اليوم مساء، 6 ونصف، تظاهرة من أمام المجلس البلدي، للاعتراض على الحلول الرسمية لمسألة النفايات.
الهدف واضح: لا نريد حلولاً قاتلة. المطامر والمحارق تعتمدها “الدول” التي تريد أن تقتل شعوبها. ونحن لا نريد أن نُقتَل، ولا أن نكون شهود زور.
الذين يريدون الحلّ بالمحارق، هم أنفسهم الذين صنعوا “الحلول العظيمة” لمأساتنا اللبنانية.
فليتوقفوا عن الكذب. وليتوقفوا عن التزوير. وليتوقفوا عن تيئيس الناس. وليتوقفوا عن قتل اللبنانيين قتلاً مسموماً همجياً بارداً.
وليتوقفوا خصوصاً عن الغلاظة.
لم يعد مجدياً كلّ قولٍ في مسألة المحارق والمطامر. كلّ تفسيرٍ هو حرفٌ للأنظار عن الحقيقة، وتعميةٌ للناس، ومضيعةٌ إضافية للوقت.
هم يستمرون في هذه المهزلة الكارثية، فإيّاكم أن تسكتوا على تضييع الشنكاش. وعلى تخريب البوصلة، و”حرق” الحلّ الوحيد لمسألة النفايات.
هذه المسألة لا تتحمّل الشرح والتأجيل والتسويف والسفسطة.
افهموا. لا نريد محارق.
نحن أبناء البلد. نحن أبناء العاصمة. ونحن أولى منكم بتقرير مصائرنا.
الاعتراض على الحلول المقترحة حقٌّ مطلق، بل واجبٌ مطلق. وإنْ كنتم تطرحون الأسئلة والاستفهامات السخيفة حول المعترضين أو الداعين إلى التحرك، وحول التوقيت وسوى ذلك من ترّهات.
المعترضون على قوى الاعتراض، والمستهزئون بهم، والمستخفون بحراكهم الراهن، كما بحراكاتهم السابقة، يمكنهم أن يقولوا ما يشاؤون في هذا الصدد، وفي غيره.
يمكنهم أن ينعتوا بعضهم بقصر النظر. يمكنهم أن ينعتوهم بالتشرذم. يمكنهم أن ينعتوهم بالموسمية والظرفية والمزاجية. وإلى آخره.
المسألة ليست هنا.
المسألة أن المعترضين الخبراء والاختصاصيين المحنّكين يقترحون حلولاً بيئية وصحية ومجزية تنقذ لبنان واللبنانيين، ويقولون إن المحارق تحرق لبنان.
لذا نحن أيضاً نضمّ صوتنا إلى صوتهم ونقول: لا نريد محارق.
هؤلاء الخبراء والاختصاصيون المحنّكون الذين لا تربطهم أي صلة، وأي مصلحة، بقوى السلطة، وبأهل المحاصصة، وبأصحاب الصفقات والمشاريع والخطط الجهنمية، قالوا كلمتهم الفصل: المحارق قاتلة. ولا نريد أن نقبل بحلّ المحارق.
ألا يكفي أن قوى السلطة وأهل الطبقة السياسية يحرقون لبنان الدولة، دستورياً وقانونياً وسياسياً واقتصادياً ومالياً ومجتمعياً وعلمياً وتربوياً، وينهبون الخزينة، ويدمّرون المؤسسات، ويفقّرون الناس، ويقسّمون الفقراء، ويهشّلون الشباب؟!
ماذا يريدون أيضاً؟ ولماذا يريدون أن يأخذوا بالحلّ عبر المحارق؟
لماذا تريدون المحارق، أيها القتلة؟
ألكي تكون النتيجة شبيهةً بالحلول التي تضعونها لتفسير الدستور، للسيادة، للكرامة الوطنية، لانهيار التعليم، للجامعات، للمدارس، للكهرباء، للماء، للبحر، للشاطئ، لأزمة السير، للأملاك البحرية، للحشيشة، للغاز والبترول، للمحكمة الدولية، لتأليف الحكومات، لقوانين الانتخاب، لتنظيم الانتخابات، لإنتاج السلطة، لكمّ الأفواه، لترويع أهل الرأي والفكر والقانون، لتمريغ الأحرار، ولربط لبنان بالمحاور الإقليمية والدولية؟
المسألة واضحة، والموضوع واضح ومحدد:
لا نريد محارق للنفايات. المحرقة اللبنانية تكفي.
عقل العويط