يوم فضّل النائب فريد مكاري الابتعاد عن السّاحة التشريعيّة وعدم الترشّح للانتخابات النيابيّة، لم يتخلّ فقط عن مقعده في الندوة البرلمانيّة، بل ترك ايضاً منصب نيابة الرئاسة الثانية الذي يتولّاه منذ العام 2005، في خطوة تطرح معركة “انتخابيّة” مُنتظرة في حال كان التوافق المُسبق على هوية الخلف غير قائم.
الاثنين 21 أيّار، يعقد مجلس النوّاب المُنتخب أولى جلساته، إذ يجتمع بناءً على دعوة أكبر أعضائه سناً وبرئاسته لانتخاب هيئة مكتب المجلس، وذلك في مهلة أقصاها خمسة عشر يوماً من بدء ولايته. وبين القانون والتسويات يبقى السؤال، من يَختار نائب رئيس مجلس النوّاب؟
دستوريّاً، تنصّ المادة 44 على أنّ “مجلس النوّاب ينتخب أولاً ولمدّة ولايته، الرئيس ونائب الرئيس، كلاً منهما على حدة، بالاقتراع السرّي، وبالغالبيّة المطلقة من أصوات المقترعين. وإذا لم تتوافر هذه الغالبية في هذه الدورة وفي أخرى تعقبها، تجري دورة اقتراع ثالثة يكتفي بنتيجتها بالغالبيّة النسبيّة. وإذا تساوت الأصوات، يعتبر الأكبر سناً منتخباً”.
وتضيف المادة المذكورة أنّه “وفي كلّ مرة يُجدّد المجلس انتخابه، وعند افتتاح عقد تشرين الأول من كل عام، يعمد المجلس إلى انتخاب أميني سر، ثمّ يجري انتخاب ثلاثة مفوضين بورقة واحدة بالغالبيّة النسبيّة. وإذا تساوت الأصوات عدّ الأكبر سناً منتخباً”.
هذا لناحية الآلية القانونيّة، بيد أنّ الواقع السياسيّ في لبنان يفرض عادةً التوافق المُسبق ولا سيّما بين الأحزاب والقوى السياسيّة الأساسيّة قبل سلك طريق الانتخاب “الشكليّ” انطلاقاً من منطق توزيع الحصص.
على المقاعد الأرثوذكسية الخمسة عشرة يجلس كلّ من النوّاب المنتخبين: ميشال المر، وايلي الفرزلي، وسليم سعادة، ونقولا نحاس، واسعد درغام، ووهبه قاطيشا، وفايز غصن، وجورج عطالله، واسعد حردان، وانيس نصار، والياس بو صعب، وعماد واكيم، ونزيه نجم، وقيصر المعلوف. في حين أنّ التنافس الجدّي بين هؤلاء يقتصر على سبعة بالحدّ الأقصى لخلافة مكاري، وذلك بحسب أوساط سياسيّة متابعة.
وتشير الأوساط الى أنّ “حزب القوّات اللبنانيّة بات شريكاً اساسيّاً في اختيار نائب رئيس مجلس النوّاب وطرح مرشّح من كتلته، مثل التيّار الوطنيّ الحرّ، والمستقبل والثنائيّ الشيعيّ، وعلى هؤلاء تأمين أصوات نوّاب باقي الأفرقاء لتعزيز حظوظ الأسماء المطروحة من قبلهم”.
ورداً على الكلام الذي يُشاع عن أنّ رئيس مجلس النواب، مع عودة نبيه بري، لن يقبل بوصول نائب عونيّ لتولّي هذا المنصب، تقول الأوساط إنّ “الرئيس برّي من شأنه أن يعرقل ويصعّب وصول الاسم الذي يطرحه الوطنيّ الحرّ، لكن ليس باستطاعته منع نجاحه على اعتبار ان الانتخاب هو الحاسم في هذه المسألة. وللتيّار كتلة وازنة في البرلمان مدعومة من حلفاء اساسيّين كالمستقبل من شأنه ان يعزّز حظوظ وصول مرشّح التيّار، وهو لن ينسحب بسهولة من هذه المعركة لأنّه يتطلّع للحصول على المنصب الأرثوذكسيّ الأوّل في الدولة”.
بيد أنّ القضية ليست محسومة نهائيّاً عند كتلة التيّار القويّ بمرشّح واحد بحسب الأوساط ذاتها على اعتبار أنّ “من بين الأسماء المطروحة جديّاً في هذا الفريق النائبين المنتخبين الياس بو صعب، وايلي الفرزلي الذي سبق أن شغل هذا المنصب منذ العام 1992 لغاية 2004، قبل ان يخلفه مكاري. وقد يدخل النائب الشماليّ جورج عطالله الى اللائحة”.
وتلفت الأوساط إلى أنّه “على الصعيد القوّاتي، هناك اسماء جديّة تستحقّ هذا المنصب مثل النوّاب عماد واكيم، ووهبة قاطيشا، وأنيس نصّار بانتظار حسم القوّات الموضوع، والمعركة ستكون حامية بين الفريقين العوني والقواتي على هذا الموقع الّا في حال جرى الاتفاق بين الجانبين بشأن مقعدي نائبي رئيسي مجلسي النوّاب والوزراء، والأخير يشغله اليوم وزير الصحة غسان حاصباني، وهذا الأمر وارد”.
وتشير إلى أنّ من الاسماء التي من شأنها ايضاً ان تنافس على منصب نائب الرئيس بريّ على اعتبار ان الاخير ضامن لرئاسته، هم فايز غصن، وأسعد حردان، وميشال المرّ الا ان حظوظهم ضئيلة في هذا المجال. علماً أنّ النائب المتني الذي يعدّ الأكبر سناً بين النوّاب قد يكون الحدث مرّة اخرى وينتخب نائباً للرئيس في حال تساوت الأصوات عملاً بالمادة 40 من الدستور السّابق ذكرها.
ريتا الجمّال