضوع، كما يقوم الفريق القانوني في التحالف بالتحضير للقاءات مع وزير الدفاع يعقوب الصراف والداخلية نهاد المشنوق وقائد الجيش العماد جوزف عون وذلك لإطلاعهم على المخالفات التي تحصل والطلب منهم التشديد على قرار التوقف فوراً عن العمل بوسائل الاخضاع ووثائق الاتصال”، آملاً أن “لا تصل الامور إلى طريق مسدود ما سيدفع تحالف متحدون إلى اللجوء للقضاء المختص بهدف وقف العمل بهذه التدابير بشكل نهائي”.

اخترنا لك