عون : الجميع مدعو لتسهيل تأليف الحكومة

استضاف القصر الجمهوري في بعبدا الإفطار الرئاسي الذي شارك فيه إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الذي رافقه نادر الحريري، إضافةً إلى شخصيات سياسية ودينية وديبلوماسية واجتماعية.

وألأقى عون كلمة قال فيها التالي: “أهلا بكم على مائدة الإفطار الرمضانية التي تجمعنا في كل عام مع حلول الشهر الفضيل، شهر اليمن والخير والعطاء، شهر المغفرة والتسامح. ومائدة الإفطار في الذاكرة هي دائماً مساحة اللقاء، تقرّب البعيد تجمّع من تفرّق تغسل القلوب وتصفّي النوايا، فلنستلهم من فضائل هذا الشهر الكريم ولنسع للتلاقي على مساحة الوطن.

أيها الحضور الكريم،

لسنة خلت وفي إفطار العام الماضي وعدت بإنجاز قانون للانتخابات، يكون بداية استعادة الثقة، ويحسّن التمثيل الشعبي ويجعله أكثر توازناً؛ أفقياً بين مكونات الشعب اللبناني كافة، وعمودياً داخل كل مكوّن بحدّ ذاته.”

والوعد قد تحقّق، أقرّ القانون على مبدأ النسبية لأول مرة في تاريخ لبنان، وجرت الانتخابات على أساسه، وأنتجت مجلساً نيابياً جديداً تمثّلت فيه غالبية القوى السياسية؛ وجوه جديدة دخلت الى المجلس وقوى سياسية تمثّلت للمرة الأولى، فأهلاً بكم جميعاً في مسيرة بناء الوطن والدولة. لقد راكمت تفاعلات الفترة الأخيرة، والخطاب الانتخابي المتفلّت أحياناً، بعض الأحقاد في النفوس، وساهمت في خلق جوٍ من التوتر والشحن الطائفي والسياسي خصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لامس الخطوط الحمر.

إن الخطاب الحاد يجب أن يتوقف ولغة العقل يجب أن تعود، فالتحديات أمامنا كبيرة، داخلياً وخارجياً، ولا يمكننا أن نواجهها إلا بوحدتنا وتضامننا وبإعطاء الأولوية للمصلحة الوطنية، فتتقدم على أي مصلحة أخرى.

أيّها اللبنانيون

صخب التهديدات من حولنا يعلو اليوم، من إيران الى إسرائيل، ومن سوريا الى روسيا والولايات المتحدة، مع ما يرافقه من عقوبات اقتصادية وتهديدات أمنية، تجعل التحسب لكل النتائج أمراً أكثر من ملحّ ومطلوب في لبنان، المحاط بالحرائق ونوايا العدو الاسرائيلي المبيتة. لذلك، علينا أن نحكم إغلاق كل الثغرات الممكنة التي يمكن أن تنفذ منها رياح العنف والاضطرابات، وعلى رأسها التشرذم، وتضارب المصالح والرؤى، تجاه ما نريده لوطننا وشعبنا.

إن الخطوة التالية بعد أن تشكلت السلطة التشريعية، هي السلطة التنفيذية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تقدر على مجابهة تلك التحديات؛ حكومة يمكنها التعامل مع الوضع الإقليمي والدولي مع المحافظة على الاستقرار الداخلي، حكومة تمضي بالإصلاحات وتضع نصب عينها مكافحة الفساد وتحديث إدارات الدولة، وتسير بخطة اقتصادية تستكمل مسيرة النمو في الوطن ونهضته. من هنا، الجميع مدعو الى تسهيل تأليف الحكومة العتيدة في أسرع وقت ممكن، فالوضع الضاغط لا يسمح بإضاعة الوقت، ومعايير التأليف معروفة وليس علينا إلا الالتزام بها وتطبيقها.

أيّها الحضور الكريم،

الاستحقاق الأهم الذي ينتظرنا هو الوضع الاقتصادي المتردّي بسبب التراكمات والأزمات المتواصلة لعشرات السنين، أضف اليها تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية وحروب الجوار. لذلك باشرنا العمل على وضع خطة اقتصادية تحدّد لنا مكامن الضعف والقوة، وتضع تصوّراً لمعالجة المشاكل القائمة، وهي قد أوشكت على الانتهاء.

ولكن أي خطة اقتصادية لن يكتب لها النجاح الكامل اذا لم نبادر إلى وضع أسس عملية لحل مشكلة النازحين السوريين المتفاقمة التي تولد أعطاباً في كل مفاصل الاقتصاد اللبناني، إضافة الى انعكاساتها الاجتماعية والأمنية على مجتمعنا، وعلى مستقبل شبابنا.

إنّ وقت الكلام والتحذيرات من هذه المشكلة قد انتهى، وحان الوقت للانكباب الرسمي على وضع خطة حل عملية، تؤدّي إلى الهدف المنشود منها، وهو عودة النازحين الى المناطق الآمنة في بلادهم، وعدم انتظار الحل النهائي للأزمة السورية.

وبالتوازي علينا أن نبدأ معركة مكافحة الفساد والتي بدونها لن يبنى وطن ولن تقوم دولة ولن ينتعش اقتصاد؛ فهذه المعركة المؤجلة قد آن أوانها، بعد تشكيل السلطتين التشريعية والتنفيذية وفق إرادة الشعب اللبناني، وبعد اجماع كل القوى على انها أولوية.

لقد خاض شعبنا الكثير من المعارك السياسية التي فرّقته وشرذمته، فلتكن المعركة التي توحده هي معركة القضاء على الفساد. وهي المعركة الحقيقية الجديرة بأن تخاض وأن تعدّ لها كلّ الأسلحة، فهي معركةٌ للبناء لا للتدمير، والإنتصار فيها هو انتصار لكل الوطن ولكلّ المواطنين”.

اخترنا لك