“شيعة السفارة” مصطلح أطلقه للمرة الأولى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في أيار 2015، ضد أبناء مِلّته من المعارضين. واتسع بيكار هذا المصطلح ليشمل كل شيعي عُرف بمواقفه المناهضة لسياسة الحزب الأصفر، وساهمت بنشره وسائل إعلام محسوبة على محور الممانعة، ليصبح بعدها تهمة جاهزة تطفو على سطح المشهد السياسي الشيعي عند الحاجة.
واليوم دعت الحاجة الانتخابية، الصحيفة المحلية التي أخذت على عاتقها حمل ملف الشيعة المعارضين لإعادة تسليط الضوء من جديد على هؤلاء، ونشرت سلسلة مقالات تقول فيها إن الإمارات تدرس تمويل مرشحي “شيعة السفارة”. وتدعي أن مصدر هذه المعلومات “برقيات سرية صادرة عن السفارة الإماراتية في بيروت يطالب فيها القنصل حمدان سيد الهاشمي بلاده بمساعدة قائمة من الشخصيات المعارضة المرشحة للانتخابات النيابية في لبنان لتمويل حملاتها الانتخابية”.
ومن الأسماء المستهدفة 28 شخصية وهي كل من “غالب ياغي، حارث سليمان، منى فياض، هدى الحسيني، مصطفى فحص، علي الأمين، محمد بركات، عماد قميحة، هادي الأمين، حسان الزين، ثائر غندور، وضاح شرارة، عمر حرقوص، أحمد اسماعيل، منيف فرج، لقمان سليم، مالك مروة، نديم قطيش، زياد ماجد، سعود المولى، فاروق يعقوب، عباس الجوهري، صبحي الطفيلي، محمد عبد الحميد بيضون، ابراهيم شمس الدين، صلاح الحركة، أحمد الأسعد، عقاب صقر”.
علما أن من بين هذه الأسماء شخصيات غير مرشحة للانتخابات النيابية، وأخرى غير معنيّة بأي نشاط سياسي، وبعضها ترك لبنان بمن فيه وهاجر بحثاً عن عيشٍ كريم.
واللافت، أنه بعد لجوء إحدى هذه الشخصيات المستهدفة، (الكاتب والصحفي حسان الزين) لإعلان الإضراب عن الطعام حتى اعتذار الصحيفة منه، فعلت ذلك في اليوم التالي بقلم رئيس تحريرها، ما يضع إشارات استفهام على مصداقية ما نُشر ويُنشر في هذه الجريدة.
على الطرف الآخر، لجأ خلال الأيام الماضية بعض المعارضين الشيعة إلى إعداد لائحة مضادة من 28 اسم تحت عنوان “شيعة إيران” كرد على الأسماء التي نشرتهم الصحيفة. جاء فيها أسماء شخصيات دينية وسياسية وإعلامية محسوبة على إيران. وتضم كل من “نصر الله، نعيم قاسم، نبيل قاووق، نواف الموسوي، وفيق صفا، محمد رعد، علي عمار، حسن فضل الله، محمد فنيش، علي فياض، حسين الحاج حسن، حسين الموسوي، جميل السيد، نوار الساحلي، بلال فرحات، ابراهيم الأمين، زينب عواضة، علي المقداد، حسين زعيتر، أمين شري، حسين جشي، غسان جواد، ميسم رزق، رضوان مرتضى، ناصر قنديل، رفيق نصر الله، حبيب فياض، ومنار الصباغ”.
في هذا السياق، يرد المحلل السياسي الصحفي علي الأمين على هذه الادعاءات، ويؤكد لـ”ليبانون ديبايت” أن مصطلح “شيعة السفارة” استُهلك واستنفذ وفقد معناه لأن غاياته كُشفت. ويستغرب الأمين رمي الاتهامات بهذه الطريقة ضد كل من يعارض حزب الله في الطائفة الشيعية، “بينما واقع الحال هو العكس، والمصطلح يعبر عنهم أكثر كونهم يتقاضون الأموال من دولة خارجية هي إيران وبإقرار صريح وعلني منهم”.
ويرى أن تكرار استخدام المصطلح “تعبير عن إفلاسهم، ومنطقهم الضعيف، إذ إنهم غير قادرين على مواجهة خصمهم بالكلام السياسي”. ويضع ما نُشر في إطار التشويه والتحريض على القتل وهدر الدم، و”يُفترض إن كان لا يزال هناك قضاء وأجهزة، متابعة هذا الملف ومحاسبة المحرضين”.
أما الجامع المشترك بين الشخصيات المتهمة، يقول الأمين “كلهم يطالبون بوجود دولة لبنانية تفرض سلطتها على كامل أراضيها، ويطالبون أن يكون الجيش هو الأقوى، وبالمساواة تحت سقف القانون، وجميعها عناوين يشعر حزب الله والممانعة أنها استهداف لهم لأنهم فوق القانون ولديهم سلاح غير شرعي ويتجاوزون الحدود من دون محاسبة، ويطالبون بشكل صريح بدور فاعل لإيران في لبنان والمنطقة”.
بدوره، يلفت رئيس اللقاء “العلمائي اللبناني” عباس جوهري، في حديثه لـ”ليبانون ديبايت” أن حزب الله يقوم “باستهداف واضح لكل النشطاء وأصحاب الرأي والمعارضين لنهجه وممارسته في الملفات الداخلية وخصوصا الملف الاقتصادي والاجتماعي ومشاركة حزب الله بالإرضاء على نهب المال العام ومديونية الدولة”.
وأضاف أنهم “كانوا شهود زور خلال كل هذه الحقبة منذ 26 سنة حتى اليوم، ولأنهم يخافون من الحساب وكلمة الحق، أسهل ما عليهم اتهام من يريد المحاسبة والمساءلة بانتمائهم ووطنيتهم، ولم تفلح كل العناوين المقدسة التي استعملوها بالتستر عن تواطؤهم مع الفساد في الدولة، ولذلك لجأوا للتشكيك بالآخرين واتهامهم بما هم فيه”.
ويرد الجوهري على ما نُشر بالقول “هم شيعة دولة خارجية تسمى إيران ونحن شيعة لبنان وشيعة المواطن اللبناني، نحن مواطنون أولا قبل الانتماء المذهبي ومهتمين بتأمين حد أدنى من الحياة السياسية في لبنان وإصلاح مؤسسات الدولة المهترئة”.
ويربط الجوهري إعادة تسليط الضوء على “شيعة السفارة” بالمعركة الانتخابية “التي يريدون فيها تشويه كل من يعارضهم”، ويتحدى الدول العربية وغيرها “أن تثبت أن المعارضين الشيعة تقاضوا فلساً واحداً من أية دولة خارجية عربية أو اجنبية”.
نهلا ناصر الدين