ساد في الأيام القليلة الماضية لغط إعلامي لبنانياً وعربياً عن إصدار الكونغرس الأميركي قانوناً جديداً يهدف إلى نزع سلاح حزب الله وتغيير المهمات الموكلة إلى قوة حفظ السلام الدولية (اليونيفيل) في جنوب لبنان. يعود سبب اللغط إلى مسارعة صحف ومواقع إخبارية لبنانية وعربية إلى إعادة نشر تقرير غير دقيق ورد في إحدى وكالات الأنباء الأميركية ويخلط بين ثلاثة معطيات تشريعية أميركية دون الاستناد إلى أي مصدر أو مرجع، ودون دراية بآلية العمل القانوني في أميركا.
أجمعت عناوين الصحف والمواقع التي نقلت التقرير على أن الكونغرس أصدر قانوناً يدعو الإدارة إلى العمل على نزع حزب الله وتطبيق القرارات الدولية المتعلقة بلبنان. يعود سبب اللغط إلى اقتراح قانون جرى تقديمه مؤخراً في مجلس النواب، بينما لا تزال الجهات المختصة في مجلسي الكونغرس تعمل على توحيد نص مشروع قانون آخر لتشديد العقوبات على حزب الله للتصويت عليه بصيغته النهائية قبل ارساله إلى الرئيس للتوقيع عليه ليصبح نافذاً ويعدّل بعض احكام القانون الساري حالياً والصادر عام 2015.
ففي الثامن عشر من كانون الأول/ ديسمبر 2015، وقع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما قانوناً يحمل الرقم 114-102 بعنوان قانون منع التمويل الدولي لحزب الله، الذي اقره الكونغرس بمجلسيه بناء على اقتراح تقدم به عضو مجلس النواب الجمهوري من كاليفورنيا رويس ادوارد في الثالث عشر من أيار/ مايو من العام نفسه بمساندة 9 أعضاء من الحزبين. وكان هذا القانون الذي لا يزال سارياً موضع اهتمام رسمي ومصرفي لبناني تفاصيله معروفة.
في العشرين من تموز/ يوليو العام الماضي، تقدم العضو نفسه بإقتراح تعديل القانون في مشروع يحمل الرقم (HR 3329) بمساندة 114 عضواً من الحزبين، وهو المشروع الذي أثار قلقًا كبيراً في الأوساط اللبنانية حين سارع كبار المسؤولين الحكوميين والمصرفيين إلى زيارة اميركا للحد من مفاعيل التعديل المقترح والذي حاز على الأغلبية اللازمة في مجلسي الكونغرس، إلا أن ردود الفعل اللبنانية والعربية عليه جعلت اللجان المختصة في الكونغرس تتلكأ في اجراء الخطوة الأخيرة المتمثلة في توحيد النص التشريعي قبل التصويت عليه بصيغته النهائية ورفعه إلى الرئيس للتوقيع عليه ليصبح نافذاً. أي أن مشروع التعديل لم يتحول بعد إلى قانون.
في الثامن عشر من نيسان الحالي، تقدم النائب الديمقراطي عن ولاية نيويورك توم سوزي والنائب الجمهوري عن ولاية الينيوي آدم كينزنغر باقتراح قانون جديد يحمل الرقم (HR 4450) تحت عنوان “قانون نزع سلاح حزب الله”. الجديد في الاقتراح أنه بعد استعراض تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية من جانب وزارة الخارجية عام 1997، واعتباره الحزب تهديداً خطيراً وقائماً للولايات المتحدة ومصالحها وحلفائها من خلال تدخله العسكري خصوصاً في اليمن والعراق وسوريا، وملاحظة العقوبات المفروضة عليه في قانون العام 2015، ومواصلته تسليح نفسه، مستشهداً بتصريح لقائد القوات الجوية الإسرائيلية السابق عن غارات إسرائيل على شحنات أسلحة متوجهة للحزب في سوريا خلال السنوات الخمس الماضية، يتطرق إلى قرار مجلس الأمن رقم 1701 ويعتبر أن على قوات اليونيفيل مسؤولية مساعدة الجيش اللبناني لخلق منطقة منزوعة السلاح.
ويتناول الاقتراح جميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة مركزاً على القرار 1559، ويلاحظ أن ذلك لم يؤد إلى نزع سلاح الحزب أو إلى ضمان الأمن على الحدود الجنوبية للبنان، وأن مهمة اليونيفيل جرى توسيع اطارها عام 2017! ويدعو الولايات المتحدة إلى تعزيز جهود القوات الدولية والعمل مع الحكومة اللبنانية والشركاء الإقليميين من أجل وضع خطة زمنية محددة لنزع سلاح حزب الله، والعمل بشكل وثيق مع حكومة إسرائيل لتجميد قدرات حزب الله ومنع انشطته غير القانونية والتعاون مع الحكومة اللبنانية لتأمين حدودها ونزع سلاح جميع المليشيات العاملة في لبنان بموجب اتفاق الطائف. ويدعو في فقراته الأخيرة الأجهزة الأميركية المعنية إلى العمل على وضع تقارير مفصلة عن القدرات التسليحية للحزب وطرق تمويله والدول والمنظمات التي تدعمه.
لا ينظر المراقبون إلى اقتراح القانون الجديد بجدية، ويعتبرون أن عدم مسارعة أعضاء آخرين من الكونغرس إلى تزكيته ودعمه يعني أن له مآرب أخرى باعتبار أن القانون الحالي والتعديلات الجديدة التي قد تجد طريقها إلى البيت الأبيض للتوقيع عليها كافية للتعامل مع مسألة حزب الله تشريعياً. ويتخوف المراقبون من أن يكون الاقتراح مقدمة لحملات سياسية وإعلامية تهدف إلى خفض التمويل الأميركي لقوات اليونيفيل، وقد طلبت إدارة الرئيس دونالد ترامب خفضه في موازنة 2019، من 146 مليون دولار إلى 84.2 مليوناً فقط.
محمد العزير