“شو كان بدنا بوجع الراس”. هذا مختصر ما يقوله الكبار الذين ضمنوا في قانون الستين أكثرية نيابية في المجلس الذي مدّد لنفسه ثلاث مرات وحصلوا على أعلى نسبة من الحصة الوزارية.
أما في قانون النسبية، ووفق ما يرشح من ماكينات الأحزاب والتيارات السياسية التي لها محازبون ومناصرون، فإن الجميع خاسرون مقارنة مع الحجم التمثيلي، الذي أمنّه لهم “الستين” في إنتخابات 2005 و2009، فحصد تيار “المستقبل” أكثرية نيابية، تلاه تكتل “التغيير والإصلاح” كثاني أكبر كتلة نيابية، ليأتي الثنائي الشيعي في المرتبة الثالثة من حيث عدد النواب.
أما في قانون النسبية فإن جميع هؤلاء سيخسرون نسبة لا بأس بها من المقاعد النيابية، وحتى الثنائي الشيعي يجد نفسه في وضع غير مريح قياسًا إلى الإنتخابات الماضية، حيث يُلاحظ إستنفارٌ غير مسبوق، وبالأخصّ من قبل “حزب الله”، الذي يحاول بشتى الطرق حثّ مؤيديه على الإقتراع بكثافة في المناطق التي تُعتبر حسّاسة كدائرة بعلبك – الهرمل مثلًا، وذلك من أجل رفع عتبة الإقتراع ورفع نسبة الحاصل الإنتخابي بهدف جعل مهمة وصول الأحزاب المنافسة له إلى حدود الحاصل المطلوب صعب المنال.
ويقول مقربون من الماكينة الإنتخابية لـ”حزب الله” إن خرق لائحة “الأمل والوفاء” بمقعد واحد هو أمر حتمي، وحتى لو خُرقت بمقعدين (الماروني والسني) فإن الأمر يدخل في طبيعة وحيثية القانون النسبي.
أما إذا خُرقت اللائحة بمقعد شيعي فإن ذلك يُعتبر خسارة مدّوية للحزب. وهذا ما حدا بالسيد حسن نصرالله إلى رفع سقف خطابه السياسي، وهو الذي شمّر عن ساعديه وأبدى إستعداده للقيام بزيارة ميدانية للمنطقة، على رغم المحاذير الأمنية، وذلك لمنع حصول هذا “الخرق الكارثي”، على حدّ وصف بعض الذين يدورون في فلك الحزب، في حال لم يتمكّن الحزب من منع عدم وصول حليفه الشيعي السادس، فضلًا ضمان فوز كل من:حسين الحاج حسن، علي المقداد، ايهاب حمادة،ابراهيم الموسوي، (“حزب الله”)، وغازي زعيتر (حركة “أمل”).
أما تيار “المستقبل” فيواجه أزمة حقيقية في بيروت الثانية، حيث يُتوقع أن تكون المواجهة مع الثنائي الشيعي والحراك المدني حامية. وثمة حديث عن أن التيار سيخسر في هذه الدائرة أربعة مقاعد على الأقل، فيما يبدو وضع لائحته في دائرة الشمال الثانية (طرابلس والضنية والمنية) غير متوافرة له ظروف تكرار تجربة إنتخابات العام 2009، خصوصًا أن المزاج الشمالي هذه المرّة يختلف في الشكل والمضمون عن السابق، بعدما بلغ الناخب الشمالي في هذه الدائرة درجة عالية من الوعي، وهو الذي بات قادرًا على التمييز بين من وقف إلى جانبه في أزماته، ومن سيبقى معه بعد الإنتخابات، وبين من يتكلم لغته ويعيش همومه وبين من لغته غريبة عن لغته ويحول دون تنفيذ المشاريع التي من شأنها أن تعزز إنماء المنطقة كغيرها من المناطق.
وبالنسبة إلى “التيار الوطني الحر” فهو سيواجه معارك أحجام في أكثر من دائرة، وبالأخصّ في الدوائر التي كانت تُعتبر “برتقالية” من دون منازع، وفق الإنتخابات الأخيرة، كدائرتي كسروان وجبيل، والمتن الشمالي، ودائرة الشمال الثالثة ( البترون والكورة وزغرتا وبشري)، فضلًا عن دائرة جزين – صيدا، إذ يبدو وفق التقديرات الأولية أن التيار لن يستطيع أن يحافظ على النسبة ذاتها التي كانت له في الماضي.
من هنا، ووفقًا ما يهمس به “الكبار” فإن قانون النسبية، وهو كمبدأ وكفكرة، يُعتبر مشروعًا متقدّمًا ويضمن تمثيلًا نسبيًا لكل شرائح المجتمع، فإنه “غلطة العمر”، على رغم مجاهرة الجميع بأهميته، بإعتباره إنجازًا يُضاف إلى إنجازات العهد.