لم تهدأ ردود الفعل الغاضبة منذ اليوم الأوّل الذي بثت فيه قناة الجديد اعلان ترويجي يتضمّن لقطات الحلقة الأولى من ثلاثيّة “حكاية وطن” مع فضل شاكر ضمن برنامج “استقصاء” من إعداد وتقديم الاعلامي فراس حاطوم التي ستُعرض في التاسع والعشرين من آذار الحالي عند الثامنة والنصف مساءً، لتُستكمل الحملة ليل الخميس مع إطلالة حاطوم في برنامج “العين بالعين” مع الاعلامي طوني خليفة، للكشف عن كواليس لقائه المطوّل مع شاكر.
التحرّك الأوّل سلك الطريق القانوني، بالتزامن مع نشر “الجديد” بتاريخ السّادس عشر من آذار على صفحتها الرسميّة عبر “تويتر” إعلاناً أسدل الستار عن الثلاثيّة قبل تحديد الموعد الرسميّ لعرض الحلقة. وتقدّم المحامي وديع عقل بصفته وكيلاً للمستدعية السّيدة سميرة جرجس حبيقة والدة الشهيد الملازم اول المغوار جورج بو صعب باستدعاء أمام قاضي الامور المستعجلة في بيروت يهدف إلى وقف نشر وبث وتسويق وعرض الحلقة “لما يُشكّل ذلك من تعدّ مباشر على أرواح الشهداء العسكريّين الذين استشهدوا بسبب أفعال فضل الجرميّة. واتخاذ جميع التدابير الآيلة الى وقف أعمال التعدي منعاً لتفاقم الضرر”.
عقل الذي رفض إبداء رأي مباشر بالملفّ ومسار الاستدعاء كونه وكيلاً فيه، وصف ما يحصل بـ”المعيب جدّاً، اذ إنّ الاعلامي حاطوم لا يصوّر حلقة عبر قناة الجديد مع محكوم عليه بجنحة او جناية لجرم اقترفه لدوافع شخصيّة أو ما شابه، أو ورد خطأ ما في دعواه، بل يعقد لقاءً مطوّلاً مع مجرم فار من وجه العدالة أصدرت بحقّه المحكمة العسكريّة قراراً قضى بإنزال عقوبة السجن لمدّة 15 سنة مع الأشغال الشّاقة وتجريده من حقوقه المدنيّة، وفي جرائم تمسّ بمصلحة الأمة والوطن واستشهد فيها خيرة من ضباط ورتباء الجيش اللبنانيّ على يدّ فضل ورفاقه”.
ولفت عقل الى أنّ “عمله يصبّ في محاربة الفساد، والإعلام دائماً ما يكون الحليف الأوّل في هذه القضايا، لكن من المؤسف التعاطي الاعلامي بخفّة مع الملفّات القانونيّة”.
في المقابل، صدر عن الصحافي فراس حاطوم في 16 آذار، تعليقه الأوّل الذي أشار فيه الى أنّ “الصحافة هيي إنك تعطي الفرصة للكل يعبروا عن رأين شو ما كان موقفك منن. لهيك لو صرلي اخد مقابلة من سماحة باخد، ولو صرلي اخد مقابلة من الاسير باخد…”، قبل أن يطّل مع الاعلامي طوني خليفة بمواقف جريئة جدّاً أكّد فيها أنّه لم “يبدأ التصوير مع فضل الّا بعدما تأكّد أنّه غير متورّط بدماء أحد العسكرييّن الشهداء، ولم يتورّط بأكثر من التحريض اللفظي ضد الجيش اللبناني”.
حاطوم الذي غاص في الكثير من الملفّات الاستقصائية التي دار حولها علامات استفهام عدّة وانقسم فيها الرأي العام، وأثار معظمها جدلاً واسعاً، والذي نقلته قبل سنوات “السفينة الإعلاميّة” في رحلة البحث عن زهير الصديق ودفع ثمن شغفه الاعلامي الاستقصائي في مراحل سابقة حدّ التوقيف، يؤكّد لـ”ليبانون ديبايت” أنّه “يهوى ملاحقة القضايا التي تهمّ اللبنانيّين، والتي يملك فيها الرأي العام فضول معرفة التفاصيل من كافة الجوانب تماماً كملف فضل شاكر سواء كان معه او ضدّه”.
وأشار الى أنّ “لائحة الصحافيين الذين سعوا كثيراً الى الحصول على مقابلة من فضل شاكر تفوق الخمسين اسماً ومن ضمنهم منتقدي الحلقة وأكبر مهاجميها، ودائماً ما تربط اتهامات تقاضي الاموال في الملفات التي اعمل عليها، لكن هذا هو عملي الصحافي الذي اتقنه. والاعلامي في مكان ما يقوم بدور يشبه ذاك الذي يفعله القاضي لناحية اعطاء المتهم فرصة التحدث والدفاع عن النفس خصوصاً انه يحاكم غيابيّاً”.
وأوضح أنّ “الحلقة تتضمن ايضاً حديثاً مع شقيقة الشهيد الملازم اول المغوار جورج بو صعب، ورئيس المحكمة العسكريّة السّابق العميد خليل ابراهيم الذي صدرت الاحكام بناءً على التحقيقات التي أجراها، والذي قال فيه إن مشاركة فضل في معارك عبرا ليست مؤكدة وكذلك تورطه المباشر بإطلاق النار”.
وقال: “يوم أخذت المقابلة من السيدة جومانا بو صعب، لم أكن قد أجريت اللقاء مع فضل وما كنت اتوقع حصوله لأسباب سبق ان ذكرتها في “العين بالعين”. وعندما وافق على اجراء اللقاء لم يعد الموضوع يقتصر فقط على ملف عبرا والعفو العام بل بات يحاكي كل ما تعرّض له والاسباب التي دفعته الى اعتزال الغناء وتفاصيل كثيرة سيتحدث عنها للمرة الاولى”.
وتوقف عند اعتبار القضية “وطنيّة”، قائلاً:”لا شيء اسمه قضيّة وطنيّة، حتى شقيقة بو صعب نفسها لم تشارك في تظاهرات متعلقة بمعارك سابقة للجيش اي قبل استشهاد شقيقها وبالتالي فإنّ اعتراضها هو شخصي وعاطفيّ وهذا حقّها الطبيعي والامر نفسه ينطبق مع محاولة كثيرين التواصل واجراء مقابلات مع المتهمين بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ولم نرها على سبيل المثال تتظاهر وهناك امثلة عدّة شبيهة “.
وأكد حاطوم أنّ “هذه المقابلة ليست الاولى مع فضل شاكر وسبق لثلاثة اعلاميين من وسائل اعلام مختلفة ان اجروا حديثاً معه، لكنها الاولى لناحية ان اللقاء هو مطوّل، يتضمّن رصداً ليوميّات فضل في المخيّم والاشخاص الذين يحتكّ بهم من ضمنهم نجله وموقفه من الغناء، كما يتميّز بطابع يخرج عن سياق المقابلات التي تقتصر على السؤال والجواب”.
في السياق نفسه، اعتبرت اوساط امنيّة أنّ “الحلقة تستهدف التحقيقات والحكم الذي صدر وتعمل على تلميع صورة فضل شاكر وتبرئته من التهم المنسبة اليه، وفيها تسويق علني وصريح لمحكوم عليه فار من وجه العدالة، واستهداف للمؤسسة العسكرية واهالي الشهداء”، مشيرة الى التأثيرات السلبيّة التي يسببها تدخل الاعلام في قضايا دقيقة وحساسة فهو طرف مؤثر جدّاً في الرأي العام من هنا خطورة اظهار فضل وكأنه بريء”.
بدورها نشرت السيدة بو صعب عبر صفحتها على فايسبوك تعليقاً كتبت فيه:”المكان الوحيد للمرافعة والدفاع عن النفس واثبات البراءة بكون بالمحكمة بكفي تسويق لتلميع صورتو لعلمك التحريض الكلامي اذا ادّى لارتكاب الجرم عقوبتو هي نفسا عقوبة المرتكب مش هيك كان موضوع الوثائقي ما كان مفروض يكون تسويق لبراءة فضل شاكر ولا لاطلالاتو الفنية. منلتقي”.
ريتا الجمّال