يوم ضربت البارجة “ساعر 5” في عرض البحر لم يكن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في وارد الظن ان باخرة أخرى ستحمل العذابات لأهل الجنوب وتجوب مياهنا محملة بمخزون كهربائي صاف، ثم تضرب بزنود سياسية بعرض البحر لتحرم ابناء الاقليم وعامل والريحان من ساعات طاقة زيادة. شتان بين ضرب البارجة الاولى وضرب البارجة الثانية.
لم اكن في وارد الحديث حتى لا يعتبر كلامي تطفلاً على من يفترض انهم رفعوا الى مصافي الانبياء ولا يجوز شرعاً انتقادهم! وآليت على نفسي اضطهادها ارضاء للسمفونية المعهودة “وحدة الصف”. اجبرت الآن على الكلام لأني أضحت شاهداً على ان الجنوب وظيفته العملاتية في الدنيا التبرع بأكياس الدماء وتقديم الارزاق والبيوت عن غيره، فلل كانت ام اكشاك.
حتى اننا أصبحنا “معايرة” نُعايَر بما لدينا. لديكم طرقات وفلل وبيوت ومؤسسات وجامعات وناطحات سحاب! أكثر، عندكم حركة أمل! هذه وحدها تكفي للمعايرة! بات لزاماً علينا ان نعلق “حذاء مهرياً” فوق رؤوسنا خوفاً من صيبة العين، لكن أحداً لم ينظر الى نسبة القرف التي لا نحسد عليها.
نعم! صار لدينا مخزوناً كبيراً من العزة والكرامة يزن ارطالاً لكنه لا يصلح لانتاج الكهرباء يا سادة! يصلح فقط لراكبي الافواج، عفواً الامواج، كي يتاجروا ويستفيدوا على ظهرنا. اذكر جيداً كيف ان هؤلاء، البعض منهم، المسؤولين المضمخين باللون الاخضر، في عز دكّ الضاحية والجنوب وبعض البقاع بالقنابل الذكية، كانوا يناوبون على اداء “السيران” والاستجمام بربوع سوريا “طز عمروا ما حدا يرجع”.
المهم، الناس لا تنسى. القضية قضية كرامات وتراكمات، بعد حين خسرت حركة امل مناقصة الانتخابات النيابية على الرغم من ظفرها بعدد محترم من النواب، ولا داعي لاعادة سرد قصة انتخابهم. خسرت الانتخابات فمدت اليد على الكهرباء عساها تضيء عتمتها.
هَبّوا يتظاهرون “بدن كهربا” وهم في السلطة منذ 26 عاماً! هل يعقل ان يتظاهر المرء ضد نفسه؟
باختصار، الجماعة رأوا انهم تورطوا واصبحوا ملطشة للناس بعدما كشفت حيلة منع رسو الباخرة في الزهراني واغراق الجنوب بالعتمة ومن يقف خلفها.
لم يحسب هؤلاء استيقاظ الاغنام والنعاج. ظنوا ان القصة كالعادة، يستغبون الناس! تفاجؤوا.. ماذا نفعل؟ افعلوا كما فعل المختار “بيسي” في مسلسل الضيعة ضايعة، ادعوا لتظاهرة. طالبوا بكهرباء، طالبوا ببناء معمل الزهراني. تظاهروا! علّ التظاهر يخلق جدلاً يذر علينا شيئاً، حملات شعبية على شاكلة حملات هاشتاغ نشطاء الصدفة مدفوعي الأجر.
منذ 30 عاماً نسمع معزوفة بناء معمل الزهراني. تناوبوا بالفردة والجواز على وزارة الطاقة، ويتهمون غيرهم بتعطيل بناء المعمل! اين المعمل؟ لماذا لم يظهر؟ أو لماذا لم يبنوه؟ فتشوا في وجوه الموجودين بالتظاهرة، حدّقوا جيداً في خطوط وجوههم تعرفون الاسباب. خطوط وجوههم ترسم ببساطة كابلات الاشتراك في الواحات المحمية.
يا سادة، بات المولد واشتراك الكهرباء صناعة حركية خالصة. الجماعة لديهم اسطول مولدات أكبر من الاسطول السادس. يقال انهم يعانون تخمة كهرباء ويفكرون في البيع للخارج. داخل حركة أمل لم يعد هناك قرارات ترفيع استعيض عنها بمولدات منقوشة بلوغو غدّار. قل لي كم مولد لديك اقول لك مستوى مسؤوليتك بالضبط! صارت تجارة أفضل من خطوط فانات الركاب.
الجماعة احتكروا سوق الكهرباء وصناعة المولدات، تصبح هجنة إن علم ان مسؤولاً حركياً لا يملك مولداً، لا يعقل ان تكون مسؤول بلا مولد. اما من لم يحصل على جائزة مولد، هناك فان رقم 4 كفيل بسد الثغرة. اعطوه فاناً وكفوا المؤمنين شر القتال. يحتكرون كل شيء هكذا امام عينك، ثم يحدثونك عن الثورة وحقوق الناس ويذهبون للتظاهر، قال “بدن معمل وبدن كهربا”. معمل مين؟ معمل شو؟ عن اي معمل تتحدثون؟ هل إلى هذه الدرجة ترون أننا أغبياء لتضحكوا علينا؟ 26 سنة مرّت، أين المعمل؟
الأنكى أن جماعة الـ20% من اصوات الشيعة تتظاهر ضد التلوث! الباخرة تتسبب بتلوث! عجيبّ! ماذا عن التلوث السياسي الذي اوصلكم الى الحضيض؟ ماذا عن تلوث المولدات والمرامل والصكوك التي تزرع استصلاحاً في الاراضي فتنبت كسارات؟ ماذا عن مكابات النفايات العشوائية والصفقات الملونة وغير الملونة وماذا وماذا حتى ينقطع النفس؟
يصرون على التمادي باستغبائنا، يصرون على اظهار انفسهم فاشلين. نكاية وغصباً عن الطبيعة، يتربصون على كراسي المسؤولية منذ عشرات السنوات ولا شيء تغيّر. تعال حارجهم عن زمن توليهم مسؤولية الكهرباء وماذا قدموا، وإن كنت رجلاً خذ كلمة صدق! يسألونك عن سبب تراجع أمل. عاينوا جيداً حتى تعرفوا السبب.
صباح اليوم سيحولوني بفضل جيش المغرّدين الى عميل سفارات. سيتصلون بحزب الله كي أسكت، كما درجت العادة، لكني قررت هذه المرة عدم الرد.
عبدالله قمح