في خطوة غير متوقعة، جدّد نقيب المحامين الحالي أندريه الشدياق عقد التأمين الصحي مع شركة “غلوب مد” الخاصة على الرغم من اتهام الشركة بالفشل في ادارة الصندوق الاستشفائي في السنوات الثلاث الماضية والتسبب بعجز يفوق 20 مليون دولاراً، في الوقت الذي توجب فيه على الشركة ادارة الصندوق بشكل قانوني، وذلك بموجب عقد وقّعته مع نقيب المحامين السابق جورج جريج في شباط العام 2015.
وأعلنت النقابة في العام 2015 إطلاق “صندوق التعاضد للمحامين وعائلاتهم” لتغطية تكاليف الخدمات الطبية والاستشفائية، على أن تدير “غلوب مد” الصندوق بدلاً من شركة “ميدغولف”. الأمر الذي أثار شكوك عدد من المحامين حول طبيعة العقد الذي أغفل صلاحية الصندوق التعاوني أو صندوق التعاضد، “صاحب الصلاحية الحصرية والصفة للتعاقد والتزام الخدمات والمنافع الصحية”، وفق ما يرد في مُذكّرة قدّمها المحامي إبراهيم مسلّم إلى النقابة وسُجلت لدى أمانة السر في 19 آب عام 2016. وحمّل مسلّم النقيب جورج جريج مسؤولية إبرام العقد. وفي 31 آذار العام 2018، انتهى العقد مع الشركة المذكورة فيما الصندوق الذي كانت مُكلفة بإدارته لم يُنشأ بعد.
وارتفعت حدة معارضة المحامين بعض رفض النقيب الحالي أندريه الشدياق الكشف عن العقد للمحامين والسماح لهم بالاطلاع على دفتر الشروط لمعرفة السبب وراء العجز الذي يبدو أنهم سيدفعونه من جيوبهم.
وفي هذا السياق، نشر المحاميان ابراهيم مسلّم وزاهر عازوري عقد التأمين على حسابهما عبر فيسبوك، اذ بنظر مسلّم أنه من حق المحامين الاطلاع على العقد ومعرفة سبب الهدر في الصندوق. وعند محاولة الوقوف عند رأي النقيب الشدياق بعد نشر العقد رفض الادلاء بأي تصريح معتبراً أن الموضوع غير قابل للتداول به اعلامياً.
وبحسب أحد المحامين، يكمن السبب الرئيسي وراء نشر العقد بعد هذه الفترة في رفع رسم التأمين الذي يدفعه المحامي سنوياً من 430 الى 700 دولاراً مع زيادة سنوية بنسبة 31%، كما أُلزم المحامي على دفع 15% من قيمة الفاتورة في بعض المستشفيات والمختبرات.
وأضاف المصدر نفسه أن هذه الشركة تسببت بعجز في الصندوق الاستشفائي وصل الى نحو 24 مليون دولاراً، في الوقت الذي لم تكن فيه التقديمات على المستوى المطلوب، لا سيما مع رفض الشدياق الكشف عن العقد الذي أثار كثيراً من الشكوك لدى المحامين المعترضين.
وُضعت القضية في أدراج النسيان في عهد النقيب الشدياق، وفقاً للمصدر ذاته، الذي اعتبر أن “اعادة احيائها سببها الزيادة في كلفة التأمين، الأمر الذي دفع المحامين الى عقد اجتماع طارئ نهار الخميس في الخامس من نيسان الماضي في بيت المحامي، بيروت”. ولفت الى أنه” تم التعامل مع المحامين بشكل غير لائق ومذلّ اذ أُغلقت المكاتب وعُقد الاجتماع في الكافيتريا”.
وأضاف المصدر أنه تم رفع كتاب من قبل مجموعة من المحامين الى النقيب أندريه الشدياق مطالبين بالاطلاع على العقد ولكن من دون جدوى، مشيراً الى أن أحد أعضاء مجلس النقابة يدعى اسكندر الياس قدّم استقالته احتجاجاً على ما يحصل، موضحاً أن “سبب رفض اطلاع المحامين على العقد هو محاولة من النقيب الحالي لعدم الكشف عن أوراق قديمة”.
بدوره، أكّد محامٍ آخر في حديث لـ”ليبانون ديبايت” أن صندوق النقابة ممول ذاتياً، كاشفاً عن أنه “على مدى ثلاث سنوات لم يُقدّم أي كشف عن الحسابات وبالتالي لم يُنفّذ مضمون العقد الذي هو في الحقيقة ممزوج بين الادارة والشراكة ومن المفترض أن يكون عقد اعادة تأمين”. وقال “غشونا فيه وطلعوا جايبيلنا كتاب ومش بوليصة تأمين من شركة وما الو قيمة”.
وأضاف المحامي ذاته، الذي أدلى بإفادته لدى النيابة العامة التمييزية، أن المسؤولية تقع على عاتق شركة التأمين GLOBEMED ومعيد التأمين الأول AXA، اذ من واجب الأخير تنفيذ العقد بحسب المادة 7 من العقد (علماً أن معيد التأمين الأول هو من يملك شركة التأمين)”.
وأوضح أن شركتي “Axa وLibano Swiss لم يقدما على مدى 3 سنوات عقد تأمين ولا حتى قطع حساب انما كانتا تدعيان أنهما تقومان بتدقيق الحسابات لكن في الحقيقة تدققان للاستفادة والربح الشخصي”.
وكشف عن أنه “وصلنا لعجر بقيمة 21 مليون دولار ولم نحصل على تعويضات التي هي من حق النقابة وتصل قيمتها الى 11 مليون دولار، لكن ما شفنا شي”.
وأشار إلى أنه “زوّد النقابة منذ حوالي الأسبوعين بتقرير خبير مختص، بناء على العقد الموقع ودفتري الشروط، ينص على أن من يتحمل قيمة العجز هو معيد التأمين الأول AXA بحوالي 17 مليون دولار عن السنوات الثلاث الماضية، لأن عدم تجديد عقد إعادة التأمين يتحمل مسؤوليته معيد التأمين الأول”.
وقال: “حين تقدم النائب زياد أسود بإخباره إلى النيابة العامة التمييزية حول موضوع الصندوق التعاوني وما ارتكبته شركات التأمين، عرضت شركة “غلوب مد” تسديد عجز يصل إلى 10 ملايين دولار، ثم جرى سحب العرض حين قرر مدعي عام التمييز عدم السير بالتحقيق في موضوع الإخبار”، لافتاً إلى ضرورة الضغط من أجل السير قدماً في موضوع الإخبار وصولاً لإتمام إجراءات التحقيق.
وكشف عن أن موظفاً في النقابة تقتضي مهمته في مراقبة العقد وسبل التنفيذ والأخطاء المرتكبة لم يقدم أي تقرير منذ ثلاث سنوات، واذ به يفتتح مكتب تأمين بالتعاون مع شركاء. وتحول الموظف من وكيل عن المحامين الى مشرف من قبل الشركة ليغطي أخطاء الشركة وبالتالي قام بالتآمر على النقابة.
أسئلة عدة يطرحها محامون ويضعوها في عهدة المعنيين؛ “لماذا هذا التقاعص من قبل النقابة على مدى ثلاث سنوات؟ ولماذا النقابة تدافع عن الشركة وفي الحقيقة من واجبها الدفاع عن المحامين وعن حقوقهم؟ ولماذا تقوم النقابة بتغطية أخطاء شركة GLOBMED؟ وبالتالي، كيف لأشخاص ارتكبوا هذا الكم من الأخطاء ولا يزالون في مراكزهم؟ ولماذا لم تنشر النقابة التقرير؟
أنيتا سليمان