لا يخفى على أحد، أن “تيار المستقبل” يعمل على لملمة آثار وتداعيات المواقف المسيئة التي أطلقت الأسبوع الفائت بحق لائحة “العزم” والرئيس نجيب ميقاتي، والخارجة عن كل ادبيات السياسة، بعدما وجد أنها ارتدت عليه سلبا في طرابلس وساهمت في زيادة حجم التعاطف والتأييد الطرابلسيين للرئيس ميقاتي الذي وبحسب الأكثرية الساحقة من الطرابلسيين “لا يمكن ان يكون خارج مدينته لمصلحة المرشح الغريب جورج بكاسيني، كما ان لائحته ذات النكهة واللغة والهوية الطرابلسية لا يمكن أن تكون “لائحة الشيطان”، وليس نجيب ميقاتي من يتخلى عن أبناء مدينته او لا يهمه امر المسلمين” كما جاء على لسان النائب محمد الصفدي في فيديو مسرّب من احد اجتماعاته بماكينته الانتخابية.
يعلم “تيار المستقبل” وغيره، أن الرئيس ميقاتي غارق حتى أذنيه في خدمة أبناء مدينته، وفي خدمة الدين الاسلامي الحنيف ورفع شأن حفظة القرآن الكريم والحديث الشريف، كما انه يسدّ في طرابلس كثيرا من عجز الدولة، وكذلك عجز مؤسسات “المستقبل” التي أقفلت ابوابها قبل سنوات في وجوه الطرابلسيين الذين انتقل السواد الأعظم منهم لتأمين خدماتهم من مؤسسات “العزم” التي تعتمد سياسة الأبواب المفتوحة منذ تأسيسها..
تشير المعلومات الى ان ثمة عين حمراء مستقبلية من المرشح بكاسيني، اولا على هجومه الخارج عن كل اللياقات والأدبيات الطرابلسية على الرئيس ميقاتي والذي إنعكس سلبا على التيار الأزرق، وثانيا لانه أكل الجو الشعبي في المهرجان من النائب سمير الجسر الذي تُجند قيادة المستقبل كل مقدرات تيارها من اجل خدمته إنتخابيا، وتقول هذه المعلومات ان بكاسيني سمع عتبا شديد اللهجة من الحريري على شعبويته وتهوره في إطلاق المواقف.
أما النائب الصفدي، فتشير المعلومات الى أن زيارته الى الرئيس الحريري في بيت الوسط لم تكن على قدر تطلعاته، حيث كان يعتقد أن إستهدافه لميقاتي بهذا العنف الكلامي، سيدفع الحريري الى إستقباله إستقبال الابطال، لكن بحسب المعلومات المتوفرة من بيت الوسط، فإن اللقاء كان باردا بين الصفدي والحريري الذي قال له إنك “شطحت كتير”، كما سمع الصفدي كلاما ممن يجتمعون بشكل يومي في بيت الوسط بأنه “زادها في هجومه”، وأنه “كان يمكن أن يكون هجومه أقل توترا، وأعمق في السياسة بما يؤدي الهدف المنشود منه”.
واللافت أن تلفزيون المستقبل لم يعط زيارة الصفدي الى الحريري أية خصوصية، وهي مرت في نشرة الأخبار مرور الكرام الى جانب زوار الحريري العاديين، كما أنه كان من المفترض أن يطل الصفدي أمس الأربعاء في برنامج “أنترفيوز” على شاشة المستقبل، لكنه عاد وإعتذر وسافر خارج البلاد، وإستُبدل بالنائب السابق الدكتور مصطفى علوش.
يبدو واضحا اليوم، أن الصفدي يتصرف مثل الذي يسير في رمال متحركة، كلما رفع قدما ووضع أخرى غرق أكثر فأكثر، خصوصا أنه في خطاب واحد أمام ماكينته الانتخابية إرتكب “فاولات” عدة، حيث أساء الى الرئيس ميقاتي على المستوى الشخصي بدون أي مبرر، وإتهم لائحة فيصل كرامي بأنها لائحة حزب الله، وقال عن لائحة أشرف ريفي بأن لا عمل لها سوى مهاجمة حزب الله، ثم ناقض نفسه بالتأكيد على أنه يقف الى جانب سعد الحريري لأنه يخوض مواجهة ضد حزب الله، كما لم يوفر تيار المستقبل، مؤكدا أن لديه أخطاء كثيرة، وكذلك تعرضه للنائب وليد جنبلاط، الأمر الذي يطرح سلسلة علامات إستفهام حول ما هي غاية الصفدي من كل هذا الهجوم، فإذا كانت غايته سياسية فإنها لم تتحقق، وإذا كانت شخصية فإنها إنقلبت عليه وعلى التيار الذي يدعمه بشكل سلبي، وإذا كانت دينية فالصفدي ليس المرجع الصالح لتقييم أي شخص على المستوى الديني أو الاسلامي.
تشير المعطيات الى أن الصفدي ربما بدأ يشعر بالندم لأنه لم يترشح للانتخابات النيابية، خصوصا أنه كان قادرا على الفوز بأحد المقاعد السنية في طرابلس بكل سهولة، لذلك فإنه يعيش حالة من التخبط، بسبب خسارته مقعده النيابي، وسعيه في الوقت نفسه الى الحفاظ على مقاعد تيار المستقبل الذي كان حتى الأمس القريب خصما شرسا له في محطات عديدة، لذلك يؤكد مطلعون بأن الصفدي بعدم ترشحه، وبعدم ترك لنفسه صاحبا بعد كل ما سرب عنه مؤخرا، خسر على أكثر من صعيد، وهذا ما دفع أوساط الرئيس ميقاتي الى التوقف عن مهاجمته.
غسان ريف