روما تجمع الأقطاب

يتأكّد يوم بعد آخر أن الاجواء التي راجت أو جرى ترويجها حول توفّر إعلان نوايا يؤسّس لقرب تشكيل الحكومة يظهر انها تكهّنات أو انها بنت جدران ثقيلة على دعائم خشبيّة لم يكن مصيرها إلّا التهاوي والسقوط. امّا الآن، بات الاعتقاد راسخاً أن تأخير التأليف هو المسار الصائب!

تفيد معلومات “ليبانون ديبايت” تقاطعت لدى أكثر من مصدر، أن مرحلة الصمت الحكومي دخلت حيز التنفيذ بدء من 24 ساعة مضت، بإعلان سفر كل من رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري والوزيرين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل وغطّاس خوري لقضاء “عُطل” خارج البلاد، مضاف إليهم غياب رئيس مجلس النواب نبيه برّي للأمر ذاته.

التوصّل إلى مرحلة الصمت يُستَدل اليه من أدوار الشخصيّات الأربع التي تشارك ولها أدوار عضويّة في مشاورات التأليف، ما يعني أن غيابها سيضع حدّاً للحراك ويجمّد نتائج الاتصالات التي تبيّن انها تغرق بنوع من الضبابيّة المعطوفة على لفح تعرّضت له اجواء الساعات الماضية، ويمكن أن تكون قد أردت الايجابي منها.

وقياساً على ما تقدّم، يسري اعتقاد لدى أوساط سياسيّة متابعة، أن الأسبوع الجاري يصنّف بخانة “الميّت سريرياً” بالمعنى الحكومي في ظل انكفاء حركة الوساطات الفاعلة على خط العقد، إذ سيُفتَقد إلى ورشة الاتصالات التي لها القدرة على إنضاج الحل، وإذا ما ظهرت حركة أو اتصالات ستكون في الشكل من دون أن تُعالج المضمون المتروك اخراجه لعودة المسؤولين. وفي خلاصة قولها: “لا حكومة أقله حتى نهاية الشهر الجاري”.

أما أخطر ما يجري التداول به داخل صالونات أن مشاورات الساعات الماضية أخذت اجازة بعدما فشلت في ادخال أي نوع من الحلحلة أو الوصول إلى تفاهمات “حد أدنى” يمكن اعتمادها كقاعدة لتسهيل التشكيل، ما دفع بمتابعين للقول أن “الخلاصة السلبيّة التي انتهت إليها مشاورات التأليف تدفع إلى الخشية وترقّب ما سينتظرنا”. وهي نفسها ايضاً التي دفعت الرئيس المكلّف لإلغاء تجميد رحلته وصعوده على متن أوّل طائرة.

الأجواء إذاً لا تشي بعودة قريبة “للعطالى” استناداً إلى الظروف السائدة، بل أن الظن يشير إلى غياب مضاف إلى تجميد للمفاعيل الحكوميّة إلى ما بعد 16 تموز الحالي موعد القمّة الأميركيّة – الروسيّة المرتقبة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين التي تصفها المصادر بـ”المفصلية” كونها مرشّحة لأن تتبلور على ضوئها طبيعة المرحلة الإقليمية المقبلة ومدى تأثيرها على الواقع اللبناني.

من هنا يُفهم السبب في السفرات بالجملة ومراهنة البعض على عامل الوقت وعدم الدخول في مغامرة التشكيل قبل إتضاح الخيط الابيض من الخيط الاسود.

وعليه، يتوقّع أن تمتد العطل إلى ما بعد 16 تموز أو ما هو أقرب إلى ذلك بقليل، ما يعني أن عودة الساسة يمكن أن لا تتم يوم الاثنين المقبل، بل قد تمتد حتى الذي يليه، الموافق لـ16 تموز. وعندما سأل “ليبانون ديبايت” مصادر محسوبة على عين التينة حول امكانيّة عودة برّي قبل موعد انتهاء عطلته اجابت: “لماذا يعود طالما أن ليس هناك من مستجدات طرحت تستدعي عودته؟”، ما فسّر على احتمال تمديد الغياب.

وعلى الرغم من تسيّد العوامل السلبيّة على ما عداها من أمور، تخرج بارقة أمل تقوم أوساط معنيّة بإشاعتها، تستند على وجهات عُطل السياسيين، على أمل أن تحمل هذه الوجهات أمراً مخفيّاً قد يكون مفعولاً.

وربطت هذه الاوساط بين السياسيين ووجهاتهم، كاشفةً (وفق ما يُسرّب) أن الوزير جبران باسيل اختار ايطاليا لقضاء العطلة وهي نفس الوجهة التي انتقاها برّي (الموجود في جنوبها)، بينما يقصد الرئيس الحريري مسافة قريبة جداً قياساً بالجغرافيا، أي فرنسا، ولا يبدو أنه يمانع من توجيه بوصلته إلى ايطاليا. فهل تجمع روما ما لم تقدر بيروت على جمعه؟

تتأمل الاوساط حدوث ذلك مستنداً على حالات سابقة حصلت فيها لقاءات بين اقطاب خلال العُطل وفي عواصم اجنبيّة اختاروها للإجازات وراعت وضعيّات إستثنائيّة كالتي نعيشها اليوم.

بعيداً عن إجازات الخارج، ثمّة جهات لم تطفئ محرّكات البحث عن ايجاد حلول محليّاً، من بينها ما يسترّب عن دور يخوضه المدير العام للأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم بغية تفكيك شيفرة عقدة التوزير الدرزي. وعلم “ليبانون ديبايت” أن مبادرة رئيس الجمهورية ميشال عون تجاه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط صبّت انطلاقاً من مشورة وضعها ابراهيم لدى عون.

عبدالله قمح

اخترنا لك