قبل عامين ونصف العام اختفى خبير تكنولوجيا المعلومات اللبناني نزار زكا، في إيران. وفقدت عائلته التواصل معه لتكتشف بعدها أنه محتجز بتهمة التعامل مع دولة أجنبية ضد طهران.
30 شهراً بالتمام والكمال تغير العديد خلالها. توفيت والدة زكا حرقة على ابنها الأصغر. أما هو فتدهورت حالته الصحية إلى أن أصيب بالسرطان بعد أن حكم عليه بالسجن 10 أعوام “افتراء”، كما تقول العائلة. والثابت الوحيد خلال كل تلك المدة أن الدولة اللبنانية لم تحرك ساكناً للمطالبة بمواطنها.
وفي اتصال هاتفي شقيقته مهى: “كل الاتهامات الموجهة لشقيقي باطلة. لكن اليوم أمام وضعه الصحي حتى هذه الاتهامات لم تعد تهمنا. جل ما نريده أن تتحرك حكومتنا أقله للمطالبة بنقل نزار إلى مستشفى مراعاة لوضعه الصحي. هناك وضع إنساني طارئ. لا يمكن لنزار أن يبقى هكذا وكأنهم يقتلونه ببطء”.
وبحسب العائلة فإن الأوضاع التي يعيشها زكا في السجن الإيراني ساهمت في تدهور حالته الصحية. فنزار، تقول مهى، يعيش في غرفة تحت الأرض حرارتها ست درجات تحت الصفر، ويمنعون عنه كل وسائل التدفئة. حتى إن العائلة حاولت أن ترسل له أغطية وملابس شتوية وقبعة عبر السفارة اللبنانية هناك إلا أن السلطات الإيرانية رفضت إيصال الحاجيات. “في كل مرة يرن فيها هاتفي أخاف أن أجيب كي لا يقولون لي إن نزار توفي”، تضيف مهى.
التواصل مع نزار مقطوع. كان يسمح لزوجته بزيارته، لكن السفارة الإيرانية في بيروت توقفت عن إعطائها إذن السفر لإيران منذ عام تقريباً. فلم يبق أمام العائلة سوى أن تنتظر نزار ليقوم هو بمهاتفتهم عندما يسمح له. لكن المكالمات تكون قصيرة في الغالب وتنتهي بطريقة مفاجئة. حتى إن السفارة اللبنانية في إيران لا تملك حق التواصل مع مواطنها، وفق العائلة.
والدة نزار، التي حملته 9 أشهر في أحشائها، شاءت الأقدار أن تلفظ أنفاسها الأخيرة بعد 9 أشهر من سجنه. “أنا متأكدة أن والدتي ماتت قهراً على ابنها، فهو كان صغيرها المدلل. ونزار احترق قلبه عندما أخبرناه بوفاة الوالدة. فهي كانت بصحة جيدة إلا أن سجن نزار وانقطاعه عنا نال من عزيمتها”، وفق مهى.
لم تترك العائلة باباً إلا وقرعته. وآخر من لجأت إليه كان رئيس الجمهورية اللبنانية، العماد ميشال عون، الذي أبدى تضامنه وتعاطفه مع قضية زكا. لكن حتى الآن لا يزال نزار يعاني من أوضاع سجن غير إنسانية لا تلائم حالته الصحية.
وبسؤالنا لمهى ما إذا كانوا قد لجأوا إلى حزب الله كونهم الفريق الأقرب إلى إيران في لبنان، أجابت: “قررنا أن نلجأ للدولة لأننا أبناء دولة بعيدين عن كافة الأحزاب ووالدي كان عميداً في الجيش اللبناني. لكننا مستعدون لأي خطوة تساعد في التخفيف عن نزار”.
ورغم أن نزار زكا لا يملك أي جنسية غير اللبنانية إلا أن الولايات المتحدة الأميركية أدرجت اسمه ضمن لائحة أسماء تطالب بهم لجنة دولية مشتركة. غير أن لبنان رفض المشاركة في هذه اللجنة.
وتتمنى مهى لو شارك لبنان ضمن هذه اللجنة مضيفة: “شقيقي زار إيران بعد أن تلقى دعوة رسمية وإذا كانت الدولة اللبنانية غير قادرة على حماية المواطنين اللبنانيين هناك أو التواصل معهم ما نفع السفارة هناك. ابن نزار يعيش في الولايات المتحدة. الكونغرس سمع شهادته عن والده وساعدوه بإدراج اسم والده على لائحة الأسماء الأميركية رغم أن نزار لا يملك سوى أوراق إقامة. واحتضنت الولايات المتحدة قضية شقيقي بعد أن تجاهلها لبنان لأكثر من عامين”.
محامي زكا في لبنان، مجد دمشقية، فضل عدم إضافة معلومات عن تلك التي قدمتها العائلة. لكنه أكد أن سجن زكا في وضعه الصحي الحالي مخالف للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. فهل تتحرك الدولة اللبنانية أقله لنقل زكا إلى مستشفى رأفة بصحته؟