سابقة حكومية بتوزير علوي وسرياني، بطريرك السريان الكاثوليك : نحن فاعلون ومتجذرون

جوجلة أسماء وزارية تشهدها مرحلة ما بعد الانتهاء من الاستشارات النيابية غير الملزمة للرئيس المكلف سعد الحريري. أرقام مختلفة تطرح لعدد الوزراء في الحكومة المنوي تشكيلها، إلا أن جديد ما ستشهده هذه التشكيلة هو الاتجاه إلى توزير (الأقليات) بوزير من الطائفة العلوية وآخر من الطائفة السريانية، وهو ما يعد سابقة في تاريخ لبنان.

إعطاء حقيبة وزارية للأقليات مطلب رفعه وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، وأصرّ عليه رئيس الجمهورية خلال لقائه مع وفد من الطائفة السريانية، ولكن مع كثرة مطالب الكتل النيابية، ما مصير إسناد حقائب للأقليات؟ وإلى أين وصلت مفاوضات التشكيل؟

في هذا السياق، أكد بطريرك السريان الكاثوليك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان أن “زيارته للرئيس عون جاءت لتأكيد دعم الكنيسة السريانية للعهد، وللإنجازات التي حققها حتى اليوم. وأملنا أن ينجح الرئيس في ورشة إنهاض البلاد على الأصعدة كافة. وأتت الزيارة أيضاً لشكر الرئيس عون على إصراره لتمثيل الطوائف الصغرى في الحكم والحكومة وإشراكهم في السلطة”.

وأضاف في حديث لـ”النهار”: “أثنينا على طرح وزير الخارجية جبران باسيل لتمثيل الطائفتين العلوية والسريانية في الحكومة المقبلة، وأكدنا للرئيس أننا طائفة صغرى من حيث العدد، لكننا فاعلون ومتجذرون في هذا الوطن بشكل كبير، ولعبنا أدواراً مهمة في تاريخه، وأنظار ابناء الطائفة في المنطقة كلها شاخصة باتجاه لبنان، وعليه تمنينا ان تتمثل طائفتنا بشخصية سريانية كاثوليكية في الحكومة المقبلة للمشاركة في العمل الحكومي، بعدما تمثلت طائفة السريان الأرثوذكس بنائب في البرلمان، وأكد لنا الرئيس أنه سيذكّر المعنيين بالموضوع لأخذ القرار المناسب”.

لطالما شعرت الأقليات في لبنان بالغبن في مراكز الفئة الأولى، فدخول وزير من الأقليات إلى الحكومة يشكل سابقة في لبنان، وقد تمثلت تلك الأقليات بحكومة الرئيس تمام سلام بالوزير نبيل دو فريج (لاتيني)، بينما لم يسبق للطوائف الأخرى أن تمثلت في الحكومة.

وقد سبق للوزير دو فريج، أن تقدم باقتراح قانون وافقت عليه اللجان النيابية، بزيادة 4 نواب، (شيعي، وسني، ومسيحيان من الأقليات). ولكن لم يؤخذ بهذا الاقتراح عند إقرار قانون الانتخاب. وتمنى دوفريج أن تتمثل الأقليات في الحكومة المقبلة، ليس ارضاءً لأحد، بل لتكريس مبدأ المشاركة والمواطنة في لبنان.

وبعد انتهاء الانتخابات النيابية، وعدم المضي باقتراح دو فريج، فإن الأنظار تتجه نحو الاسماء التي يمكن أن تمثّل الأقليات، لترتفع معها أسهم رئيس الرابطة السريانية حبيب افرام، والذي يعتبر في حديثه لـ”النهار” أن دخول الحكومة مطلب عمره عقود. “فلا يمكن أن يبقى هناك تراتبية في المواطنة وأن يشعر لبناني بأنه من فئات متدنية في وطنه، فالنظام اللبناني يوزع الوزارات حسب الطوائف، فهناك وزارات سيادية تعطى حسب الطائفة، وهناك طوائف تحصل على وزارات خدماتية واخرى وزارات دولة، بينما بعض المذاهب لا تعطى أي وزارة لا سيادية ولا غيرها، وهي تشعر بالغبن، ولم يتسنّ لها أن تمثلت بأي وزير في الحكومات السابقة، كالعلويين والسريان والأقباط”.

وأكد أفرام أن الحديث عن تمثيل السريان متقدم جداً وله بعد وطني وبعد مشرقي حقيقي، مطالباً بأن يتحول مطلب الوزير باسيل الى مطلب وطني كي لا يشعر أي مواطن بالغبن في وطنه.

وطالب أفرام بفصل أحقّية العلويين بتولي حقيبة وزارية، عن السريان، فإذا كانت الحكومة من 32 وزيراً أو 30 أو حتى 20 وزيراً يجب أن تتمثل الأقليات، “نحن لا نريد أن نتنافس مع أحد وأن لا نأخذ من حصة أحد، ولكن نريد حقنا في خدمة لبنان”. وفي ما خص الحديث عن توسيع الحكومة من أجل الأقليات، قال افرام إن الحكومة الثلاثينية تمثل فيها الأرمن بوزير (حكومة 92، 2000، والـ2005) وهو ليس خارجاً عن العرف، فالأهم في الوقت الحالي كسر “التابو” على الأقليات.

وكانت الهيئة التأسيسية لرابطة السريان الكاثوليك أكدت في بيان لها، أن “الطائفة ليست مكونا ذمّيًّا، فلسنا مواطنين من درجة دونية، بل نحن لبنانيون كاملو الأهلية والانتماء الوطني الأصيل، لكننا لا نزال نتعرض للتهميش والغبن منذ تأسيس الكيان اللبناني الذي كان لرجالات طائفتنا السريانية الكاثوليكية دور بارز فيه، من خلال مشاركة المثلث الرحمات البطريرك الكاردينال مار اغناطيوس جبرائيل الأول تبوني في المؤتمرات الدولية إلى جانب المثلث الرحمات البطريرك الياس الحويك، للمطالبة بإنشاء دولة لبنان الكبير.

فضلا عن كل التضحيات التي بذلها السريان في لبنان منذ قيام هذا الوطن ولغاية تاريخه دون أي حساب أو مطالبة أو منة لأحد، غير أن وقت الحصاد قد حان، والسريان الكاثوليك يطالبون اليوم بالتوقف عن تهميشهم واختيار أحدهم لتولي مناصب وزارية ورفيعة في الإدارة اللبنانية، ولا سيما أن الطائفة تزخر بالرجالات الذين لطالما أغنوا لبنان بعلمهم وثقافتهم وعطاءاتهم وتضحياتهم ودماء شهدائهم”.

وأعلنت الرابطة “رفضها المطلق اعتبار السريان الكاثوليك مجرد أقليات لا حقوق لها، في زمن بات المسيحيون بأجمعهم أقلية في هذا المشرق المضطهد بمسيحييه. فلا قيام للدولة الديموقراطية غير الفاسدة، القوية والجامعة، إلا بتطبيق الدستور بالتساوي على جميع المكونات دون استئثار من فئة أو تهميش لفئة أخرى”.

وعلى صعيد متصل أكد عضو الهيئة التنفيذية في المجلس الاسلامي العلوي والمرشح السابق للمجلس النيابي أحمد الهضام، أن العلويين مكون أساسي من طوائف لبنان، وعليه يجب أن يكون التمثيل منصفاً لهم في الحكومة المقبلة، فالطائفة العلوية تشكل نسبة كبيرة في الساحة الطرابلسية والعكارية، ولا يمكن أن يبقى التهميش سياسة تتبعها الحكومات المتعاقبة بحقنا”. وبعيداً عن الأسماء أكد الهضام أن العديد من الأسماء قد طرحت في الفترة الأخيرة وهناك “جوجلة” للبعض والقرار يعود لرئيس الحكومة متنمياً عليه النظر الى العلويين كمكون من مكونات الوطن.

علي عواضة

اخترنا لك