مع إنطلاقة العملية الانتخابية لاقتراع اللبنانيين المقيمين في الخارج والمسجلين في السفارات اللبنانية، بدأت اليوم المرحلة الأولى التي تشمل 6 دول عربية هي الإمارات وسلطنة عمان والسعودية وقطر والكويت ومصر، حيث انشغلت القنوات التلفزيونية اللبنانية منذ ساعات الصباح الأولى بتغطية الحدث الذي يُنظّم للمرة الأولى في الخارج، حيث وزّعت المحطات مراسليها على هذه الدول لينقلوا تقاريرهم ومشاهداتهم مباشرة لتغطية سير عملية اقتراع المغتربين ورصد نسب حضورهم وتصويتهم أولاً بأول، مع إجراء مقابلات مع بعض المقترعين ونقل الأجواء المرافقة للعملية الانتخابية.
التغطية بشكلها ومضمونها بدت وكأنها نوعاً من “البروفا” للحدث الانتخابي الاساسي المنتظر في لبنان في السادس من أيار/مايو المقبل، كونه يعكس نموذجاً أولياً حول الكيفية التي ستتم فيها التغطية في اليوم الانتخابي الذي يترقبه لبنان، باعتباره مؤشراً عن مسار وتوجهات المواطنين والكتلة الناخبة المشاركة في هذا الحدث الاستثنائي.
وفي حين اكتفت قنوات “ال بي سي” و”ام تي في” و”المستقبل” و”المنار” و”ان بي ان” بنقل رسائل وتقارير المراسلين خلال نشرات الاخبار وبعض البرامج الحوارية الصباحية، برزت التغطية الموسعة التي خصصتها كل من “أو تي في” و”الجديد” من خلال مواكبتها لهذا اليوم الانتخابي من الاستديو باستضافة سياسيين وإعلاميين ومراقبين للتعليق على مسار عمليات الاقتراع ومحاولة رسم صورة لما ستؤول إليه النتائج، ومن مراكز الاقتراع في القنصليات والسفارات من خلال المراسلين الموزعين في الدول العربية الست.
بالتوزاي مع التغطية الشاملة لقناة “الجديد”، بدا واضحاً أن مراسليها كانوا يسعون للنبش والتفتيش عن أي حادثة أو إشكال بهدف جذب الأنظار ضمن الأسلوب الذي لا يخلو من التشويق المصطنع تحت حجة نقل الحقيقة والصورة كما هي، وأنهم مستعدين لبث المواضيع التي يتفادى غيرهم التعاطي معها ونقلها، حيث برزت دينامية راشيل كرم من خلال تغطيتها من قطر، والتي لم توفر مجموعة أو فرداً إلا وسألته عن دوافعه واعتراضاته ورأيه، إلا أن الأبرز كان تخصيصها وقتاً لأحد مناصري “حزب الله” الذي بدا وبعد تصويته وخروجه من السفارة، كما لو أنه قد حضّر خطبة عصماء يشيد فيها بتاريخ “حزب الله” في الهرمل وبعلبك وبعمله المقاوم وبالسبب الذي جعله يدلي بصوته لصالح الحزب المستند أساساً على وعد السيد حسن نصرالله بالالتزام بإنماء المنطقة بعد إهمالها لعقود من الزمن، ما جعل الطابع الحزبي الترويجي يغلب على هذه التغطية، والتي كان محل انتقاد للإعلامية مي شدياق، المتواجدة كضيفة في استديو “الجديد”، حيث وجهت انتقاداً مباشراً لكرم معتبرة أنها تخرق الأصول حين تقوم بسؤال المقترعين عن الجهة التي اقترعوا لها، الأمر الذي حدا بكرم للدفاع عن نفسها وإنكار هذه التهمة.
كما برزت ملاحظة مراسل القناة، رامز القاضي من الكويت، والتي ذكر فيها غياب مندوبي “حزب الله” و”حركة أمل”، ما يعكس تردي العلاقات الخليجية مع “حزب الله” ويوضح سبب عدم اهتمام قناتي “المنار” و”إن بي إن” بالتغطية الانتخابية بالمستوى نفسه مثل باقي التلفزيونات اللبنانية.
“أو تي في” من جهتها ركّزت في تغطيتها على إبراز إدارج عملية اقتراع المغتربين في إنجازات جبران باسيل والعهد، إذ لم يغب عنها منذ افتتاحية تغطيتها الصباحية تكرار وصف الانتخابات في الخارج بأنها “حدث تاريخي كبير”، ما كان لينجز لولا همّة وزير الخارجية ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، ما عكس دورها الهادف لتحشيد أكبر عدد من المغتربين كاستكمال للدور الذي قام به باسيل منذ بدء جولاته في الخارج.
كما ركّز خطاب القناة على فكرة أساسية مفادها أن التيار الوطني الحر بزعامة باسيل كان المقاتل الأساسي لإيصال لهذا العرس الديموقراطي، وأن اقتراع المغتربين هو نقطة بيضاء في سجّل وزارة الخارجية التي تمدّ العهد بإنجاز تلو الآخر، مع عدم نسيان المجاهرة والتلميح بأن هذا إنجاز مسيحي تمّ تحصيله بعد محاولات عديدة من وضع العراقيل في طريقه من قبل الطرف الآخر، معتبرين أن اي نقد يطاول هذا الإنجاز أو أي ملاحظة سجّلها المراقبون عليه لا تعدو كونها محاولة للتشويش على الانتخابات التي يمتنّ اللبنانيون لأفضال جبران باسيل الذي ساهم بحصولها.