هو مشهدٌ غير مألوفٍ هزَّ منطقة الغبيري في ضاحية بيروت الجنوبية. على قارعة إحدى الشوارع الرئيسية للمنطقة، امرأة عجوزٌ ثمانينية، استوطن الشيبُ رأسها، تقبعُ من دون ماء أو دواءٍ وحتى طعام.
حالُ هذه المرأة استفزَّ أهالي المنطقة، فراح نساؤها يتحلقون حول العجوز، محاولين مساعدتها وإطعامها. ووسطَ هذه “الهمروجة”، كانت دموع هذه المرأة تغطي وجهها الأبيض، والغصةُ لا تفارق صوتها.
ومع ذلك، خرجت المرأة عن صمتها، لتصدم الحاضرين والشاهدين قائلةً: “ولادي قرَّروا يزتوني بالشارع.. اتهموني بالجنون والخرف”. وأضافت والدمعة في عينها: “خيفانة يكون معي هيداك المرض بصدري، وولادي ولا اهتموا فيي”.
“مرارةُ الموقف” جعلت الحاضرين يتأثرون، لكنهم ومع ذلك، لم يتركوا المرأة وحدها، وراحوا يهتمون بها.. تقول إحداهن للمرأة العجوز: “لا بقا تبكي.. هون الشباب اللي يبارك فيهن رح يهتموا فيك.. خلص”.
أصداءُ هذا المشهد وصلت إلى بلدية الغبيري، التي حضرت دورية تابعة لها، وقامت بإصطحاب العجوز إلى إحدى مستشفيات المنطقة للمعالجة، فيما يجري البحث حالياً عن دار للمسنين يأوي سيدةً جارَ عليها أولادها ورموها على قارعة الطريق، تتوسل الماء والطعام والمسكن… والدمعة في عينها!