بول ابي راشد : إدارة النفايات لا تتلخص بالمحارق أو التفتت الحراري

هذه المرّة لم ينتظر العمل التشريعي ولادة الحكومة، بل باشرت اللجان النيابية عملها بعد دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، حيث تم إقرار مشروع قانون “حماية كاشفي الفساد” ومشروع “قانون النفايات الصلبة” مع التحفظ على المادة العاشرة من الفصل الثاني (التنفيذ) بتأييد الغالبية بإستثناء النائب بولا يعقوبيان، سامي الجميل وإلياس حنكش الذين غادروا الجلسة اثر خلاف على موضوع النفايات الصلبة.

وكشف الجميل بعد خروجه من الجلسة “عدم السماح لهم بالكشف عن ثغرات المشروع حيث أصرّوا على التصويت عليه وتمريره من دون مناقشته”، وأكّد إعتراضه على تقنية المحارق التي أصبحت قديمة نظرا لخطورتها “.وإستغرب الجميل “الإستعجال في البت المشروع دون إنتظار الحكومة”.

وبدورها أكّدت يعقوبيان موقفها الرافض لمشروع المحارق، مشيرة اننا “امام نوع من ابتزاز في ملف النفايات إما المحارق او بقاء النفايات في الشوارع ويبدو ان التوافق بات ناضجا لوضع محرقة في الكرنتينا”، مؤكدة “لن اقبل بجلب لا سرطانات او امراض اخرى مرتبطة بالمحارق”.

لافتة الى انه “بعد اطلاع كبير على تقنية المحارق الموجودة في اوروبا فأن اول شرط هو الرقابة ونحن في دولة لا يوجد فيها رقابة مما يعني ان اي خطأ بالانبعاثات يؤدي الى منطقة مصابة بالسرطانات”.

وفي تصريح لـ “جنوبية أكدت يعقوبيان أنها “مستمرة، مشيرة إلى عقدها هي وإئتلاف إدارة النفايات مؤتمرا صحافيا في 31 تموز المقبل عند الساعة الخامسة والنصف في المدوّر – الكرنتينا حول محرقة بيروت ومخاطرها البيئية ، الصحية، الإجتماعية والإقتصادية.

فما هي تقنية المحارق؟ وهل هي فعلا حلّا مناسبا لازمة النفايات في لبنان أم أنه مشروع سرقة وهدر مالي جديد للمسؤولين؟

رئيس الحركة البيئية بول أبي راشد أكّد في حديث لـ “جنوبية” أن “موقف النواب الجميل، حنكش ويعقوبيان إضافة إلى أسامة سعد الذي أصدر اليوم بيانا عارض فيه هذه التقنية يثبت أن هؤلاء النواب فقط هم المطلعين على ملف النفايات، أما سائر النواب فليس لديهم أدنى فكرة أو أن جزء منهم مضطلعين لكنهم يدركون أن عملية التفتت الحرارة هي صفقة تناسب القطاع الخاص والصفقات التي يجريها المسؤولين”. مشيرا أنه “أصبح واضحا أن الدولة تخدم قطاع خاص مافياوي يستفيد من مشاريع الدولة وهي بالنسبة لهم بقرة حلوب”.

وأشار إلى أن الإعتراض على هذا المشروع لأن “إدارة النفايات لا تتلخص بالمحارق أو التفتت الحراري، ففي كل مرة تطرح الدولة حلول إما بالمطامر أو المحارق ما يشير أن ليس هناك دراية علمية في ملف النفايات، لأن جزء صغير جدا من النفايات قابلة للحرق لعدم خطورتها ولقدرتها الحرارية يمكن تحويلها بواسطة الحرق أو تقنيات أخرى إلى مصدر للطاقة.

فهذه واحدة من المعالجات وليس الحلّ الشامل وهي مخصصة لجزء صغير جدا من النفايات”، وتابع “53% من النفايات لدينا هي فضلات مأكولات ولا يمكن أن تحترق، و35% هي مواد بلستيكية، ورق، زجاج ومعادن لا يجوز حرقها لأن قيمتها الإقتصادية والبيئية أكبر من أن تحرق”.

مشيرا إلى أن هناك نوع من النفايات يسمى المرفوضات وهي ذات قيمة حرارية غير خطرة يمكن تحويلها إلى وقود ويمكن حرقها وتحويلها إلى كهرباء، لكن ما يتكلمون عنه في المجلس النيابي حرق كل أنواع النفايات “. مؤكدا “لهذا السبب يرفض البيئيين والخبراء تقنيات الحرق”.

كما إستغرب أبي راشد ” توقيت إقرار المشروع والإستعجال ببته قبل تأليف الحكومة، مشيرا إلى أنه “يبدو أن البت بهذا الملف فرض عليهم قبل الذهاب إلى “باريس 4″ لأن أحد بنود هذا المؤتمر ينصّ على تمويل ثلاث محارق وتكلفة المحرقة الواحدة تبلغ 365 مليون دولار في حين أن الكلفة لا تتجاوز الـ 200 مليون دولار”.

ولفت “أن هذه الدول لا تستفيد فقط من لبنان بالفوائد إنما أيضا تستفيد من خلال بيعنا تقنيات هي تخلّت عنها”، مشيرا “أن “باريس 4” ينص أيضا على “public private participation ” وجميع المشاريع يديرها بمجملها القطاع الخاص وهو يعني أن مافيا الداخل التابعة للمسؤولين ستكون المستفيد الثاني من المحارق. ما يتضح أن الأولوية هي ليست للبيئة والمعالجة إنما التجارة”.

وشدّد أبي راشد على أن “الدولة اللبنانية لا تذهب نحو الحلّ البيئي المتكامل لأنه لا يدخل أموال إلى جيوبهم بل ينمّي المجتمع ويخلق فرص عمل عدا عنه يخلق إستقلالية مادية للشعب وللبلديات ، فيما هم يريدون أن يبقى الشعب اللبناني تابع لهم”. مشيرا إلى الوضع السياسي مرتبط بالنفايات”.

وعن الحل البيئي الأولوي للنفايات والمتبع عالميا ختم أبي راشد إنه “مقسما إلى 3 مراحل متسلسة ويبدأ أولا “بالتخفيف ومن ثم التدوير والتسبيخ ومن ثم إسترداد الطاقة وفي المرحلة الأخيرة التخلص عبر الحرق أو الطمر، فيما المشروع المطروح يضع تقنية التدوير أو الحرق أو الطمر في المستوى نفسه وهذه هي المشكلة الأساسية ما يعني طمر أو حرق أي نوع من النفايات”.

وفي المحصلة هل ستكون المحارق دافع للبنانيين كي يرفعوا الصوت عاليا مع النواب الرافضين بوجه السياسيين رفضا لمحارق الموت؟

سهى جفّال

اخترنا لك