بنوا المفاعل أمامنا ولم نره : الإعلام الاسرائيلي يكشف إخفاقاً أمنياً خطيراً

رغم الصورة الخارقة التي حاولت إسرائيل تسويقها في الساعات الماضية لضرب المفاعل النووي السوري عام 2007، إلا أن الصحافة الإسرائيلية تناولت جانبا آخر لم يحظ بذات التغطية يتعلق بالإخفاق الأمني والاستخباري الذي منيت به إسرائيل قبيل تفجير المفاعل، وكيف تمكنت سوريا من إقامته دون أن تكتشفه المخابرات الإسرائيلية؟

صحيفة يديعوت أحرونوت نقلت عن رئيس جهاز الموساد السابق تامير باردو قوله إن ما حصل من إقامة المفاعل السوري يعتبر فشلا مدويا لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية “أمان”.

وكشف النقاب عن أن المعلومات الأمنية حول المفاعل “وصلت إسرائيل قبل خمس سنوات مع بدء بنائه عن طريق رجال الموساد، وهم من وفروا لسلاح الجو المواد الاستخبارية التي أفادتهم في عملية القصف، وقد ساعدنا الحظ كثيرا في الحصول على هذه المعلومات، وبعد أن توفرت المعلومات، بدأ الجيش والشاباك والموساد ووزارة الخارجية في توظيفها، كل بطريقته الخاصة”.

لكن الجنرال عاموس يادلين رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية السابق خلال فترة قصف المفاعل السوري، فند كلام باردو قائلا إن “أمان” لم يحصل على المعلومات الأمنية الدقيقة حول بناء المفاعل النووي السوري، مضيفاً: “لم تتوفر لدينا معلومات تشير أن سوريا تحوز على خطط نووية، فليس لديها البنية التحتية اللازمة، ولا مستودعات، أو قدرات، وما حازته سوريا من سلاح متوازن من الناحية الاستراتيجية مع إسرائيل لا يتجاوز السلاح الكيماوي الثقيل”.

الخبير العسكري في هآرتس عاموس هارئيل تساءل: كيف نجح بشار الأسد في إقامة مفاعل نووي لأغراض عسكرية في بلاده على بعد مئات الكيلومترات من إسرائيل، في حين تتفاخر أجهزتها الأمنية بأنها تعلم ما يحصل في كل ملليمتر على الساحة السورية؟

واتهم هارئيل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بعدم أخذ هذا التساؤل على محمل الجد، لأن ما حصل في المفاعل السوري عام 2007 أعقب ما حصل لنظيره الليبي عام 2003، حين تم تسليمه للولايات المتحدة، ولم تكن إسرائيل تعلم بوجوده من الأساس.

ونقل عن ضابط إسرائيلي كبير في سلاح الاستخبارات، أخفى هويته، قوله إن الاكتشاف المتأخر للمفاعل النووي السوري شكل الإخفاق الأمني الأخطر في تاريخ إسرائيل، ربما أكبر من حرب أكتوبر 1973، وإن الأمر المخيف أن الاكتشاف تم عن طريق الصدفة، وهو ما أكده وزير الدفاع الأسبق إيهود باراك بقوله إن اكتشاف المفاعل جاء بمحض الصدفة، وليس عبر تتبع استخباري موجه.

موقع واللا الإخباري نقل عن رام بن باراك مساعد رئيس الموساد السابق قوله إن السوريين نجحوا للأسف في بناء مفاعلهم النووي أمام ناظرينا دون أن نراهم، ما يعني توجيه انتقاد للاكتشاف المتأخر للمفاعل، لأنه لم يكن مقبولا أن يتم بناء هذا المشروع العسكري طوال سنوات ونحن لم نعلم.

وأضاف في تصريح أنه لا يريد الدخول في صراع بين جهازي الموساد وأمان، لكن من المعلوم أن مسؤولية معرفة ما يدور في الدول المجاورة لإسرائيل من صلاحيات أمان، وكلما ابتعدت الدول جغرافيا عن إسرائيل تولى مسؤوليتها الموساد، ولذلك يمكن بكل أريحية الاعتراف بأن الفشل صاحب الجهازين في عدم المعرفة المبكرة بموضوع المفاعل.

واستذكر كيف كلفه رئيس الموساد الأسبق مائير داغان بالإتيان بالمعلومة الدقيقة عن المفاعل، كونه شغل رئيس قسم العمليات في الجهاز، قائلا له: لا أريد تقديرات أو ترجيحات، أريد معلومات صحيحة 100%.

المحلل السياسي في صحيفة معاريف أمنون أبروموفيتش وصف قصف المفاعل السوري بالعملية الناجحة، لكن لا يجب المبالغة فيها، واعتبار أن عدم تنفيذها كان سيتسبب بخراب الهيكل الثالث، معتبراً أن الأضرار الناجمة عن الكشف عن العملية أكثر من فوائدها، مبديا تهكمه على بنيامين نتنياهو بقوله: لو كان في منصب رئيس الحكومة آنذاك لاكتفى بالتوجه للكونغرس، وإلقاء خطاب عالي الصوت باللغة الإنجليزية.

اخترنا لك