أبرمت إيران اتفاقا مزدوجا مع النظامين السوري والعراقي يقضي بإنشاء أوتوستراد من طهران يمر بكامل الأراضي العراقية ويجتازها وصولا إلى دمشق، وقد يستكمل ليصل إلى العاصمة اللبنانية بيروت، على أن تنفذ المشروع شركات إيرانية، الأمر الذي رأى فيه البعض تتويجا للتدخل الإيراني في سوريا، وتحقيقا لجزء من المكاسب التي حصدتها طهران جراء تدخلها المسلح منذ عام 2012 في سوريا، بهدف الحفاظ على نظام الرئيس السوري بشار الأسد، في حين وصف معارضون سوريون المشروع بأنه استثمار خبيث أوصل طهران إلى مكاسب واطماع قديمة خططت لها منذ عقود.
وحسب مصادر إعلامية موالية للنظام فإن “السلطات في كل من ايران والعراق وسوريا وقعت على مشروع إنشاء أوتوستراد ينطلق من طهران العاصمة الإيرانية ويمر بأراضيها ثم أراضي العراق ويجتاز كامل الأراضي العراقية، ثم يجتاز الأراضي السورية وصولا إلى العاصمة السورية دمشق، بمسافة 1700 كلم على ان تقوم شركة إيرانية بتنفيذ المشروع، ونص الاتفاق على ان يتولى حراسة الأوتوستراد كل من الجيش الإيراني والعراقي والسوري، إضافة إلى شرطة إيران وشرطة العراق وشرطة سوريا فضلا عن تواجد سيارات الشرطة السريعة التي سيقام لها بين 150 مركزا إلى 300 مركز على جانبي الطريق”.
وسائل الاعلام السورية الموالية قالت إن الخطة الزمنية للمشروع ستستغرق عامين، بتكلفة غير معلنة على ان يتم تحصيلها خلال 5 سنوات، وسيؤدّي هذا الأوتوستراد إلى نقل البضائع من إيران إلى البحر الأبيض المتوسط وقد يستمر نحو العاصمة اللبنانية بيروت لتصل الشاحنات الإيرانية إلى المرافئ اللبنانية والعراقية وكذلك السورية.
واعتبر المصدر المشروع بمثابة شريان السياحة مرجحا زيارة ما بين 8 ملايين إلى 12 مليون سائح إيراني إضافة للسواح العراقيين إلى لبنان وسوريا سنويا.
وامام هذا التطور رجح مصدر عسكري مطلع، لـ”القدس العربي”، أن يكون النظام السوري وإيران قد عقدا صفقة مع الروس تضمن لموسكو السيطرة على آبار نفطية في دير الزور، مقابل مد طريق بري يصل العاصمة الإيرانية بالسورية، وأوضح المتحدث بأن ميليشيات “الحشد الشعبي” من العراقيين والافغان والايرانيين، قد حشدوا منذ أشهر طويلة في مناطق مثلث ظاظا الاستراتيجي الواقع على أوتوستراد بغداد – دمشق الدولي، الذي يربط بين سوريا والعراق والأردن، وذلك تمهيدا لهذه الاتفاقية التي ستقضي بفتح طريق بري يربط إيران بلبنان، عقب السيطرة على بلدة السبع بيار وظاظا في البادية السورية.
ووصف المحلل السياسي جاسم الرمضان، لـ”القدس العربي”، الاتفاق بالتاريخي وقال إن “كسرى قد انهزم ولم تهزم أهداف الفرس، فقد عمل الحكام الإيرانيون منذ استلامهم السلطة 1979 على إنشاء ميليشيات مسلحة في العالم العربي، ثم أسس النظام الإيراني حزب الله اللبناني، جنبا إلى جنب مع مرتزقة الشيعة العراقيين، حيث سخروا لهذا اقتصادا ضخما من نفط وصناعة، خدمة للمشروع وتدخلت ايران في أغلب الدول العربية والإسلامية بدءا من محيطها الجغرافي وانتهاء بحدود روسيا، بهدف إحياء الامبراطورية الفارسية، وافتتحت حسينيات في أغلب تلك الدول والعربية ضمنا، وتابعت افتتاح المشافي التي كانت بمثابة مراكز مخابراتية للتجسس على الدول من حيث المكونات الاثنية والحالة الاجتماعية والاقتصادية، ومنطلقا لأي منفذ تستطيع من خلاله اختراق تلك المجتمعات”.
وأضاف المتحدث، ومنذ عام 2015 بعد اغتيال رفيق الحريري وخوف بشار الأسد من الانتقام منه ومن حزب الله اللبناني لجأ إلى إيران التي وفرت له الحماية، ثم تغلغلت في كل مفاصل الدولة عسكريا وسياسيا واقتصاديا والأهم من ذلك كان التغلغل الاجتماعي.
ومع انطلاق الثورة السورية عاد بشار الأسد مجددا إلى ايران التي كانت تنتظر الفرصة المواتية لزحفها باتجاه سوريا بعد ان أكملت احتلال العراق فتدخلت في الحرب وحققت نتائج إيجابية بالنسبة لها، منها تجنيس عدد كبير من الإيرانيين والأفغان والعراقيين الشيعة في سوريا، ثم أصدر النظام السوري مرسوما وخص هذه الفئة بمزيد من عمليات التوطين، واعلنها بشار الاسد صراحة امام موالين له حين قال إن سوريا لمن يدافع عنها، وبهذا تكون إيران قد تمددت من طهران إلى بغداد ودمشق وصولا إلى بيروت التي سيطرت إيران على قرارها السياسي عبر حزب الله الذي يمتلك الثلث المعطل في البرمان، وليس آخرا فقد وظفت ايران كل ما سبق وتم الاتفاق على انشاء طريق من طهران يمر ببغداد وصولا إلى دمشق وبيروت.