معالي الوزراء : هل شربتم من مياه بعلبك ؟

منذ سنوات عدّة تعود مشكلة المياه في بعلبك وتتكرر في الصيف على الرغم من صرخة الأهالي ومناشدتهم لحلّ ينقذ المنطقة من شح المياه، وتلوّثها الذي لم يعد يحتمل. الأهالي هذه المرة دقوا ناقوس الخطر، رافعين الصوت ليطالبوا بحّل جذري خصوصا أن المزروعات في المنطقة تروى من المياه الملوّثة، وتلك الأخيرة تصل الى منازل الأهالي بلون التراب!

قام أحد الناشطون من ابناء المنطقة بإطلاق حملة افتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي تحت هاشتاغ “#مياهبعلبكما_بتنشرب” مطالبا المعنيين “بدنا مي تنشرب ببعلبك”. وبدأ الأهالي والمتضررون من المياه الملوّثة في المنطقة بمشاركة صور كارثية للمياه التي تصل الى المنازل. وانتقدوا الاهمال الحاصل في المنطقة وعودة التهميش من قبل جميع الجهات المعنية حل هكذا أزمة مستعجلة، اذ قال أحدهم “نحن نطالب بمياه يا جماعة، مش شي تاني”.

في السياق، لفت سفير السلام العالمي في المنظمة الدولية لحرية وحماية حقوق الانسان وابن المنطقة الدكتور مدحت زعيتر في حديث لـ”ليبانون ديبايت” إلى انه “يتم ري المزروعات من بطاطا وبصل وغيرها من مياه عفنة ملوّثة. وعلى الرغم من تدخل جهة أمنية لنزع المحطات التي تضخ مياه ملوّثة منذ فترة وجيزة، عادت المشكلة الى سابق عهدها بين ليلة وضحاها من دون معرفة السبب، وأعادت معها مياه مجارير الى المنازل والحقول”.

ودان زعيتر الاهمال الحاصل، إذ بات تلوث المياه وتعريض صحة أهالي بعلبك للخطر أمراً واقعاً للمعنيين في المنطقة، سائلا اياهم “من أين تأتون بمياهكم وتشربون؟”. ورأى ان اساس المشكلة تكمن في عدم القدرة على تصريف مياه الصرف الصحي والتخلّص منها. وسأل وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال طارق الخطيب إذا كان على علم بوجود منطقة في لبنان اسمها بعلبك الهرمل. كما دعا وزير الطاقة والمياه سيزار ابي خليل للتحرك والتصرف لأنه لا يمكن المماطلة بإيجاد حلول لهذا النوع من الكوارث، ولوضع خطط مستعجلة للمباشرة بإنقاذ مياه بعلبك.

حل المشكلة ليس بالسهولة التي يتم التداول بها بين مقترحي الحلول، والكارثة أكبر بكثير من مجرد مياه ملوّثة، بحسب الدكتور. وأضاف “في بيروت تحوّل مياه الصرف الصحي الى البحر، في بعلبك لا مكان لتصريفها والتخلص منها. والمواطن يعاني من غياب دراسات جدية تتعلّق في وضع حلول جذرية، فليتحرك المسؤولون علّهم يحدثون معجزة في المنطقة”.

أما رئيس بلدية بعلبك العميد حسين اللقيس يعيد سبب تلوّث المياه بهذا الشكل الكارثي إلى قيام أحد الاشخاص في المنطقة من آل الجمال بحفر بئر جوفي يوازي بمستواه آبار الدولة التي تغزّي مياه الشفة في المنطقة. وأوضح اللقيس لـ”ليبانون ديبايت” ان “تلاقي مستوى الابار تسبب بعوكرة المياه بهذا الشكل، عندها بادرت مصلحة مياه بعلبك إلى الطلب من محافظ المنطقة بشير خضر وقف تغذية البئر المسبب للمشكلة”.

تحرّك المحافظ مكلّفا القوى الامنية بتوقيف العمل بالبئر المخالف، لكن الأخيرة لم تنفذ المهمة، لتبادر شرطة بلدية المنطقة بدورها إلى ذلك. أما المعني الأساسي في هذه الأزمة هي مصلحة مياه بعلبك التابعة لوزارة الطاقة والمياه لأن التراخيص التي يتطلبها حفر البئر يجب ان تخضع للوزارة، بحسب اللقيس. وكل ترخيص خارج إطار وزارة الطاقة والمياه يعتبر غير شرعي.

ولفت رئيس البلدية الى ان البئر المخالف مستحصل على استثناءات من أحد الأجهزة الامنية خوّلته المباشرة بحفر الآبار المخالفة من دون المرور عبر مصلحة المياه. وتحرُّك عناصر شرطة البلدية بإيقاف التغذية عن البئر الى حين صفاء المياه جاء من منطلق حق التصرف المعطى لهم في حال وجود اي ترخيص او استثناء يشكل ضررا على المصلحة العامة.

لكن حفر الآبار الخاصة في المنطقة لن يتوقف على أمل ان تعالج المشكلة، وتقوم الدولة بوضع خطط استراتيجية للمياه، وتجدد دراسة واقع المياه الجوفية والسطحية في المنطقة. وتؤمن مصادر مياه جديدة عبر انشاء سدود وبحيرات، ووضع سياسات جديدة للمياه الجوفية، أضف الى ازالة الاعتداءات والمخالفات مهما كانت الجهة التي تتلطى ورائها وتحميها.

كريستل خليل

اخترنا لك