“بالإمكان تشكيل الحكومة أمس قبل اليوم”! عبارة تعمّد النطق بها رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل مغادرته الاجتماع الثلاثي الذي ضمّه والرئيسين ميشال عون وسعد الحريري مع الموفد الرئاسي الروسي في قصر بعبدا، والتي كانت كافية لتعبّر عن حجم المأزق في موضوع التشكيل بفعل التناحر بين الأفرقاء السياسيين!
وإذ كان الموعد الجديد عبر تصريحات وتلميحات سيكون في الأول من آب المقبل كهدية وطنية بمناسبة عيد الجيش اللبناني فقد حُدّد ايضا موعد تشكيل سابق قبل عيد الفطر الفائت كعيدية رسمية للّبنانيين، وما الخشية سوى أن يؤجل الموعد الثالث الى ما بعد عيد الأضحى المبارك، و”يطعمنا الحجّة والناس راجعة” في ظلّ الأوضاع المحلية والاقليمية المتأزمة!
المداولات بين الرؤساء الثلاثة حول الوضع الحكومي ومستجداته لم تفضِ الى نتيجة حاسمة، إذ لم يشكل بقاء الرئيس المكلف مجتمعاً مع فخامة الرئيس لمدة ربع ساعة اضافية بعد مغادرة برّي قيمة مضافة على المشاورات الثلاثية، والعروض المستجدة والمقدمة لصيغة التشكيل تحتاج الرجوع الى وزير الخارجية جبران باسيل بحسب ما صرّحت به مصادر مطّلعة، مشيرة الى أن هذا ما تبلّغه الحريري من عون في آخر لقاء بينهما ايضاً.
الوقائع الحسية لا تشي بأي جديد، ولا المقترحات المقدمة قد تساهم في حلّ الأزمة والدفع نحو تشكيل الحكومة، وإذا كان البعض يدعو الى حكومة اكثرية كحلّ بديل عن حكومة الوحدة الوطنية، فإن هذه الدعوة تخفي ما تخفي أقلّه من حيث إبعاد افرقاء معينين عن المشاركة، اضافة الى أن مبدأ الميثاقية الذي سيعتمد في هذه الحكومة سيكون سيفاً مسلطاً عليها عند أي استحقاق!!
من جهة اخرى، فإن تصريحات المسؤولين ولا سيما الرئيس المكلف سعد الحريري، وإن حملت الكثير من الايجابية بدافع تنفيس الاحتقان، الا أن الواقع مغاير تماماً، وعلى رغم أن زيارة وزير الخارجية جبران باسيل لواشنطن للمشاركة في مؤتمر تعزيز الحرية الدينية بدت فاعلة، الا أن المحادثات الجانبية الاميركية -اللبنانية على هامش المؤتمر حثّت على الاسراع في تشكيل الحكومة بسبب تسارع الاحداث الاقليمية المرتقبة، والتي لن يكون آخرها المبادرة الروسية لعودة النازحين السوريين، وضرورة مواجهتها بحكومة تمثل وحدة اللبنانيين!
في سياق متصل، فإن التزام الصمت من قبل الأوساط المقرّبة من الوزير باسيل وفريق عمله ومستشاريه يأتي على خلفية تمسّك معظم الأطراف بمواقفها، بدءاً من “القوات اللبنانية” و”اللقاء الديمقراطي” وصولاً الى كتلة “المستقبل”، إذ ما زال الرئيس الحريري يرفض تمثيل المعارضة السنية وزارياً!
وفي انتظار أن يدلي الوزير جبران باسيل بدلوه من كل هذه المستجدات، يرى متابعون للوضع العام بأنه لن يسير بالحلول المطروحة لحلحة العقد التي تعترض التشكيل، وسيبقى مصرّا على طرحه في معايير التشكيل لجهة “القوات اللبنانية” والنائب طلال ارسلان، رغم “نفاذ صبره”، الأمر الذي قد يعني أن لا حكومة في الاول من آب، ولا حتى قبل “الأضحى” المبارك ، وكلا الموعدان عيد
ايناس كريمة