بين حدثين توزع اهتمام الصحف الصادرة اليوم، الأول تدشين جادة الملك سلمان بن عبد العزيز، على الطريق الممتد على مساحة 1.3 كلم طولاً و45م عرضاً، في ميناء الحصن – “زيتونة باي” وهو الحدث الذي اخترق الانشغال اللبناني بالتحضيرات للانتخابات النيابية، أما الحدث الثاني فمؤتمر “سيدر” الذي يعقد في العاصمة الفرنسية باريس يوم الجمعة المقبل، وذلك في ظل استمرار الاستعدادات لخوض الاستحقاق الانتخابي.
يوم سعودي في بيروت
الحدث الأول حضره رؤساء الحكومة السابقين: فؤاد السنيورة، نجيب ميقاتي وتمام سلام، ووليد جنبلاط وسميرجعجع، وحشد من الوزراء والنواب والشخصيات الدينية والاقتصادية والاجتماعية والمواطنين، وخلاله أكد الرئيس سعد الحريري ان بين لبنان والسعودية تاريخا لن ينكسر مهما سعوا إلى ذلك سبيلاً، وهذه الأمسية البيروتية هي رسالة واضحة بأن عروبة لبنان تتقدّم على كل الولاءات والمحاور والمعادلات.
وأشارت “الجمهورية” إلى أنه يُنتظر أن تتركّز الاهتمامات اليوم على اللقاءات التي بدأها مساء أمس المستشار الملكي السعودي نزار العلولا المكلف ملف لبنان في الادارة السعودية، اثر وصوله الى بيروت ممثلا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في افتتاح جادة باسمه على الواجهة البحرية للعاصمة.
ولفتت “الجمهورية” إلى أن العلولا و قد اختلى في فندق فينيسيا بدايةً مع الحريري، ثم توسعت الخلوة لتشمل جعجع و جنبلاط. وذلك على هامش عشاء أقامته السفارة السعودية. وعلِم انّ البحث تناول اخر التطورات في لبنان والمنطقة.
صفحة جديدة بين الحريري وجنبلاط وجعجع
وتوقفت “اللواء” عند تصريحات الرئيس الحريري في بكركي أمس، التي عكست بأن التوتر الانتخابي الذي بلغ ذروته في عطلة عيد الفصح بين الأقطاب السياسيين، ولا سيما على خط “بيت الوسط” – كليمنصو، يفترض ان يسحب فتيله تدريجياً في الساعات المقبلة، أقله لملاقاة رياح الاسترخاء السياسي الآتية من المملكة العربية السعودية، راعية الاعتدال والسلام، والتي كان لها أمس حضور قوي سواء في بعبدا، حيث تسلم الرئيس ميشال عون دعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لحضور القمة العربية التي ستعقد منتصف الشهر الحالي في السعودية، أو في وسط العاصمة، حيث شكل الاحتفال بإطلاق اسم الملك سلمان على الجادة البحرية في بيروت فرصة لجمع قيادات الصف الأوّل والتي فرقت بينهم السياسة والصراعات الانتخابية، فكان حضور الرئيس الحريري إلى جانب الرئيس نجيب ميقاتي لافتاً بين الرئيسين فؤاد السنيورة وتمام سلام.
ولفت انتباه “اللواء” حضور رئيس “اللقاء الديمقراطي” النائب وليد جنبلاط ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، مع روساء سابقين مثل الرئيس ميشال سليمان ووزراء ونواب، ورجال دين من مختلف الطوائف اللبنانية، بحيث اجتمعت الدولة اللبنانية بأركانها في الواجهة البحرية، مع المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا الذي مثل الملك سلمان في الحفل، وهو ما أرادت الصورة التذكارية التي التقطت ان تعكسه بوضوح تام.
وفي تقدير مصادر متابعة لـ”اللواء” ان حفل العشاء الذي أقيم على شرف الحضور، بعد الحفل، كان فرصة أيضاً لجمع هذه القيادات في لقاءات ثنائية أو جماعية بددت التوتر الانتخابي، سواء بين الرئيس الحريري وكل من النائب جنبلاط وجعجع، ترجمة لما كان أعلنه صباحاً في بكركي، من انه “لن يختلف مع وليد بيك، فهو يعرف ماذا يمثل بالنسبة لي، وأنا اعرف ما امثله بالنسبة له”، أو بالنسبة إلى اللقاء القريب الذي سيتم مع جعجع، على أساس ان تكون هذه اللقاءات بمثابة صفحة جديدة لطي الخلافات.
ولفتت “اللواء” إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك وكالات الأنباء، بثت صورة جمعت الرئيس الحريري يجلس إلى جانب جعجع من جهة وجنبلاط من جهة ثانية، وإلى جانبه المستشار السعودي العلولا.
وأفادت معلومات رسمية “اللواء” ان خلوة عقدت في فندق “الفينيسيا” على هامش عشاء السفارة السعودية، جمعت الدبلوماسي السعودي بخاري والمستشار العلولا مع الرئيس الحريري وكل من جعجع وجنبلاط. كما عقدت خلوة ثانية بين العلولا وجعجع انضم إليها بخاري والسفير الاماراتي حمد الشامسي.
عون يتلقى دعوة الملك سلمان إلى القمة
وأشارت “اللواء” إلى أنه وفي خطوة ثانية، من شأنها تعزيز العلاقات اللبنانية- السعودية، سلم القائم بأعمال السفارة السعودية لدى لبنان الوزير المفوض وليد بخاري، أمس الرئيس ميشال عون دعوة رسمية من الملك سلمان للمشاركة في أعمال مؤتمر القمة العربية الـ29 التي ستعقد في مدينة الظهران في المنطقة الشرقية يوم الأحد في 15 نيسان الحالي.
ولفتت “اللواء” إلى أن العاهل السعودي اعتبر في رسالته ان مشاركة الرئيس عون شخصيا في هذه القمة “سيكون لها بالغ الاثر في انجاحها”، آملا ان تسهم القمة “في تعزيز العمل العربي المشترك والتصدي للتحديات التي تواجهها أمتنا العربية وتحقق ما تصبو اليه شعوبنا من اهداف وطموحات”، معرباً “في رسالته عن تطلعه الى الترحيب بالرئيس عون في المملكة العربية السعودية خلال القمة، متمنيا له “موفور الصحة والسعادة، وللشعب اللبناني دوام التقدم والازدهار”.
وأشارت “اللواء” إلى أن الرئيس عون حمل الوزير المفوض بخاري تحياته الى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، مؤكدا ترؤس الوفد اللبناني الى القمة العربية، ومتمنيا ان تحقق نتائج تعزز الوحدة العربية لا سيما في هذه الظروف الصعبة من تاريخ الدول العربية وشعوبها.
وعلمت “اللواء” ان الرئيس عون سيزور بعد ترؤسه وفد لبنان إلى القمة العربية، قطر، تلبية لدعوة رسمية لحضور افتتاح المكتبة الوطنية، وستدوم زيارته الدوحة بضع ساعات.
“سيدر” والمشاريع
وأشارت “الجمهورية” إلى أن الأنظار تتّجه إلى باريس التي يسافر اليها اليوم وفد كبير برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري للمشاركة بعد غدٍ الجمعة في مؤتمر “سيدر” لدعم لبنان اقتصادياً ومالياً، حيث سيطرح لبنان برنامجه الاستثماري لإعمار وتأهيل البنية التحتية والذي تبلغ قيمته 16 مليار دولار.
ولفتت “الجمهورية” إلى أنه وفيما يطالب لبنان بتمويل مشاريع يقترحها لتأهيل البنى التحتية، يتبيّن أنّ هناك لائحة تضمّ 40 مشروعاً لا تزال عالقة في الأدراج بسبب الاهمال الرسمي. وتبيّن أنّ كلفة هذه المشاريع تبلغ نحو 4 مليارات دولار ويتوافر لها التمويل من مصادر مختلفة دولية وعربية، إلّا أنه ينقصها نحو 700 مليون دولار تمثّل حصة الدولة عبر تمويل من الخزينة، وهي مخصصة لإنجاز الاستملاكات اللازمة لهذه المشاريع التي لا تموّلها المصادر الخارجية.
وأكدت مصادر في البنك الدولي لـ”الجمهورية” أنّ هناك 3 مشاريع عالقة مموّلة من البنك تبلغ قيمتها الإجمالية 326 مليون دولار، وهي تتعلق بمشاريع تطوير شبكة الطرق في لبنان. ومشروع لتعزيز النظام الصحي بقيمة 150 مليون دولار يهدف الى تطوير البنى التحتية للقطاع الصحي بما فيه المستشفيات الحكومية ومراكز الرعاية الاوّلية، ومشروع لإصلاح الإدارة المالية بقيمة 6 ملايين دولار. يهدف الى تقوية قدرة المتلقي على تحليل السياسة الضريبية وإدارة الدين ورصد الموارد العامة لأقسام الموازنة.
وعلمت “الجمهورية” أنّ عدد المشاركين في المؤتمر بلغ 50 بين دولة ومنظمة، أبرزُها البنك الدولي، البنك الاوروبي للتثمير، البنك الاوروبي لاعادة الاعمار، معظم الدول الاوروبية، بالإضافة الى السعودية وقطر والامارات والكويت. كذلك تُشارك الصين واليابان والولايات المتحدة الاميركية وكندا.
وتحدّثت مصادر متابعة لـ”الجمهورية” عن 4 أهداف للمؤتمر:
· الهدف الاوّل والأهمّ، الحصول على نسبة قروض ميسّرة لتمويل المشاريع.
· والهدف الثاني الذي لا يقلّ اهمّية، يتعلق بدعم فوائد القروض من الدول المانحة التي ستحوَّل على شكل هبات الى صندوق برعاية الدولة اللبنانية.
· امّا الهدف الثالث فهو تأمين الجهات المقرضة في المؤتمر ضمانات لقروض من القطاع الخاص.
· والهدف الرابع تأمين قروض عادية بفوائد مخفوضة لا تحتاج الى دعم وتسمّى قروضاً ميسّرة جداً ودعمُها منها وفيها، وهذا النوع من القروض تعطيه دول تكون سيّدة نفسِها في القرار”.
ورجّحت مصادر”الجمهورية” “أن يؤمّن لبنان أكبرَ قرضٍ من البنك الدولي، نحو مليار ونصف مليار دولار، ومبلغاً تقريبياً من البنك الاوروبي. وتوقّعت المصادر “مفاجَأة” من المملكة العربية السعودية، مرجّحة ان تكون “مفاجاة كبيرة، خصوصاً أنّ الحديث بدأ عن مشاركة ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان في جزء من المؤتمر، علماً أنّ وجوده في فرنسا في زيارة خاصة يصادف وانعقادَ المؤتمر.
كذلك توقّعت مصادر”الجمهورية” أن يؤمّن لبنان في مؤتمر “سيدر” بين 4 و 6 مليارات من الدولارات، وقالت “إنّ هذا المؤتمر ليس سوى المرحلة الأولى من البرنامج الاستثماري الذي وضعَته الحكومة اللبنانية على مدى 12 عاماً و”سيدر” سيغطّي فقط السنوات السِت الأولى، ودعت الى عدمِ الأخذِ بما يشاع من أنه سيؤمّن 20 مليار دولار، لأنّ لبنان يتوقع هذا المبلغ خلال الـ 12 عاماً وليس من “سيدر”.
وعلمت “الجمهورية” أنّ البيان الختامي للمؤتمر بات شِبه منجَز بعدما تمّ الاتفاق على ابرز نقاطه، وهو لن يأتي على ايّ موقف او ملف سياسي داخلي او اقليمي، بل سيكون بياناً اقتصادياً مالياً بامتياز لا سياسة فيه.
وستنبثق من المؤتمر لجنة متابعة مع الجهات المقرضة والمانحة لمراقبة ما وعدت به الدولة اللبنانية من إصلاحات، وهذه النقطة أصرّت عليها الدول المقرضة لكي لا يتكرر ما جرى مع باريس 2 و3 وطلبَت تحديد جدول زمني لتنفيذ هذه الإصلاحات. وقالت مصادر”الجمهورية”: “الإصلاحات المطلوبة ستكون على عاتق الحكومة الجديدة بعد الانتخابات وهذه الإصلاحات “مِش مزحة” لأنّ الدول المقرضة والمانحة طلبَت تنفيذها بجدّية وضِمن جدول زمني محدّد”.
وعشية انعقاد مؤتمر “سيدر” يوم الجمعة المقبل، أكد الرئيس الحريري من بكركي ان الإصلاحات المطلوبة من المجتمع الدولي ليست لخدمة بل لمصلحة اللبنانيين، والمهم هو خلق فرص عمل جديدة امام اللبنانيين من مؤتمر سيدر.
وفي ما يتعلق بالدين، أوضح انه “صحيح اننا نستدين ولكن من أجل ان ندفع الرواتب، فنستدين على خمس وسبع عشر سنوات بفوائد تتراوح بين 7 و8 بالمئة. اما الآن فإننا سنستدين على30 عاما من دون ان ندفع أية مبالغ في السنوات الخمس أو العشر الأولى، مع فائدة واحد بالمئة”. وقال ان “المشاريع التي سنعرضها في مؤتمر سيدر كان يجب على الدولة ان تنفذها لو انها كانت تملك المبالغ المطلوبة، هناك مشاريع تتعلق بالكهرباء والمياه والطرقات والسدود والاتصالات وهي مشاريع أساسية للبلد.”
مصادر فرنسية: المهم ما بعد الاجتماع
وشددت مصادر فرنسية لصحيفة “الشرق الأوسط” على أن “المهم ليس ما سيحصل داخل اجتماع مؤتمر سيدر بل بعده، بمعنى أن الجهات المانحة ستكون بالغة التشدد في متابعة الأداء اللبناني وكيفية التعامل مع هذه الخطط التمويلية التي ستمتد إلى ست سنوات منها سنتان مخصصتان لدراسة المشاريع المقدمة وهي بالمئات وأربع سنوات للتنفيذ”.
وكشفت المناقشات التي جرت في باريس عن وجود مطلب رئيسي يبدو أن البلدان والمؤسسات الفاعلة تتمسك به، وهو قيام آلية متابعة للتأكد من جدية الحكومة في تنفيذ أمرين متكاملين هما الإصلاحات ومحاربة الفساد. وهذه الفكرة جديدة ولم تطرح سابقا في مؤتمرات باريس الثلاثة.