ماذا سيفعل المجلس الدستوري غداً ؟

أقفل المجلس الدستوري اليوم أبوابه أمام تقديم الطعون الإنتخابية، على 17 طعناً في مختلف الدوائر لا سيّما في بيروت الثانية. إلاّ أنّ البتّ بهذه الطعون يعدّ معقداً إلى حدّ ما، خصوصاً أنّ الإنتخابات أجريت على أساس القانون النسبي، وبالتالي مَنْ سيخلف مَنْ في المقاعد، وكيف سيتمّ البتّ بهذه الطعون؟

سؤال حملناه إلى رئيس مؤسسة “جوستيسيا” بول مرقص الذي أشار في حديث لـ”لبنان 24″ إلى أنّ الطعون المقدمة إلى المجلس الدستوري هي طعون سياسية أكثر مما هي طعون قانونية، لأنّها ليست مبنيّة بالضرورة على أسباب جوهرية تؤدّي إلى إفساد نتيجة الإنتخاب، أو أقلّه هي مبنيّة على مثل هذه الأسباب، إلاّ أنّ هذه الطعون ليست مقرونة ومرفقة بمستندات وأدلّة دامغة على وقوع هذه المخالفات التي تفسد العملية الإنتخابية الأمر الذي يمكن اعتبارها طعون سياسية أكثر منها طعون قانونية، تهدف إلى تسجيل موقف سياسي.

ولفت مرقص إلى أنّ غالبية الطعون التي قُدمت إلى المجلس الدستوري في السنوات السابقة لم يؤخذ بها، وأعطى مجموعة أمثلة عن الطعون: ففي المجلس الدستوري الفرنسي، في العام 2012 تمّ تقديم 108 طعون جرى إبطال 7 منها فقط، كما أنّه في لبنان في العام 2009 لم يؤخذ بأيّ طعن من الطعون الـ13 التي قُدّمت.

ولفت إلى وجود شرطين أساسيين يجب الإعتماد عليهما لقبول الطعن: أوّلاً جسامة في المخالفات المشكو منها، وثانياً أن تكون هذه المخالفات قد أفسدت نتيجة الإقتراع ولولاها لكان فاز الطاعن أو آخرون، مشدّداً على أنّ هذين الشرطين يصعب تثبيتهما في العديد من الطعون المقدمة، أو أنّهما ليسا متوافرين لتقديم الطعن على أساسهما.

وإذ شدّد على أنّ المجلس الدستوري قادر حتماً على البت بالطعون التي ستقدم له، خصوصاً أنه في الماضي تمكّن من البت بالكثير من الطعون وبتغيير نتائج العديد من الدوائر الإنتخابية، إضافةً إلى الكثير من الطعون الأخرى، إلاّ أنّ التحدي الأساسي الكامن أمام المجلس الدستوري يكمن في القانون الموجود أمامه الصادر عام 1993 ويحمل الرقم 250، وهو قائم على أساس القانون الإنتخابي الذي كان معتمداً في السابق، أي القانون الأكثري بحيث تبطل نتيجة النائب الذي يشغل المقعد المطعون بنيابته حصراً.

أمّا اليوم ومع تغيير قانون الإنتخابات، لم يتم تعديل المادة السابقة، وبالتالي بات نص المجلس الدستوري متناقضاً مع قانون الإنتخاب، وهنا يكمن التحدي في كيفية تجاوز المجلس الدستوري التناقض بين النصين بما يحقق معه مبادئ العدل والإنصاف.

وسأل مرقص: هل سينسحب الطعن على مجمل لوائح الدائرة أم سيكتفي على المقعد المطعون به؟ وبالتالي فإنّ إبطال النيابة بالنسبة إلى مقعد نيابي، سينسحب ويؤثر على مجمل المقاعد في الدائرة، في حالات كثيرة، فكيف سيتعامل معها المجلس الدستوري؟ مشيراً إلى أنّ هذا هو التحدي وهو قانوني فقهي أكثر ممّا هو تحدٍّ سياسي، لكنّه بطبيعة الحال يترك بعض الذيول السياسية إذا ما حصل إبطال لأيّ مقعد في الدائرة التي تقدم بها الطعن.

اخترنا لك