تعلّق اللبنانيّون على مدى موسمين متتاليين بمسلسل الهيبة، وشخصيّة جبل شيخ الجبل “البطل” الخارج عن القانون والعادل بين الناس في الوقت نفسه، نظراً لغياب هيبة الدولة.
وفي الوقت الذي انتهت فيه حلقات المسلسل، لا يزال “الهيبة” بنسخته الحقيقيّة والملموسة، مستمرًّا على الأراضي اللبنانيّة وهذه المرّة من قبل الدولة التي فرضت هيبتها يوم الأحد الفائت أثناء تظاهرة للعاملات الاثيوبيات في الخدمة المنزليّة.
ر.س. هو شاب لبناني اميركي، حائز على شهادة ماجيستير في الصحافة، عاد إلى لبنان قادماً من الولايات المتحدة من أجل تعلّم اللغة العربيّة، والعمل كمراسل لإحدى أهم الصحف الناطقة باللغة الإنكليزيّة، ولحظّه السيّئ صودف وجوده في موقع التظاهرة، حيث قام بتصوير الحدث كما غيره من الموجودين، لحظة “انتفاضة الدولة” لهيبتها المفقودة مُمثّلة بطوارئ فصيلة الجديدة.
تصرُّف الصحافي ر.س الذي ينحدر من عائلة متنيّة عريقة، جده شغل سابقاً منصب مدير عام الأمن العام ومحافظ الشمال وسفير لبنان في دول أوروبيّة وغربيّة، دفع بعناصر من طوارئ الجديدة الى إلقاء القبض عليه لجريمة وهميّة تتمثّل في تصوير التظاهرة، وضربه ومنعه من الاتصال بأقاربه لأكثر من خمس ساعات، فيما ترك مُكبلاً لحوالي السّاعة والنصف داخل السيّارة.
ولاحقاً، تمّ تسكير المحضر، وأفرج عن الصحافي المذكور، بعدما تبيّن لمتوليّ التحقيق أنّ ر.س ليس مجرماً، فكان أن قدّموا له العصير علامةً للاعتذار على تصرّفهم.
هذه الوقائع، تؤكّد للبنانيّ مرّة جديدة، أنّه ليس بمأمن لا على الطريق أو حتى في بيته، سواء كان من الخارجين عن القانون الذين يتقاتلون بالمدافع والأسلحة الثقيلة للسيطرة على طرق التهريب والتشليح، أو من قوى شرعية تعتقل وتضرب اللبناني إذا ما قام بتصوير تظاهرة وأي شيء آخر ينزعج منه خاطر “ضابط نرفوز”.
وعُلم أنّ الصحافي ر.س غادر لبنان.