يعيش عشّاق كرة القدم ساعاتهم الأخيرة قبلَ انطلاق صافرة البداية للعرس العالمي الذي يخطف الأضواء كلّ 4 سنوات، متأمّلين ألّا يتحوّل حلمهم برؤية منتخبهم المفضّل رافعاً كأس العالم إلى كابوس. ويبقى السؤال الذي يؤرّق كلّ متابعٍ وهائمٍ بكرة القدم، من هي المنتخبات الأوفر حظّاً للفوز بالبطولة الأغلى؟!
من المعروف أنّ اللعبة الأكثر شعبية في العالم لا تعترف بالتوقعات والتحليلات التي تسبق البطولات والمباريات، فعندَ انطلاقِ صافرةِ البداية في أرض الملعب، تتحوّل كلّ التوقعات إلى أوهام تحت أقدام اللاعبين، فلا تُحسَمُ النتائج والألقابُ بِسواها. لكنّ الهدف الأساسي للتحليلات والتوقعات هو الإضاءة على مكامِن الضعف والقوة عند كلّ فريق، وهو ما يضعنا أمامَ توقّعٍ مبدئي لحظوظِه.
صراع برازيلي فرنسي مُنتَظَر
يعدّ المنتخبَان البرازيلي والفرنسي الأكثر قوّةً بين المنتخبات المتنافسة على كأس العالم، دونَ تنقيصٍ من أيِّ منتخبٍ آخر، ويتوقَّعُ أن يَحسمَ أحدهما اللقب إن لم يشهد المونديال مفاجآت كبيرة.
فـ”الديوك” الفرنسية الساعية لإحراز لقبها الثاني في المونديال، تمتلكُ العديدَ من اللاعبين الموهوبين القادرين على دكّ حصونِ أيّ منتخبٍ تواجهه. وعلى الرغم من عدم تقديمهم أداءً ممتعًا تحت إدارة ديدييه ديشامب، إلّا أنّ الأخير استطاع أن يبنيَ فريقاً متماسِكًا، وصل به إلى نهائي أمم أوروبا الذي خسرَهُ أمام البرتغال بِهَدَف “ايدير” الذهبي، الّذي لم يشفع له ليشارك في كأس العالم الحالي.
وتبقى المهمّة الأصعب أمام ديشامب في أن يُخرج أفضل ما لدى لاعبيه، عسى تكونُ الثالثة ثابتة بحال وصوله للنهائي، إذ سبق له خسارة نهائي أمم أوروبا على صعيد المنتخبات، ونهائي دوري أبطال أوروبا مع نادي موناكو عام 2004، إثر اصطدامه في النهائي بـ”بورتو” الذي كان تحت إمرة مورينيو.
وعلى النّاحية الأخرى، يرجّح المتابعون والمحلّلون رؤية المنتخب البرازيلي بأبهى حُلَلِهِ، بعدما تمكّن مدرّبه “تيتي” من مسح ذيول الصدمة التي صعقت البرازيل إثر الهزيمة التاريخية القاسية أمام ألمانيا 7-1 في مونديال 2014، مؤسّساً فريقاً قويّاً كانَ أول المتأهلين لروسيا بعد تصدّره التصفيات بـ12 فوزًا، مقابل هزيمة واحدة و5 تعادلات.
ويعدّ خطّ الهجوم للمنتخب البرازيلي النقطة الأبرز ضمن نقاط قوة راقصي السامبا، خصوصاً أنّ ثلاثي المقدّمة الذي يقودُه النجم الأغلى في تاريخ كرة القدم نيمار مع ويليان وخيسوس مدعومٌ بخطِّ وسطٍ لا يقلُّ جودَةً عنهم.
ويرى معظم المتابعين والمحلّلين أنّ الفائز من مواجهة البرازيل وفرنسا بحال تأهلهما لمراحل متقدمة، سيكون الفائز في المونديال، إذ من المرجح التقاؤهما في النصف نهائي بحال تصدرهما المجموعة والفوز في الدور الثاني والربع نهائي.
الألمان متربّصون وعينهم على التاريخ
في ظلّ انصِباب التوقعات بإحراز المونديال على المنتخبَين البرازيلي والفرنسي، يقف المنتخب الألماني متربّصاً وعينه على تحقيق إنجازٍ تاريخي يعادلُ به الرقم القياسي للبرازيل بإحرازه لقبه المونديالي الخامس.
ولا شكّ أنّ المنتخب الألماني ليس بعيداً عن دائرة المرشحين لإحراز الكأس، فهو حامل اللقب الذي استطاع أن يدكّ حصون راقصي السامبا بسباعيّةٍ حُفِرَت في الذاكرة الكروية بحروفٍ من ذهب. لكنّ المنتخب الألماني سيكون هذه المرّة أمامَ تحدٍّ تاريخي لم يحقّقهُ سوى منتخبياً على مرّ السنين، وهو الحفاظ على لقبه.
فالمنتخب الايطالي، الغائب الأبرز عن مونديال روسيا، تمكّن من الحفاظ على لقبه عام 1938 في المونديال الذي استضافته فرنسا، بعدما أحرز مونديال 1934 في ايطاليا. وتمكّن المنتخب البرازيلي من تكرار الانجاز عام 1962، محرزًا مونديال تشيلي، بعد تحقيقه مونديال السويد عام 1958.
وهنا تجدر الاشارة إلى أنّ الانجاز الذي حققته ايطاليا والبرازيل لم يَكُنْ بالمسمّى الحالي لكأس العالم الذي انطلق عام 1974، بَلْ بمسمّاه القديم “كأس غول ريميه”، أيْ أنّ ألمانيا ستنفرد بإنجازٍ تاريخي خاص بهذه الكأس حالَ حصولها على اللقب هذا العام.
ويعتبر المنتخب الالماني في هذه النسخة من المونديال من المنتخبات الأكثر خبرةً، إذ يعوِّلُ على نجومٍ كِبار مِنهُم من باتَ على أعتاب الاعتزال، كالحارس العائد من الاصابة مانويل نوير، سامي خضيرة، ماتس هوميلز، توني كروس، مسعود أوزيل، توماس مولر، ماريو غوميز وغيرهم.
وإضافةً لجيل الخبرة، يتمتّع المنتخب الألماني بجيلٍ من الشباب لا يقلُّ تميُّزًا، مثل تيمو فيرنر، ليون جورتسيكا، جوليان براندت، جوليان دراكسلر، جوشوا كيميتش وغيرهم.
أرجنتين ميسي.. هل تفعلها؟!
لا يمكن تجاهل أيّ فريقٍ يضمّ النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي عند الحديث عن التتويج بالألقاب، فـ”ليو” قادرٌ على قلب الموازين في أرضية الميدان، خصوصاً أنّه كانَ ورفاقُه على بُعدِ لحظاتٍ من التتويج بمونديال البرازيل 2014، قبلَ ان يحرمهم نجم ألمانيا ماريو غوتزة من هذا الانجاز بهدفٍ قاتلٍ سجله في الدقيقة 113، لكنّه أيضاً لم يشفع لهُ للتواجد في مونديال روسيا!
وعلى الرغم من امتلاك الأرجنتين لـ”ميسي”، إلّا أنّ النتائج السابقة للمونديال لا تبشّر بالخير، خصوصاً مع القرارات الغريبة للمدرب “سامباولي”، التي اشتكى منها مشجعو التانغو في أنحاء العالم، وعلى رأسها اسبتعاد نجم انتر ميلان ماورو ايكاردي والإبقاء على هيغواين الذي يعتبره معظم مشجعي الأرجنتين سبباً في ضياع العديد من الألقاب المهمة.
وكانت الأرجنتين مهدّدةً بشكلٍ جدّي بالغياب عن المونديال حتى مباراتها الأخيرة في التصفيات، ولولا “المنقذ” ميسي لَما استطاعت أن تَصِلَ مباشرةً إلى روسيا. فهل يُكمِلْ ميسي معروفَهُ ويسير على خُطى مارادونا؟!
اسبانيا والبرتغال.. وجهاً لوجه
يسعى المنتخب الاسباني لمسح ذيول الخيبة التي تعرّض لها في مونديال البرازيل، بعد خروجه من دور المجموعات بخسارتَين وفوز وحيد لم يكن كافياً لبلوغ الدور الثاني، من خلال محاولته تصدّر مجموعته في مونديال روسيا التي تضمّ البرتغال، ايران والمغرب.
وتتمتّع اسبانيا، كما المانيا، بتنوّع لاعبيها بين جيلَي الخبرة والشباب، فبينما تمتلك لاعبين بحجم انييستا، بوسكيتس، بيكيه، سيرجيو راموس وديفيد سيلفا أصحاب الخبرة، تمتلك العديد من العناصر الشابة التي أثبتت علوّ كعبها مع أنديتها، مثل نجوم ريال مدريد ماركو أسينسيو، ايسكو ولوكاس فاسكيز.
لكن ما يمكن أن يكون السبب الأكثر تأثيراً على “اللاروخا” بصورةٍ سلبية، إقالة المدرب “جوليان لوبيتيغي” قبل 24 ساعة فقط من انطلاق الحدث المنتظر، والسبب إعلان ريال مدريد التعاقد معه لـ3 مواسم. فهذا الأمر لا بدّ أن يتركَ أثراً سلبياً على الفريق الطامح إلى تحقيق الانجاز العالمي، ويبقى حجم الأثر متعلّقاً بقدرة بديل “لوبيتيغي”، فرناندو هييرو، على استيعاب الموقف واللاعبين وتخطّيه بأسرع وقت.
من ناحيةٍ أخرى وفي نفس المجموعة، يبرز اسم المنتخب البرتغالي، بطل أمم أوروبا والذي يحتوي في تشكيلته على أفضل لاعب في العالم بالسنوات الأخيرة كريستيانو رونالدو، فالمنتخب الذي شكّل مفاجأة “يورو 2016” ليس بعيداً عن تحقيق مفاجأة في “مونديال 2018”.
فعلى الرغم من ضعف تشكيلة البرتغال إذا تمّت مقارنتها مع بقيّة المنتخبات، يبقى امتلاكُها للدون رونالدو عاملَ قوّةٍ قد يكون مؤثّراً لِقلبِ أيّ مباراة وفي أيّ توقيت.
وبعيداً عن المراحل المتقدّمة في المونديال، سيكون الصّراع على صدارة “مجموعة الموت” مشتعلاً بين البرتغال واسبانيا، إن لم يُفجّر منتخبا المغرب وايران، أو أحدهما، مفاجأةً كُبرى في دور المجموعات.
باختصار، هذه المنتخبات تعدّ من أبرز المرشّحين لخطف اللقب العالمي، لكن هذا لا يعني أنّ بقيّة المنتخبات لا تمتلك الحظوظ، فكرة القدم عوّدتنا على المفاجآت التي كان آخرها خطف المنتخب البرتغالي لبطولة اليورو، على الرغم من عدم بروزِهِ بين أبرز المرشحين في التوقعات، فهل يشهد مونديال روسيا أيضاً بطلاً من خارج دائرة التوقعات؟!