قائد اليونيفيل يتمرجل على شرطة البلديّة

لم يجد القائد الجديد لقوات الطوارئ الدولية المعزّزة في جنوب لبنان (اليونيفيل)، الجنرال الايطالي ستيفان ديل كول، سوى “المرجلة” على شرطة البلدية حتى يفرض هيبة القبعات الزرق المفقودة من جراء افعال بعض الكتائب التي تدرج تحت خانة الاستفزازية مما أدى ويؤدّي الى انخفاض مستوى احترام القوة ككل لدى كثير من ابناء الجنوب.

كنّا نظن أن القائد الجديد لليونيفيل سيكون نسخة مختلفة عن سلفه الجنرال الأيرلندي مايكل بيري لناحية الالتزام بمعايير الحياد والابتعاد عن الاستفزاز، لكن واقعتان اثبتتا العكس إذ أن الضابط الإيطالي لم يعتمد في ميزان تصرفاته، عطفاً على تصرّفات القوة المشرف عليها مقتضيات السلام الموكلة إليه والتي تفرض عليه الحياد، ما أثار الشكوك حوله ووضعه تحت الرصد والمتابعة.

الواقعة الاولى حدثت قبل ساعات، إذ أقدم جنود اسرائيليون للاعتداء على دورية تابعة لاستخبارات الجيش اللبناني وهي تقوم بجولة تفقد بين النقطتين الحدوديتين B14 وB36 في خراج بلدة رميش قضاء بنت جبيل، وذلك عبر القاء ست قنابل دخانية باتجاه عناصر الدورية واشهار السلاح في وجههم واستقدام تعزيزات عسكرية من بينها دبابة ميركافا وتهديدهم بها، لكن افراد الدورية أكملوا عملهم دون اي اكتراث.

وعلى الرغم من صدور بيان عن مديرية التوجيه في الجيش يشرح ما حدث، غابت قيادة اليونيفيل في الناقورة عن اصدار اي تعليق على عكس ما درجت العادة في حالات مماثلة، واكتفت بإيفاد ضابط ارتباط لمتابعة الموضوع مع الجيش اللبناني!

الواقعة الثانية تسبق الاولى عمراً وحصلت على مسافة قصيرة منها، حيث كانت دورية روتينية عادية تابعة لليونيفيل تمرّ من شارع رئيس لأحدى القرى الجنوبية، فلاحظ جنود الدورية وجود شرطي بلدية ينظم السير واضعاً على خصره مسدساً حربياً بشكل ظاهر. طبعاً جنود الكتيبة لم يتعرضوا للشرطي ربما كي لا تضاف الى الاجواء المشحونة شحنة توتر اضافية، لكن الضابط المشرف على الدورية همّ فوراً بإبلاغ الناقورة بما رأى من خلال تقرير مكتوب وضعت نسخة منه على طاولة ديل كول.

وفق معلومات “ليبانون ديبايت” توجّه اللواء ديل كول الى قائد الكتيبة بتأنيب بسبب عدم اقدام عناصره على نزع مسدس الشرطي! تبرير الجنرال الايطالي كان ان الشرطي يخالف مدرجات القرار 1701 الذي يحظر وجود سلاح ظاهر من غير القوى المسلحة التقليدية في منطقة عمل اليونيفيل على اعتبار انها منطقة “منزوعة السلاح”، لذا يتوجب في المرة القادمة على عناصر الكتيبة تنفيذ مهامهم ونزع السلاح!

هكذا إذاً حلل الجنرال ديل كول الحادثة وصوب اوامره! يريد أن يفرض المنطقة منزوعة السلاح والشروع بتطبيقها على ظهر شرطي البلدية كتدبير أولي قد يتطور مع الايام ويشمل ملاحقة سلاح المقاومة التي تنشط مدعومةً بفقرة حيوية وردت ضمن البيان الوزاري تتيح لها العمل بشكل شرعي، ما يجعل قوة اليونيفيل تتحول لأداة مواجهة تستفيد منها اسرائيل.

الحادثة الأخيرة أعادت تسليط الضوء على استنتاجات كثيرة مبنية على دلائل تقود للاعتقاد بضلوع قيادة اليونيفيل في اجراء تبديل موضعي على مهمتها الرئيسية المعلن عنها بعدما فشلت الدول المعنية بإدخال تعديل حرفي على قرار تفويضها بمهمة حفظ السلام جنوبي الليطاني، وهو ايضاً أمر ترصده جهات معنية بدقة ووضوح.

وبحسب ما هو ظاهر، تعمل اليونيفيل منذ مدة على تلبية المتطلبات الغربية من خلال تطبيق مبدأ الفصل السابع بالممارسة والفعل الميداني من خارج نص القرار، وادخال تغييرات على مهمتها المنصوص عنها في القرار الدولي 1701، كمثل تقصد استبعاد الجيش اللبناني واستخباراته عن المشاركة في الدوريات، ثم القيام بجولات ودوريات داخل ازرقه وشوارع بعض البلدات، وهو ما كان محظوراً في القرار 1701، ما يعني ان اليونيفيل اجرت تعديلاً على مهماتها من دون الرجوع الى قرار او نص حرفي ومن خارج رأي الحكومة اللبنانية.

ويتبين ان اليونيفيل مصرة على تسيير دوريات باستقلالية تامة من دون استئذان الجيش، علماً ان اليرزة وجهت أكثر من مذكرة تذكر فيها بمدرجات القرار 1701 الذي يلزم التشارك، لكن يبدو ان يونيفيل 2018 تأخذ القرار 2373 الذي يتضمّن بنداً يجيز التحرك بشكل مستقل كإطار ينظم حركتها ولا يجبرها على الرجوع الى تنسيق الحركة مع الجيش.

الجانب اللبناني يبدي انزعاجاً واضحاً في هذه التصرفات، خاصةً وأن لديه معلومات حول الغاية من الاقدام على تسيير دوريات في أماكن حساسة، تحوم شكوك حول احتمال ان تكون اسرائيل قد زودت كتائب اممية محددة بطلبات من اجل استطلاع شوارع بعينها وهو ما يمثل خروجاً عن المهمة الأساس.

عبدالله قمح

اخترنا لك