بعد 16 يوماً على رسو الباخرة الثالثة لتوليد الطاقة الكهربائية “إسراء سلطان” على شاطئ الجية، قرر وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال سيزار ابي خليل بالتعاون مع زملائه في تكتل “لبنان القوي” في كسروان نقل الباخرة إلى الذوق.
يأتي هذا القرار بعد الفضيحة التي سُجلت في تاريخ هذه الباخرة القصير، إذ إنه لم يُستفاد منها منذ ربطها بمعمل الجية إلا بـ 50 ميغاواط من طاقتها الكاملة التي تبلغ 235 ميغاواط، ما لا يوازي 20 في المئة من قدرتها. واقتصرت الإفادة على إقليم الخروب دون غيره، حيث نعِم أهله بـ 18 ساعة تغذية خلال الأيام الماضية، نظراً لكون البنية التحتية لشبكة الجية لا تتحمل انتاج أكثر من 50 ميغاواط، بسبب قدمها، وتحملها معملي الجية القديم والجديد إضافة الى الباخرة التركية أورهان باي. الأمر الذي وجّه أصابع الاتهام إلى أبي خليل، الذي أقام وتياره حرباً ضروساً لاستقدام هذه الباخرة، من دون القيام بالدراسات اللازمة لواقع الشبكة في الجية قبل رسو الباخرة فيها.
علماً أن وزارة الطاقة وبعد رفض رئيس حزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط للباخرة، طالبت في بيان لها ربط الباخرة بمعمل الزهراني، بناء لمطالبات نواب حزب الله بذلك، وتحديداً النائب نواف الموسوي، على اعتبار أن الزهراني أحدث من الجية، ولو تم ربط الباخرة به لكانت أعطت 5 ساعات تغذية للجنوب وساعتين لكل لبنان، ما أدى إلى تمسك جنبلاط بـ”إسراء” والإبقاء عليها في الجية.
لماذا الذوق لا الزهراني؟ يرى مرجع سياسي في نقل الباخرة من الجية إلى كسروان رسالة سياسية لجنبلاط التي وصلت المشادات الكلامية بينه وبين التيار الوطني الحرّ إلى أشدّها. بينما ترى أوساط سياسية أخرى أن نقل الباخرة اليوم إلى كسروان لا الزهراني، الذي هو أقرب من معمل الذوق بأشواط، تحت حجة وقف مجموعتي إنتاج في معمل الزوق، ما هو إلا خطة مبرمجة لأبي خليل للهروب من فضيحة عدم التمكن من استغلال كل طاقة الباخرة الجديدة في الجية، إذ تبرز مسؤولية كبيرة على وزارة الطاقة التي تعاطت مع الباخرة كجائزة ترضية مناطقية لا كوسيلة لتأمين الكهرباء، ولم تكلف نفسها عناء البحث عن الأرضية الأنسب قبل استقدام هذه الباخرة.
وبعد اعتراف حركة أمل بتهمة إبعاد الباخرة عن الزهراني، في بيان لها، رابطةً هذا الإبعاد بأن الباخرة ستعمل على تعطيل انشاء معمل جديد في الزهراني، وبالأضرار البيئية الناجمة عن الباخرة، تكشف أوساط مطلعة على ملف الباخرة لـ”ليبانون ديبايت” أن عدم استقبال “إسراء سلطان” إلى الزهراني يعود لأسباب أساسية خفية، وهي الحملة التي قادها رئيس بلدية الغازية محمد سميح غدار “المحسوب على حركة أمل” ضد الباخرة، مع عدد من أبناء البلدة، تحت حجة “الضرر البيئي والتلوث الذي سيقع على الغازية في حال رسو الباخرة في مرفأ الزهراني”.
وتؤكد المصادر أن السبب الرئيسي لحملة غدار يعود لامتلاكه “شركة غدار للمعدات ش.م.ل” وهي مجموعات توليد كهربائية، ومضخات مائية وعوازل صوت، وهي الشركة التي ستتضرر مادياً في حال زيادة التغذية الكهربائية في الجنوب، على اعتبار أن عمل المولدات سيتوقف لفترة 3 أشهر. كما غطت “أمل” حملة ربيبها غدار وضغطت على نواب حزب الله لإيقاف المطالبة باستقبال الباخرة، نظراً لأنها لا تريد للتيار الوطني الحر أن يكون له أي فضل إنمائي على أهالي الجنوب.
والنتيجة اليوم حرمان “الشعب العنيد” الذي حرر الأرض بدماء أبنائه، وارتبط اسمه طوال السنوات الماضية بالوفاء للمقاومة ومن يمثلها، من حقه في الكهرباء المجانية الصيفية، بتحريضٍ من “أمل” وتخاذل واضح من حزب الله.
على الضفة الأخرى، علم ممثلو منطقة كسروان من نواب تكتل “لبنان القوي” كيفية استغلال الصراع السياسي القائم على الباخرة جنوباً، وغلطة وزير الطاقة المحسوب على تيارهم، لصالح خدمة أبناء منطقتهم. ويؤكد النائب روجيه عازار في حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت” أن “اسراء سلطان” يفترض أن تبدأ بمنح تغذية كهربائية تتراوح بين 22 و24 ساعة لكسروان وجزء من جبيل والمتن خلال مهلة أسبوع، وهي الفترة التي تتضمن نقل الباخرة وتدابير وصلها بمعمل الذوق.
وعن المبادرة لنقل الباخرة إلى الذوق، يلفت عازار إلى أنه كان لنواب كسروان شكوى لدى وزير الطاقة بسبب تعطل مجموعتين في معمل الذوق عن العمل منذ 10 أيام، ما أثر على التغذية الكهربائية للمنطقة، إذ انخفضت إلى 10 ساعات، واقترحوا عليه نقل الباخرة على اعتبار أنه لا يتم الاستفادة من كامل طاقتها في الجية.
وفي ما يخص صرخة أهالي كسروان التي علت خوفاً من الضرر البيئي والصحي الذي قد تعود به الباخرة الجديدة على منطقتهم، يقول عازار انه أقل من ضرر المجموعتين المعطلتين في معمل الذوق، وبالتالي لا ضرراً بيئياً إضافياً على اهالي الذوق، لا سيما أن وجود الباخرة مؤقت ولن يتجاوز تاريخ 19 تشرين الأول المقبل.
نهلا ناصر الدين